4 مخاطر غير متوقعة من المدفأة الكهربائية فى الشتاء .. تجنبها!
تحول الشتاء في أغلب البلدان العربية إلى صقيع شديد البرودة شتاءً، وحرارة شديدة الرطوبة صيفًا، وخلال ذلك يضطر الكثيرون في مثل هذه الأجواء الباردة إلى استعمال المدفأة الكهربائية، لكنهم لا يتصوّرون ما قد تسببه لهم تلك المدفأة من أضرار صحية كبرى. نتناول في هذا التقرير بعضًا من هذه المخاطر، وما ينصح به المختصّون كي نحدّ من أضرارها.
استنزاف كامل وخطير لرطوبة الهواء
تعدّ هذه المشكلة من الأكثر مشاكل استخدام المدفأة الكهربائية شيوعًا؛ إذ يجفّف الهواء الخارج من المدفأة رطوبة هواء الغرفة الطبيعية؛ فيخفض نسبة رطوبة الهواء، ويحول الهواء الطبيعي الرطب إلى جاف؛ فيسبب خشونة وجفافًا في الجلد.
ولا يتوقف الأمر على جفاف الجلد فحسب؛ إذ قد يصل، في حالة إذا كان الشخص يعاني من حساسية في الجلد، إلى حدوث حكة واحمرار في الجلد، مع ارتفاع احتمالات انتقال العدوى، ويصبح الوضع، في حالة الرّضّع، أشدّ خطورة؛ إذ يُصاب الرضيع بالجفاف الشديد، الذي قد يسبّب له طفحًا جلديًّا، ونزيفًا في الأنف.
ويسبب تنفس الهواء الجاف أمراض الجهاز التنفسيّ، مثل: التهاب الشعب الهوائية، والربو، والجيوب الأنفية، وذلك بحسب تصريح الدكتور خالد المنباوي، أستاذ الحساسية والمناعة في المركز القومي للبحوث، وقد يحدث أيضًا نزيف بالأنف، بسبب الأغشية الجافّة، وعند دخول الغبار إلى هذه الأغشية المخاطية يصاب الشخص بالعدوى والالتهابات.
ينصح الأطباء، في محاولة للحد من جفاف هواء الغرفة، بوضع أوعية مملوءة بالماء في جميع نواحي المنزل، وذلك عند تشغيل المدفأة الكهربائية، مع الإكثار من شرب السوائل للحفاظ على الحلق والممرات الأنفية والشعب الهوائية رطبة، خالية من الجفاف.
حرائق مروّعة تلتهم كل شيء
قد تبدو المدفأة الكهربائية وسيلة مناسبة للتدفئة في ليالي الشتاء الباردة، كونها سهلة، ومريحة، وغير مكلفة ماديًّا، لكنها قد تتحوّل إلى كارثة مُرعبة، إذا استُخدمت بشكل غير صحيح؛ إذ تتسبّب، بحسب ما ذكرته مجموعة الصحة والسلامة البيئية بجامعة هارفارد، في حدوث 25 ألف حريق منزلي سنويًّا، و6 آلاف حالة طوارئ في المستشفيات.
ويحدث ثلث حرائق المنازل في الفترة ما بين ديسمبر (كانون الأول) إلى فبراير (شباط)، ويلاحظ أنها أشهر التدفئة المنزلية بسبب شدة برودة فصل الشتاء، وتعد المدفأة هي المسؤول الأول عن هذه الحرائق، وذلك وفقًا للجمعية الوطنية للحماية من الحرائق، لذا يُنصح بمراعاة إرشادات الأمان والسلامة عند شراء المدفأة الكهربائية واستخدامها.
قاتل صامت .. بلا لون أو رائحة
أحيانًا يتعرّض الناس إلى حوادث وفاة مفاجئة وغير متوقعة على الإطلاق، ورغم أن الموت هو الحقيقة الوحيدة التي أجمع عليها كل البشر، لكن قد يتعجّب البعض عند معرفتهم السبب. إحدى تلك الحوادث المُفزعة حين تُوفي، في ليلة واحدة، ثلاثة أشخاص في محافظة الدقهلية بمصر في يناير (كانون الثاني) عام 2016، وبعد هذه الحادثة المرّوعة بأيام لقيت أسرة مكوّنة من خمسة أفراد مصرعها للسبب نفسه، وهو تسرّب القاتل الخفي من المدفأة الكهربائية، بعد تعطّلها، خلال نومهم، وهو غاز أول أكسيد الكربون، الذي يتعذّر اكتشافه، كونه بلا لون أو رائحة، وقد يسبب، وبدون مقدّمات، وفاة الشخص الفورية عند التعرض له خلال النوم؛ لذا يُطلق عليه القاتل الصامت.
ويشرح الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال، أن هيموجلوبين الدّم يعشق أول أكسيد الكربون بما يوازي 200 مرة حبه للأكسجين، وفي حين أن الدور الأساسي للهيموجلوبين هو نقل الأكسجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم، فإن الهيموجلوبين يفشل وظيفيًّا في وجود أول أكسيد الكربون.
وتظهر على الأشخاص الذين يتعرّضون لغاز أول أكسيد الكربون، بحسب موقع قسم الحرائق في مدينة هولدن الأمريكية، أعراض مثل الغثيان، والدوار (الدوخة)، والصداع، والشعور بالإعياء، وعدم انتظام التنفّس، وقد يسبب فقدان الوعي، والموت نتيجة التسمّم، عند انتشاره في المكان بمستويات عالية جدًا، كونه غازًا سامًا يصعب التعرّف إليه.
وفي ذات السياق، ينصح المختصّون بالاهتمام بتهوية المكان الذي تعمل فيه المدفأة الكهربائية جيدًا، وذلك بفتح باب الغرفة، على غرفة أخرى أو مكان مفتوح به إحدى النوافذ، لضمان عدم انتشار أول أكسيد الكربون، خاصةً أوقات النوم.
أضرار خطيرة على صحة الأطفال
قد يقوى الكبار على مقاومة أضرار المدفأة الكهربائية، لكن ليس الأمر كذلك بالنسبة للأطفال؛ إذ يحذر طبيب الأطفال وحديثي الولادة الدكتور سامي عبد الشهيد من تعرض الأطفال للمدفأة الكهربائية، خاصةً في أوقات الصقيع الشديد؛ إذ تسخّن المدفأة درجة حرارة الغرفة كثيرًا، وبمجرد خروج الطفل منها، ومفاجأة الهواء البارد له، فإن هذا الموقف كفيل بإضعاف مناعة الطفل إلى حد كبير؛ ليصبح فريسةً سهلةً للفيروسات والأمراض.
ويؤكد عبد الشهيد أن تلك الفيروسات التي تهاجم الأطفال، وتسبّب احتقان الحلق، والرشح، والسعال، تؤثر سلبًا في نشاط الطفل وصحته العامة، لذا ينصح طبيب الأطفال، عند استخدام المدفأة الكهربائية، بتجنّب تعرض الطفل للهواء خارج الغرفة مباشرة، لكن نطفئ المدفأة أولًا، ثم نقوم بتهوية الغرفة، وبعدها بفترة كافية يخرج الطفل.
ما هي احتياطات السلامة المُمكنة عند استعمال المدفأة الكهربائية للضرورة؟
تسبّب المدفأة الكهربائية وفيات، ناتجة من الحرائق في المنازل، وذلك أكثر بخمسة أضعاف من الوفيّات الناتجة من حرائق المداخن والمواقد في المنازل، لذلك ينصح المختصون بضرورة مراعاة إرشادات الأمن والسلامة عند استعمال المدفأة الكهربائية، بوضعها بعيدًا عن الأماكن ومسارات الحركة ذات الاحتمال المرتفع للمرور خلالها، مما يقلّل فرص سقوطها واشتعال المكان.
ويُفضل وضع المدفأة الكهربائية على سطح متين، وغير قابل للاشتعال مثل أرضية من «السيراميك»، والابتعاد كثيرًا عن السّجاد، والأثاث، والستائر، مع تجنّب وضعها أعلى طاولة أو منضدة، وإبقائها بعيدًا عن الأطفال والحيوانات الأليفة.
ويشدّد الخبراء على أهمية إغلاق المدفأة الكهربائية عند النوم، وعند مغادرة المكان، مع مراعاة عدم شراء أجهزة تدفئة أكبر من حجم المكان الذي تستخدم فيه، حفاظًا على كمية جيدة من الأكسجين، وتقليل نسب انبعاث أول أكسيد الكربون، مع الحفاظ على تهوية جيدة، بفتح باب الغرفة وإحدى النوافذ، وفحص المدفأة وعرضها على المختصين سنويًّا لضمان عملها بشكل سليم.