"إسرائيل" تخطط لتغيير مهام "أونروا" وإلغاء صفة "لاجئ فلسطيني"
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ملاحقة اللاجئ الفلسطيني منذ سنة 1948؛ فمطالبته الدائمة بعودته إلى وطنه باتت هاجساً يؤرقها، وفشلها المتكرّر بمحاولات حل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" جعلها تلعب بأوراق جديدة للبحث عن مخططات أخرى تستهدف الوكالة الدولية وتشطب "حق العودة".
خطة جديدة لتغيير واقع عمل "أونروا" وإلغاء صفة "لاجئ" عن الفلسطينيين، بدأ تنفيذها فعلياً قبل أشهر، حين كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يقود جهوداً كبيرة بالتعاون مع أمريكا ودول أوروبية.
وبعد فشل مخططات نتنياهو والأحزاب اليمينية الأوروبية بحل "الأونروا"، تحاول إسرائيل الآن تمرير خطة من خلال الضغط على الأمم المتحدة، تركّز على وقف عملية "توريث صفة اللاجئ"، بحيث يتساوى أطفال اللاجئين الجدد مع غيرهم من الفلسطينيين ممن لا يحملون هذه الصفة مستقبلاً، في خطوة تهدف إلى إنهاء الملفّ تماماً.
- الشاهد الأخير
عصام عدوان، مسؤول دائرة اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حذّر من خطورة المخططات التي تقودها إسرائيل وبعض الدول الأوروبية لإنهاء عمل "الأونروا" بشكل كامل، والتنصّل من مهامها في غوث وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وقال عدوان، إن قضية اللاجئين تُشكّل خطراً كبيراً على بقاء دولة الاحتلال، مشيراً إلى أن "الأونروا" تمرّ بمرحلة خطيرة للغاية، خاصة في ظل التحرّك ضدها، وتأثّرها بالضغوطات الإسرائيلية والخارجية.
ويفسر عدوان تصريحه بالقول إن "الأونروا" بدأت بتقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين، خاصة داخل الأراضي الفلسطينية؛ من خلال منع التوظيف داخل مؤسساتها؛ تماشياً مع سياسة شطب حق العودة؛ وهو ما تسعى إليه إسرائيل.
"حل الأونروا في الوقت الحالي يعني ضياع حق العودة، وتنصّل العالم أجمع من كل التزاماته الإنسانية والسياسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين"، يحذّر عدوان.
بدوره، أكد منسّق اللجنة المشتركة للاجئين، محمود خلف، أن "محاولات إسرائيل ضد وكالة الغوث تندرج ضمن مخطط خبيث لإنهاء عمل الأونروا بجعل اللاجئين الفلسطينيين تابعين إلى المفوضية السامية العامة للاجئين".
واعتبر خلف، أن نزع صفة اللاجئ من الفلسطيني تعد محاولات بائسة"، مستدركاً بالقول: إن "الأمم المتحدة أوجدت الأونروا وفقاً للقرار 302، وهي الجهة الوحيدة المخوّلة بحلّها".
وبشأن عمل إسرائيل بصمت لإنهاء "الأونروا" من خلال تقليص ميزانيتها وتوظيف غير اللاجئين، أكّد خلف أنها "جدّية في توجهاتها بهذا الشأن، وتحاول الترويج للأمر عبر البرلمان الأوروبي، رغم فشل مساعيها في ذلك حتى الآن".
وتبرر "الأونروا"، التي تقدم خدماتها لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني في خمس مناطق، قرارات التقليص الأخيرة التي طالت اللاجئين في الأراضي الفلسطينية والشتات، بالقول إن الدول المانحة خفضت من الدعم المقدّم لوكالة الغوث.
و"الأونروا" إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة، تم إنشاؤها من قبل الجمعية العمومية عام 1949، لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؛ في الأردن، ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية، وقطاع غزة، حتى إيجاد حل عادل لمحنتهم.
- قضية شائكة
بدوره اتهم أحمد المدلل، القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي، "الأونروا" بتنفيذ مخططات خارجية لإبقاء الشعب الفلسطيني مشرّداً، دون وضع أي حلول تنهي معاناة اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف المدلل، أنه خلال الفترة الأخيرة شهد المستفيدون من خدمات "الأونروا" تقليصات كبيرة للخدمات، خاصة في قطاع غزة، شملت التعليمية، والصحية، والغذائية، معتبراً أنها "خطوات أولى لإنهاء دور الوكالة الأممية تدريجياً، بما يخدم مصالح إسرائيل".
المدلل يرى أن "إسرائيل تمارس دور الترهيب والضغوط على الأونروا لإنهاء دورها بشكل كامل". وهنا يُطالب "الوكالة" برفض الضغوطات، والالتزام بالمواثيق الدولية والحقوقية والإنسانية تجاه الفلسطينيين، "وإلا فسيكون الوضع أخطر بكثير".
"ما دام الاحتلال قائماً فإن صفة لاجئ ستبقى ملاصقة لكل اللاجئين الفلسطينيين حول العالم، إلى أن يتم وضع حلول عادلة لقضيتهم من قِبل المجتمع الدولي"، يضيف القيادي بحركة الجهاد.
وهنا يؤكد مدير أكاديمية دراسات اللاجئين، محمد عمرو ياسر، أن إسرائيل تريد وقف منح صفة اللاجئ لأبناء اللاجئين، بحيث لا يصبح هناك لاجئون جدد، مضيفاً أن "إسرائيل تعتبر الأونروا شاهداً على أحداث النكبة الفلسطينية، لذلك تريد تقويض عملها".
وكان نتنياهو قد دعا قبل شهرين إلى "تفكيك الأونروا؛ بزعم عملها على تأبيد الصراع وعدم المساهمة في حله"، وليس ذلك وحسب، فقد كشفت القناة الإسرائيلية السابعة تشكيل مجموعة ضغط جديدة هدفها الرقابة على عمليات (الأونروا)، والمطالبة بإجراء تغييرات جوهرية على صلاحيتها.
ووصل الأمر بالسفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، داني دانون، في العاشر من يونيو الماضي، إلى الادعاء في رسالة وجهها لمجلس الأمن الدولي بـ "وجود علاقات بين أفراد في الأونروا وحماس، وأن الأخيرة بدلاً من أن تستخدم المدارس كمراكز للتعليم، فقد حوّلتها إلى معسكرات لتنفيذ هجمات ضدّ إسرائيل"، على حد زعمه.
وسنة 2015، استغلت إسرائيل الأزمة المالية لـ "الأونروا"، فأصدرت تقريراً يطالب بإنهاء عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل سريع، ليظهر بعدها تراجع المانحين بالتزاماتهم -خاصة أمريكا- تماشياً مع رغبة إسرائيل بالحد من عمل الوكالة، ودفعها نحو إنهاء خدماتها.