بقلم أشرف البربرى: انتبهوا .. البرلمان يسقط الدولة
فى إبريل 2013 أثناء حكم الرئيس الإخوانى الأسبق محمد مرسى اقترح حزب الوسط الموالى له تعديل قانون السلطة القضائية لخفض سن تقاعد القضاة من 70 عاما إلى 65 عاما أو 60 عاما، فانتفضنا جميعا دفاعا عن استقلال القضاء ورفضا لمحاولة السلطة التنفيذية وأعوانها المساس به وأجهضنا المحاولة.
وفى مارس 2017 يخرج علينا البرلمان الذى تشكل بعيدا عن لجان الانتخابات التى قاطعها الناخبون إلا قليلا بقانون يضع رأس الهيئات القضائية فى يد رئيس الجمهورية من خلال منحه حق اختيار رؤساء هذه الهيئات، بما يخالف ما استقرت عليه الأعراف القضائية المصرية على مدى أكثر من قرن من الزمان.
ليس هذا فحسب بل إن طريقة تمرير التعديلات الأخيرة التى تجعل رئيس الجمهورية ينفرد باختيار رؤساء الهيئات القضائية فى 3 حالات، تؤكد أننا أمام برلمان لا كلمة له ولا موقف. ففى يوم الأحد 26 مارس أعلن النائب بهاء الدين أبو شقة رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية فى مجلس النواب إرجاء مناقشة تعديلات قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية «استجابة لرغبة العديد من النواب الذين رأوا تأجيل المناقشات من باب المواءمة السياسية وحتى لا يتم افتعال أزمات». وبعد نحو 12 ساعة فقط عاد «ذات نفس النائب بهاء الدين أبو شقة رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية» ليعلن يوم الإثنين موافقة اللجنة على تعديلات قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وفى ظهيرة اليوم نفسه يوافق مجلس النواب فى جلسته العامة على التعديلات.
لا تفسير لما حدث إلا أننا أمام مجلس نيابى يعمل بالتعليمات التى لا نعرف من أين تأتى، وإلا فكيف يتم تأجيل مناقشة قانون من «باب الموائمة السياسية» وبعد ساعات قليلة يتم تمريره؟. وما يقال هنا يقال على الكثير من القوانين التى يقرها البرلمان بمجرد عرضها عليه، حتى لو اختارت بعد ذلك السلطة التنفيذية وضعها فى الثلاجة كما حدث مع قانون الجمعيات الأهلية دون أن نجد نائبا واحدا يجرؤ على السؤال عن مصير القانون الذى أصدره البرلمان، ولماذا لا تصدق عليه الرئاسة وتنشره فى الجريدة الرسمية ليدخل حيز التطبيق وتستفيد منه البلاد والعباد لأن الأصل فى عمل البرلمان هو إصدار القوانين لكى يصدق عليها الرئيس فيتم تنفيذها أو يرفضها فتعاد مناقشتها. أما أن يدخل القانون الثلاجة بهذا الشكل، فهذه إهانة كبيرة للبرلمان لو كانوا يعلمون.
مشروع القانون الذى اقترحه النائب أحمد حلمى الشريف ومرره البرلمان «فى 6 ساعات» يضع شيوخ كل مؤسسات القضاء المصرى فى دائرة الشبهة لآنه يتيح لرئيس الجمهورية اختيار واحد من أقدم 7 نواب لرئيس أى هيئة قضائية رئيسا للهيئة وهو ما يفتح باب التشكيك فى أحكام وقرارات هؤلاء القضاة بدعوى تقرب كل واحد منهم إلى السلطة التنفيذية عله يفوز بالرضا السامى والمنصب الرفيع، وهو ما نربأ بقضاء مصر عنه.
هذا العدوان على استقلال القضاء وفتح الباب واسعا أمام التشكيك فى نزاهة وحياد شيوخ القضاء هو خطر على تماسك ووجود الدولة المصرية بصورة تفوق ما تمثله المخاطر الإرهابية من تهديد للدولة. وهذا القانون ليس إلا حلقة فى مسلسلة خطايا البرلمان فى حق مصر وشعبها ومؤسساتها، بما يدفعنا إلى القول إن خطايا البرلمان تهدد بإسقاط الدولة.