دعم "ترامب" لمحمد بن سلمان سيوقعه في ورطة

ألقى الرئيس الأمريكي "ترامب" خطابًا مؤخرًا يصف فيه زيارته لآسيا وكأمر طبيعي وصفها بأنها رحلة ناجحة للغاية قائلًا "بلدنا العظيمة استعادت مكانتها مجددا في آسيا". ولكن كل استطلاعات الرأي تدل على العكس فقد ركز "ترامب" في زيارته على اليابان وكوريا الجنوبية وأظهرت النتائج أن 17% فقط من المواطنين في كوريا الجنوبية  و 24% فقط من اليابانيين لديهم ثقة في الرئيس الأمريكي مما يدل على أن النسبة انخفضت من 88% و 78% مما كانت عليه خلال فترة الرئاسة الثانية ل"أوباما".


 فتأكيد "ترامب " على مصلحة أمريكا فقط بشعاره "أمريكا أولا" جعل الآسيويين ينظرون إلى أمريكا على أنها لا تأبه بالشأن الدولي على عكس الرئيس الصيني الذي يتبنى سياسة منفتحة على العالم.

وعامة فإن سياسة "ترامب" الخارجية تواجه تحديًا جديدًا قد يزيد من التوتر في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر المنطقة الأكثر نزاعا في العالم. فقد أعطى ترامب الضوء الأخضر لسلسة غريبة من الأحداث في المملكة السعودية.

قام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالعديد من الخطوات من شأنها تعزيز سلطته وحكمه على البلاد فقد اعتقل العديد من رجال الدين المتشددين وبعض من النشطاء السياسيين بينما قام مؤخرًا باعتقال عدد من الأمراء ذوي النفوذ القوي في البلاد ومنهم رئيس الحرس القومي والملياردير المستثمر الوليد بن طلال بزعم تورطه في قضايا فساد.

 ويقال أن كل أمير في المملكة السعودية له نصيبه من الفساد الإداري الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من النظام وإذا كان الاعتقالات تلك سببها الفساد فالوليد هو آخر أمير يمكن أن يتورط في هذا.

كما أنه إذا كان الأمر سببه محاربة الإرهاب فلن يتم اعتقال وتجميد أرصدة محمد بن نايف ولي العهد السابق الذي كان حليفًا للولايات المتحدة حتى أنه ساهم في الحرب ضد القاعدة وكان دائمًا محل إشادة الأمريكان. ولكن يبدوا أن "ترامب" يرحب بحملة التطهير تلك التي تمت بدون توجيه أي اتهامات أو إجراءات رسمية.

تاريخيًا فإن نظام المملكة السعودية يعتمد على ثلاثة ركائز وهم العائلة المالكية التي تتألف من حوالي 15 ألفا أو 30 ألفًا فرد يتزاوجون فيما بينهم والركيزة الثانية هي القبائل أم الركيزة الثالثة هي المؤسسة الدينية المتحفظة للدولة التي اكتسبت سلطة واسعة خلال الأربعة عقود الماضية. ويبدوا أن محمد بن سلمان قد عقد العزم على تغيير هذا النظام بأكمله وتركيز القوة في يديه فهو بذلك يزعزع نظام البلد الذي كان يعتمد دائمًا على المحاباة للعائلة الملكية لتصبح دولة بوليسية تعتمد على الحكم المطلق.

والأمر يحتمل في طياته العديد من العواقب الوخيمة فقد صعد الأمير الحرب في اليمن بالضربات الجوية وفرض الحصار على قطر وأرغم الرئيس اللبناني على الاستقالة، كل هذا بهدف الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة.

وعامة فإن المحاولات السعودية لم تنجح في تحقيق مسعاها فالحرب في اليمن قد تحولت لكارثة إنسانية وأصبحت المملكة السعودية تواجه خطرًا محتمًا على حدودها مع اليمن كما أن قطر لا تبدوا أنها ستغير موقفها.

والنتيجة الوحيدة لأفعال الأمير بن سلمان هي أنه زاد من التوتر في منطقة الشرق الأوسط ومع دعم "ترامب" سوف تجد الولايات المتحدة نفسها في ورطة وسط هذه الفوضى العارمة في منطقة الشرق الأوسط.