روسيا ترعى المفاوضات السورية بمباركة "ترامب"

مع اقتراب نهاية الدولة الإسلامية في سوريا ازدحم المشهد السياسي بالعديد من المحاولات الدبلوماسية التي تهدف إلى إنهاء الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد. فستنعقد جلسة جديدة برعاية الأمم المتحدة قريبًا في جينيفا بعد المؤتمرات العديدة التي أقيمت الأسبوع الماضي التي عقدتها دول روسيا والسعودية بالإضافة إلى مكالمة تليفونية استمرت ساعة كاملة بين الرئيس الأمريكي "ترامب" و الرئيس الروسي "بوتن" لمناقشة آخر تطورات الوضع في سوريا. ولكن تبدوا التصريحات العامة ونتائج المؤتمرات جميعها متناقضة ومثيرة للحيرة. إلا الملخص المفيد عن الأمر يكمن في صورة واحدة فقط، الصورة التي يظهر فيها "بوتن" يحتضن" الرئيس الروسي "بشار الأسد" عند لقاءهما في سوتشي بروسيا الأسبوع الماضي.


يبدوا أن تلك اللفتة هي تعبير "بوتن" عن الاحتفال بنجاحه في إنقاذ نظام الأسد من الهزيمة العسكرية وتحويلها إلى سلسلة من الانتصارات على المعارضة التي كانت دول الغرب تدعمها خلال العامين الماضيين. كما أن نفس الصورة تبين أهداف "بوتن" المستقبلية وهي دعمه المطلق للنظام الحالي مما يؤمن لروسيا مكانًا في الشرق الأوسط و يدل على تهميش دور الولايات المتحدة.

والغريب أن "ترامب" يبدوا سعيدًا بما يحدث حتى أنه يظهر تضامنه لهذا المشروع الذي من شأنه أيضًا تعزيز وضع إيران في سوريا. فبعد مكالمته الهاتفية مع "بوتن" أظهر تضامنه مع خطط الرئيس الروسي التي تنص على إجراء مفاوضات جديدة بين نظام الأسد ومجموعة المعارضة لوضع دستورًا جديدًا. كما أن تركيا وإيران أيضًا أظهرا دعمهما لتلك الخطة التي تتولى روسيا تنفيذها. كما تلعب السعودية أيضًا دورًا هاما حيث عقدت اجتماعًا لمجموعة المعارضة لتشكيل فريق للتفاوض بعد التخلص من العشرات من قادة تلك الجماعات الذين رفضوا استمرار بشار الأسد في الحكم.

ويشير المسؤولون في إدارة "ترامب" إلى محاولات "بوتن" لإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة تضمن مشاركة كل الفئات في سوريا بما في ذلك نصف السكان الذي هجروا بسبب الحرب. ولكن في الحقيقة أن فرصة الأسد في الفوز بتلك الانتخابات تقريبًا منعدمة لذا فالأفضل أن يرفض النظام وداعميه من الدول وهم تركيا وموسكو مثل تلك الفكرة التي تنادي بإجراء انتخابات نزيهة.

ومن الناحية الأخرى يسعى البنتاغون إلى السيطرة على العملية السياسية بترك القوات العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا لدعم القوة العربية الكردية التي تتحكم في حقول البترول هناك. ولكن ما فعله ترامب يوحي بعكس ذلك فقد وعد الرئيس التركي "أردوغان" بأنه سيوقف نقل القوات العسكرية لكردستان مما أثار دهشة جهاز الأمن الوطني الأمريكي.

وقد يحدث أن يفشل "بوتن" في تحقيق الاستقرار في الأراضي السورية على الرغم من ضعف المعارضة وعدم ثبات الموقف الأمريكي. فهو بالفعل قد اضطر إلى تأجيل مؤتمر كان يأمل أن يعقده في سوتشي لمناقشة الاقتراحات بشأن مواد الدستور فالمعارضة صرحت بأنها تفضل إجراء تلك المفاوضات في جينيفا بالإضافة على اعتراض "اردوغان" على مشاركة الأكراد في تلك المفاوضات. كما أجلت حكومة الأسد إرسال وفدها لجينيفا على الرغم من تأكيد "بوتن" على اشتراك النظام في المفاوضات.

وعامة فقد استطاعت روسيا أن تحل محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويعد ترحيب "ترامب" بهذا الامر ديلًا على احترامه الغير مسبوق للكرملين.