"ترامب" ليس الوحيد الذي يرى دول أفريقيا أوكارًا قذرة
خاص سياسي - جهاد السقا
اشتعل الإنترنت بموجة من الغضب بعد أن استخدم ترامب كلمة "أوكارًا قذرة" لوصف دول أفريقيا؛ فظهرت العديد من التصريحات تطالبه بالاعتذار، ومن المؤكد أن هذا الغضب سيظل فترة قبل أن يهدأ.. ولكن ما الذي جعل ترامب يقول ذلك؟ إنه فقط يعبر عن اعتقاد سائد منذ زمن بعيد وصورة ملازمة لدول أفريقيا في نظر الغرب والمسئول الأول عن تلك الصورة الخاطئة هو الإعلام؛ فترامب رجل يعشق البرامج التلفزيونية؛ فمصدر ثقافته الأساسي هو التلفاز الذي هو متيم به لدرجة كبيرة، ومن يتأمل الإعلام الغربي يرى بوضوح كيف يصور هذا الإعلام دول أفريقيا كدول بدائية تعاني من المرض والجهل والقذارة.
فقد أثبتت الدراسات أن عناوين الأخبار لمعظم القنوات الإخبارية الغربية تركز بشكل مبالغ فيه على سلبيات دول القارة الأفريقية وتصر على إظهار تلك السلبيات بشكل غير مبرر؛ فمثلا عند إعداد تقرير صحفي لبرنامج تلفزيوني مثل 60 Minutes يقوم الصحفي بالسفر إلى الدولة الأفريقية موضوع التقرير مثل ليبريا مثلًا ويكمل تقريره بالتركيز على مرض ما أو مشكلة ما دون أن يقوم بمحاورة مواطن واحد من الدولة.
إن الإعلام الغربي دائمًا ما يتعامل مع الدول الأفريقية بشكل غريب للغاية؛ فتجد أن القائمين على تلك الصناعة يصرون دائما على إظهار الصحافة الغربية على أنها تقوم بدور المنقذ للدول الأفريقية؛ فتجد عند محاولتهم لوصف دولة مثل زامبيا يكتبون عن انتشار العنف والملاريا والقذارة في البلد متجاهلين تماما أن تلك الدول الأفريقية تملك اقتصادًا يعد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، ومتناسين حقيقة أن من تلك الدول من طبقت نظام تحويل الأموال عن طريق الهاتف الخلوي قبل أن تفعل الولايات المتحدة ذلك مثل كينيا، ومتناسين تمامًا أن بعض الدول الأفريقية بدأت تصنع سيارات بنفسها وبدأت في تطبيق تكنولوجيا صديقة للبيئة وبدأت في الإعداد لرحلات استكشاف الفضاء.. فعندما يتعلق الأمر بأفريقيا تجد الإعلام الغربي لا يهتم كثيرا بالنواحي الإيجابية.
فكلام ترامب عن أفريقيا هو فقط دليل آخر على إصرار الغرب على معاملة دول أفريقيا كأنها حثالة؛ فهو دليل على أن أمريكا في طريقها إلى إعادة سيطرة البِيض بحظر دخول المهاجرين من بعض بلاد أفريقيا والشرق الأوسط وترحيل عدد كبير من المتواجدين بالفعل داخل الولايات المتحدة، ولكن في ظل موجة الغضب الحالية سيكون على الإعلام الغربي إعادة النظر في توجهاته فيما يخص الدول الأفريقية.
فما يبثه هذا الإعلام وما يركز عليه من مشاكل وقضايا سلبية في الدول الأفريقية هو العامل الرئيسي الذي يكوّن لدى الشعب الأمريكي -وعلى رأسهم ترامب- تلك الفكرة المغلوطة عن القارة الأفريقية واعتبارها وكرًا للقذارة على حد قول الرئيس الأمريكي.