التأثير الكارثي لقرار ترامب على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي
خاص سياسي - جهاد السقا
أثار قرار دونالد ترامب -بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس- غضب الفلسطينيين الذين يرغبون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية. وعلى الرغم من مخاوف البعض فإن هذا القرار لم يلقَ كثيراً من المعارضة من البلاد المسلمة.
فعلى الرغم من أن غالبية الدول عارضت السياسة الأمريكية الجديدة بهذا الشأن؛ حيث صوتت 128 دولة ضد القرار إلا أن الدول العربية تبدو لا تأبه لذلك، حتى إن جريدة النيويورك تايمز نشرت خبرا الأسبوع الماضي عن مكالمات هاتفية بين ضابط مخابرات مصري وبعض رجال الإعلام البارزين يملي عليهم تسويق فكرة نقل السفارة الأمريكية وإقناع الشعب بعدم التعبير عن غضبهم ضد إسرائيل.
لذا يعتقد بعض أعضاء الحزب المحافظ في الولايات المتحدة أن غياب رد فعل الدول المسلمة خير دليل على صحة قرار ترامب، ولكنهم بذلك يتجاهلون التأثير الحقيقي لقرار ترامب بجعل القدس عاصمة لإسرائيل؛ فإن خطورة هذا القرار لا تكمن في إثارته لغضب الأمة العربية من عدمه ولكن لأنه يقضي على أي فرصة لإقامة دولتين منفصلتين كحل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. والبديل الوحيد لهذا الحل هو إقامة دولة واحدة كبيرة -أي دولة إسرائيلية كبيرة- تحتوي فيما بينها على المستوطنات.
فالدولة الوحيدة المحتملة إما ديموقراطية أو يهودية ولكن لا يمكن إقامة دولة يهودية ديموقراطية بتلك الطريقة؛ لذا فقرار "ترامب" بنقل السفارة يعد مسمارا آخر في نعش الصهيونية الليبرالية.
مباشرة بعد إعلان ترامب مررت اللجنة المركزية لحزب الليكود الحاكم قراراً للدعوى إلى ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، كما مرر الكينيست تعديلًا يطالب فيه بفرض السيطرة الإسرائيلية على كافة مناطق القدس؛ مما يجعل التوصل إلى اتفاق سلمي مع الفلسطينيين أمرًا مستحيلًا.
وقد علق مصطفى البرغوثي -أحد أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية- على قرار ترامب قائلاً: "قبل قرار ترامب كانت عملية السلام في حالة جمود، ولكن آمن كثير من الناس أن معاودة المفاوضات أمر محتمل الوقوع.. أما بعد القرار أصبح تحقيق السلام أمراً مستحيلاً".
"وإذا أصبح احتمال إقامة دولة فلسطينية أمرًا مستبعدًا فستكون هناك دولة واحدة كبيرة هي إسرائيل تحتوي على جميع أراضي المنطقة ولن يبقى للفلسطينيين سوى نظام يعتبرهم مجموعة من الناس لا وطن لهم تحكمهم عدة قوانين تختلف عن القوانين الحاكمة للمواطنين الإسرائيليين؛ وهي حالة يمكن وصفها بالفصل العنصري، فمسمى "الفصل العنصري" يتماشى تماما مع طبيعة تلك الدولة المستقبلية".
"فلا يوجد مصطلح سياسي آخر يمكن استخدامه لوصف نظام سياسي يحتوي على عرق معين يحكم عرقا آخر ويحكم عليه بالتواجد في عزلة جغرافية ويمنعه حق التمثيل السياسي. فالوضع سيتحول ويجعل الفلسطينيين ينادون بحقهم في المساواة بعد أن كانوا يحاربون من أجل الاستقلال".
"وبالطبع لن تقبل إسرائيل بمنح الفلسطينيين تلك المساواة بسبب مخاوفهم من غلبة عدد الفلسطينيين في المنطقة؛ مما سيمنحهم النسبة الأكبر في التمثيل السياسي -وبالتالي الدولة بأكملها- مما سيقضي على الدولة اليهودية، وهذا معناه أن وجود دولة واحدة في المنطقة يعني انتهاء الصهيونية الليبرالية".