بالأرقام .. "كويز" مكنت "إسرائيل" من التوغل في الاقتصاد المصري

بالأرقام .. "كويز" مكنت "إسرائيل" من التوغل في الاقتصاد المصري
بالأرقام .. "كويز" مكنت "إسرائيل" من التوغل في الاقتصاد المصري

مضى أكثر من 13 عاماً على توقيع مصر والولايات المتحدة وإسرائيل اتفاقية "المناطق الصناعية المؤهلة (كويز)"، والتي بموجبها تصدَّر منتجات وسلع مصرية محددة إلى الأسواق الأمريكية دون جمارك.


وشكلت الاتفاقية، التي أثارت جدلاً حاداً في الأوساط المصرية عند توقيعها، قفزة هائلة في دخول الصادرات الإسرائيلية للأسواق المصرية.

واتفاقية "كويز" أبرمتها مصر والولايات المتحدة وإسرائيل في ديسمبر 2004، ودخلت حيز التنفيذ مطلع العام 2005.

وتنص على السماح للمنتجات المصرية بالدخول للأسواق الأمريكية دون جمارك، شرط أن يكون المكون الإسرائيلي من المواد الخام الداخلة في صناعة هذه المنتجات 11.5%، وانخفضت النسبة إلى 10.5% في العام 2007.

ووفق بيانات رسمية وغير رسمية حصل عليها "الخليج أونلاين"، فإن الاتفاقية التي حققت مكاسب محدودة للقاهرة، مكنت تل أبيب من التوغل في الاقتصاد المصري بشكل غير مسبوق، لترتفع قيمة صادرتها إلى مصر بنسبة تتجاوز الـ800%، علاوة على تحقيقها مكاسب سياسية كبيرة.

وتشير بيانات وزارة التجارة والصناعة المصرية المنشورة بداية العام الجاري، أن إجمالي صادرات الاتفاقية منذ 2005 حتى عام 2016، بلغ 9 مليارات دولار أمريكي، منها 674.4 مليون دولار خلال العام 2015 فقط.

ومن الـ9 مليارات دولار صادرات ملابس جاهزة ونسيج بقيمة 760.1 مليون دولار، وصادرات مواد غذائية بكلفة 3.9 ملايين دولار.

- فائدة مصرية محدودة
كما تظهر أرقام وحدة "كويز" بوزارة التجارة والصناعة المصرية أن قيمة صادرات البلاد للولايات المتحدة، خلال النصف الأول من سنة 2017، سجلت 370، مقابل 346.5 مليون دولار، في الفترة المناظرة من العام الماضي بنسبة زيادة 6.7%.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة منذ بداية 2017 حتى نهاية يوليو الماضي بنسبة 15%، ليصل إلى 3.4 مليارات دولار.

وطبقاً لذات البيانات الرسمية المصرية، فقد بلغ إجمالي الشركات المستفيدة من الاتفاقية 966 شركة مصرية، منها 35 واحدة تستحوذ على 82% من الصادرات، و931 شركة لها نسبة 18% فقط.

وتؤكد الأرقام الأخيرة أن الفائدة الاقتصادية التي تحصلها مصر من اتفاقية "كويز" تعود على عدد محدود من الشركات فقط.

ولعل أهم ما يعزز هذا الاستنتاج أرقام نشرتها صحيفة "الوطن" المصرية، تظهر أن 400 مصنع للملابس الجاهزة والنسيج تعمل في إنتاج صادرات "كويز" إلى الولايات المتحدة؛ 20 مصنعاً منها تستحوذ على 80% من تلك الصادرات، وأغلبها مصانع تتبع لكبار المصدرين والصناعيين في مصر.

ونقلت الصحيفة ذاتها عن مصدر في وزارة التجارة والصناعة المصرية (لم تسمّه)، أن صادرات مناطق "كويز" المستهدفة تصل إلى 3.5 مليار دولار خلال 3 أعوام فقط، إلا أن الأرقام سابقة الذكر تؤكد عدم تحقيق هذا المبلغ، إذ بلغ متوسط قيمة الصادرات السنوي نحو 690 مليون دولار فقط، من أصل 1.16 مليار دولار سنوياً.

إذن فإن تلك الأرقام ربما تعكس في جزء منها جانباً إيجابياً حققته الاتفاقية لمصر، إلا أنها على الناحية المقابلة حققت مكاسب قيمة لإسرائيل اقتصادياً وسياسياً.

فقبل دخول الاتفاقية الموقعة عام 2004 حيز التنفيذ سنة 2005، كان إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى مصر لا يتجاوز الـ29 مليون دولار فقط، وارتفع بشكل صاروخي ليصل عام 2011 إلى 236 مليون دولار، قبل أن يعود للانخفاض إلى 113.1 مليون دولار عام 2015، نظراً لتداعيات ثورة 25 يناير التي أثرت على الاقتصاد المصري عموماً.

وعلى الرغم من ارتفاع الصادرات الإسرائيلية إلى مصر، فإنه لم يكن هناك زيادة في حجم الاستيراد الإسرائيلي المتواضع للمنتجات المصرية، فقد بلغ 54.6 مليون دولار عام 2015، وفي 2014 كان الرقم يصل إلى 58.3 مليون دولار.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في تصريح على موقعها الإلكتروني: إن "التقلبات في المشهد المصري أفضت إلى انخفاض حجم التبادل التجاري، وتتجدد حالياً المساعي لتعزيز الاقتصاد بما يخدم المصالح القومية لكلا الطرفين".

وبعد استعراض تلك الأرقام يمكن القول إن اتفاقية "كويز" كانت بالنسبة لإسرائيل خطوة ناجحة لتحطيم حاجز دخولها للاقتصاد المصري، كما أنها أعطت شرعية واسعة لتعزيز العلاقات بين الشركات المصرية والإسرائيلية، بعد أن كانت محدودة للغاية ومحظورة في بعض الأحيان.

- مصالح إسرائيلية أمريكية
وقال غابي بار، مسؤول الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإسرائيلية، في تصريحات نقلتها صحيفة "هآرتس" العبرية، مؤخراً: إن "مصر وإسرائيل تعملان على مضاعفة حجم صادراتهما المشتركة للولايات المتحدة".

وأضاف بار أن "زيادة حجم الصادرات المشتركة يدعم العلاقات الثنائية الاقتصادية بين تل أبيب والقاهرة".

وهنا يقول الخبير الاقتصادي المصري، عاصم أبو العز: إن "القاهرة أجبرت على اتفاقية كويز وذلك ليس استهدافاً للمنافع الاقتصادية منها، وإنما تجنباً لخسائر كبيرة كانت بانتظار قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة وصادراتها إلى الولايات المتحدة".

وأضاف، في حديث خاص لـ"الخليج أونلاين": "المنتجات المصرية كانت ستواجه منافسة شرسة مع الصينية والهندية والأردنية التي وقعت على البروتوكول 1996، فكان لا مفر من التوقيع على البروتوكول قبل نهاية عام 2004".

وأكد أبو العز أن مصر تمكنت من تحقيق منافع اقتصادية من خلال هذه الاتفاقية، مشيراً إلى أن اقتصاد إسرائيل استفاد منها أيضاً بعد أن ارتفع حجم الصادرات الإسرائيلية إلى مصر بشكل كبير عقب توقيع الاتفاق.

ورأى الخبير الاقتصادي أن النقطة المهمة والهدف الأساسي من الاتفاقية يتمثل في توغل الاقتصاد الإسرائيلي داخل المجتمع العربي بخطوات ثابتة.

وقال أبو العز: إن " المكسب الحقيقي سياسي، وهو يهمش بجانبه أي رقم اقتصادي، فقد سمحت الاتفاقية باختراق رسمي للسلع أو المواد الخام الإسرائيلية للأسواق في مصر والأردن لتجعل من وجودها أمراً طبيعياً داخل المنطقة".