مجلة أمريكية تكشف تفاصيل صفقة أوباما مع إيران وعلاقة "حزب الله" بتجارة المخدرات

مجلة أمريكية: تكشف تفاصيل صفقة أوباما مع إيران وعلاقة "حزب الله" بتجارة المخدرات
مجلة أمريكية: تكشف تفاصيل صفقة أوباما مع إيران وعلاقة "حزب الله" بتجارة المخدرات

كشفت مجلة بولتيكو الأمريكية تفاصيل موسعة عن الصفقة التي وقَّعها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مع إيران، وأتيح بموجبها استمرار حزب الله اللبناني المدعوم من طهران، مؤكدةً أن هذه الصفقة كانت جزءاً من الصفقة التي أبرمها أوباما مع إيران وعُرفت باسم صفقة الاتفاق النووي في عام 2015.


وقالت المجلة في تحقيق مطول لها، إن إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية جمعت أدلة على تحوُّل حزب الله من منظمة عسكرية سياسية مؤثرة في الشرق الأوسط إلى نقابة دولية للجريمة؛ حيث يُعتقد أن الحزب كان يجمع سنوياً قرابة مليار دولار من تجارة المخدرات والسلاح.

وبحسب المجلة الأمريكية، فإنه وتحديداً في عام 2008، رصدت إدارة مكافحة المخدرات توجه كميات من الكوكايين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإن من يقف وراء تلك العمليات هو حزب الله المدعوم من إيران، لتبدأ بعدها حملة أطلق عليها اسم "كاساندرا"، أثبتت أن الحزب تحول إلى منظمة لتجارة المخدرات.

وأضافت المجلة أنه على مدى ثمانية أعوام، استخدم عملاء يعملون لصالح منشأة سرية تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية في ولاية جورجيا لتتبع مسار عمليات التهريب، التي يقوم بها حزب الله، حيث كانت عمليات المراقبة والتتبع تجري بالتعاون مع 30 وكالة أمنية أمريكية وأجنبية.

وتابعت: "بعض شحنات الكوكايين التي تم تتبعها كانت تنقل من أمريكا اللاتينية إلى غرب أفريقيا وإلى أوروبا وإلى الشرق الأوسط، في حين أن البعض الآخر كان يجري نقله عن طريق فنزويلا والمكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

واستطردت المجلة بالقول: "لكن مع وصول لعبة التتبع إلى رأس الهرم في تلك السلسلة من العمليات القذرة التي كان يقودها حزب الله، ظهرت عقبات من مسؤولين في إدارة الرئيس أوباما، لم يكن بالإمكان التغلب عليها".

وأوضحت: "فبحسب مقابلات أُجريت مع عشرات المشاركين في عملية التتبع تلك، فإن قادة عملية "كاساندرا" حاولوا الحصول على موافقة من أجل إجراء واستكمال التحقيقات والملاحقات والاعتقالات، إلا أن مسؤولين في إدارات العدل والخزانة تأخروا أو عرقلوا أو حتى رفضوا مثل هذه الطلبات.

وأضافت: "فعلى سبيل المثال، رفضت وزارة العدل الأمريكية طلبات من القائمين على العملية، بتقديم طلبات جنائية ضد لاعبين رئيسين في ملف تهريب المخدرات الذي يديره الحزب، ومنهم مبعوث إيراني من قوة القدس ضمن شبكة موجودة في الولايات المتحدة، بالإضافة الى مصرف لبناني كان يُجري عملية غسل الأموال من الأرباح التي يستولي عليها الحزب من تجارة المخدرات.

وأيضاً، فإن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت طلباً لجذب أهداف عالية القيمة إلى الدول التي يمكن اعتقالهم فيها.

"بولتيكو" قالت إن أوباما، الذي تولى منصبه في عام 2009، وعد بتحسين العلاقات مع إيران؛ كجزء من تقاربه الأوسع مع العالم الإسلامي، وأيضاً خلال حملته الانتخابية التي كانت تقوم على انتقاد سياسات سلفه جورج بوش حيال إيران، وهو ما فعله.

واستطردت بالقول: "بل إن الرجل الذي كان مستشاراً لأوباما في حملة مكافحة الإرهاب، وأصبح مديراً للاستخبارات المركزية الأمريكية لاحقاً، جون برينان، ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أوصى في ورقة سياسية له بأن أمام الرئيس المقبل الفرصة لإقامة مسار جديد من العلاقات بين البلدين وليس فقط حوار مباشر، وأيضاً استيعاب أكبر لحزب الله اللبناني ضمن النظام السياسي في لبنان.

بحلول مايو 2010، أكد برينان، الذي كان وقتذاك مساعداً للرئيس لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، أن إدارة أوباما تبحث عن سبل لبناء عناصر معتدلة داخل حزب الله، مؤكداً في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن، أن حزب الله منظمة مثيرة للاهتمام، وأنها تطورت من منظمة إرهابية محضة إلى مليشيات، وفي نهاية المطاف إلى حزب سياسي لديه ممثلون في البرلمان اللبناني ومجلس الوزراء.

وأضاف: "هناك فعلاً عناصر داخل الحزب تشكل مصدر قلق لنا، ولكن يجب إيجاد سبل لتقليل نفوذهم داخل المنظمة ومحاولة بناء عناصر أكثر اعتدالاً".

وأشارت المجلة إلى أن "هذه الرغبة داخل إدارة أوباما لإيجاد أرضية تفاهم مع إيران فيما يخص حزب الله، مكَّنت الحزب من القيام بتجارة المخدرات، خاصةً أن إدارة أوباما كانت تؤمن بضرورة أن يكون لحزب الله دور جديد في الشرق الأوسط".

قوَّضت إدارة أوباما عملية ملاحقة عناصر الحزب المتهمة بعمليات الاتجار بالمخدرات، ومنها على سبيل المثال شخص من كبار قادة الحزب الذين يقفون وراء عمليات التهريب، ويلقب بـ"الشبح"، الذي كان يعتبر من أكثر الشخصيات التي وُجهت لها لوائح اتهام سرية داخل الولايات المتحدة، وكان "الشبح" من موردي الأسلحة لنظام بشار الأسد في سوريا، بحسب المجلة الأمريكية.

وقالت: "عبد الله صفي الدين، هو أحد الشخصيات التي تم التعرف عليها، وكان يقوم بعمليات التهريب وتجارة المخدرات، وهو مبعوث لحزب الله داخل إيران، ويشرف على متابعة ملف المخدرات الدولي الذي يديره الحزب، حيث رفضت وزارة العدل الأمريكية وضعه على لائحة الشخصيات الخطرة".

وأضافت: "بل إن إدارة أوباما رفضت الجهود التي قام بها المسؤولون على عملية متابعة أنشطة حزب الله، من أجل توجيه الاتهام إلى الجناح العسكري لحزب الله، وضمه إلى لائحة المنظمات الإجرامية؛ لكونه يتاجر بالمخدرات على غرار ما يفعل مع المافيا.

مسؤولون سابقون في إدارة أوباما قالوا إن هذه الاتهامات هي اتهامات فردية، في وقت أدانت وزارة الخارجية الأمريكية قراراً تشيكيّاً، رفضت بموجبه براغ تسليم واشنطن أحد عناصر الحزب المتهمين بعمليات تهريب مخدرات.

وتكشف المجلة أنه وفي ظل المفاوضات التي كانت تجري بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وإيران حول الملف النووي، فإن تجارة المخدرات كانت تتأثر تبعاً لما هو عليه ملف المفاوضات حول النووي الإيراني.

وأخيراً، توصلت إدارة أوباما إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني، بعد مفاوضات شاقة، وفي غضون ذلك مات مشروع "كاساندرا"، لتفقد معه الولايات المتحدة الأمريكية قدرتها، ليس على متابعة ملفٍ مثل ملف المخدرات وغيرها من الأنشطة الإجرامية حول العالم، وإنما أيضاً متابعة مؤامرات حزب الله غير المشروعة مع كبار المسؤولين في الحكومات الإيرانية والسورية والفنزويلية والروسية، بحسب المجلة الأمريكية.