أبو بكر البغدادي لن يصل أبدًا إلى مكانه بن لادن لأسباب تخص داعش
خاص سياسي - جهاد السقا
مؤخرًا تم الكشف عن محتويات الملفات التي حصلت عليها السلطات الأمريكية خلال الغارات الجوية التي كانت تقوم بها في 2011 للقبض على أسامة بن لادن مما سلط الضوء مجددًا على قائد جماعة القاعدة الإرهابية. كان بن لادن قد قتل على يد السلطات الأمريكية خلال غارة جوية منذ ست سنوات ولكن ما خلفه من إرث لا يزال محط انتباه الإعلام والخبراء على الرغم من ظهور مجموعة إرهابية جديدة أكثر نفوذً تسمى بالدولة الإسلامية.
وعلى الرغم من أنه قد تم الإعلان عن موت قائد تلك الجماعة، أبو بكر البغدادي، سبع مرات حتى الآن إلا أن الجماعة قد أطلقت ملف صوتي مؤخرًا يدل على أنه لا يزال على قيد الحياة. ولكن حتى لو اتضح أن تلك التقارير حول موت البغدادي صحيحة، هل يكون ذلك فعلًا بنفس أهمية خبر قتل بن لادن؟ على الأرجح لا.
بن لادن كان يدير القاعدة يوميًا قبل 9/11 وبعدها أصبح رمزًا للجماعة الإرهابية وقائدها الأعلى بناءً على كونه أكثر شخصية إرهابية مطلوبة دوليًا. كان بن لادن يعمل على تطبيق استراتيجية ذات نطاق واسع تعتمد بشكل كبير على كونه شخصية عامة وسط المجتمع الإرهابي مما يمده بالقوة اللازمة للسيطرة على الجماعات الإرهابية الأخرى.
وبالمقارنة مع بغدادي نجد أن الأخير يحد من ظهوره للعلن فعلى الرغم من ان خطاباته تستحوذ على اهتمام متابعيه إلا أن سر انجذاب أغلب المنضمين الجدد لتلك الجماعة المسماة بالدولة الإسلامية هي الفيديوهات التي ينشرونها للدعاية عنهم ونشاطات أفرادها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويبدوا أن الدولة الإسلامية على استعداد تام حال موت قائدها البغدادي فيرى الخبراء المحللون أن الهيكل التنظيمي لجماعة الدولة الإسلامية تم إعداده بحيث لا يؤثر موت البغدادي على نشاط الجماعة فهم لديهم العديد من القائدة التنفيذيين القادرين على تولى المهام على الفور.
وعلى الأرجح أن هذا الأمر متعمد فقائدهم ليس مركزًا لنشاطاتهم الدعائية كما كان بن لادن وبذلك لا يكون لموت القائد أهمية كبيرة على قوة الجماعة عكس ما كان عليه الحال وقت بن لادن. وبالنظر لتاريخ الجماعة نجد أن هذه الاستراتيجية معقولة جدا فقد تم تأسيس القاعدة في العراق على يد أبو مصعب الزرقاوي في 2004 بعد غزو أمريكا للعراق وكانت القاعدة مرتبطة ببن لادن وهو الأمر الواضح من اسمها. وفي الوقت الذي تولي فيه البغدادي حكم ما تبقى من القاعدة في العراق في 2010 بعد موت بن لادن كان الأخير يعتبر قائدًا ايدولوجيًا بعيدًا عن العمليات الفعلية للجماعة بسبب هروبه من القوات الأمريكية.
وبسبب موت بن لادن على يد السلطات الأمريكية في 2011 أصيبت الجماعات الإرهابية بانتكاسة كبيرة لأنهم كانوا يعتبرونه الأب الروحي لهم جميعًا. ويعلق الخبراء أن موت قائد إحدى الجماعات الإرهابية قد يؤدي أحيانًا لضعفها بشكل كبير وفي أحيان أخرى قد يسبب موت القائد ظهور خلفاء أكثر عنفُا وتطرفًا وهو الأمر الذي تحقق بموت بن لادن.
حيث أدى موته إلى خلق جماعة إرهابية جديدة أصبحت لا تتأثر بفكرة القائد وهي جماعة الدولة الإسلامية التي ازدادت قوة في العراق وسوريا بمجرد أن بدأت. وخلال عامين من موت بن لادن أصبحت جماعة الدولة الإسلامية تقوم بالعديد من العمليات الإرهابية في الشرق الأوسط وحول العالم. كما حصلت على دعم جماعات أخرى من ليبيا ونيجيريا. مما جعل السلطات الأمريكية تصفها على أنها أكثر خطرًا من القاعدة إلا أن بغدادي "خليفة الدولة الإسلامية" لم يصل أبدًا إلى مكانة بن لادن التي كان يحظى بها ضمن الجماعات الإرهابية.
ويعد أكبر إنجاز للبغدادي هو الاستيلاء على قطاعات كبيرة في الشرق الأوسط سماها بالدولة الإسلامية ومع خسارته لأغلب تلك المناطق حاليًا يبدوا أن إرثه في زوال. وسيظل بن لادن معروفُا بكونه مؤسس للإرهاب حول العالم.