هل يؤدي إرهاب الدهس إلى إقلاع المسلمين عن السواقة في أوروبا؟

هل يؤدي إرهاب الدهس إلى إقلاع المسلمين عن السواقة في أوروبا؟
هل يؤدي إرهاب الدهس إلى إقلاع المسلمين عن السواقة في أوروبا؟

بعد انتشار حوادث الدهس التي قتلت وجرحت المئات من المدنيين وتبنَّى تنظيم الدولة الكثير منها في "القارة العجوز"، وُضِع المسلمون في ظروف حرجة قد تؤدي بهم ليكونوا وسط دائرة الاتهام، لدرجة وصلت لحد أن قيادتهم للسيارات وتسبُّبهم في حادث سير طبيعي قد يجعلانهم في دائرة الاتهام حتى تثبت براءتهم، إن لم يتطور الأمر إلى أحداث لا تحمد عقباها.


عمليات الدهس في أوروبا أصبحت سلاحاً خفياً يستخدمه التنظيم ومتطرفون لاستهداف من يرونهم خصوماً لهم في الداخل الأوروبي، وتصف مواقع إعلامية منفذي هذه العمليات بـ"الذئاب المنفردة" التي تسير وسط الشوارع ولا يتنبه لوجودها أحد إلا عندما تنقضُّ على فرائسها.

وفي ظل التضييق على المسلمين، والإسلاموفوبيا المنتشرة في الدول الغربية، بات من اللازم الحرص خلال أي تحرك يقْدم عليه المسلمون هناك، حتى وإن كان قيادة السيارة لقضاء التزاماتهم.

- خوف وشدّ أعصاب
السورية إيمان جاموس، المقيمة بمدينة يرفورت الألمانية، قالت: "أقود السيارة في ألمانيا وأنا خائفة من ارتكاب أي خطأ، وتكون أعصابي مشدودة جداً، وفي حال ارتكبت خطأً صغيراً، مثل الوقوف بمكان غير نظامي، وعرف الناس أن من يقود هذه السيارة مسلمة محجبة، يبدؤون بنعت هذه المرأة بأنها يجب ألا تقود السيارة في بلدهم، وألا تعطى شهادة قيادة"، وأشارت إلى أنها تعرضت للكثير من هذه المواقف.

وأكدت جاموس ، أن "الحصول على شهادة قيادة في ألمانيا صعب جداً، والمخالفات قيمتها مرتفعة، وتعد إمكانية حصول الحوادث قليلة؛ إذ تم اتخاذ احتياطات كبيرة"، مضيفةً أنه "لا تمييز في معاملة الشرطة الألمانية بين مسلم وغير مسلم، مواطن أو أجنبي، فكلهم أمام القانون سواء".

- تأثير بعيد المدى
وعن أثر حوادث الدهس على المسلمين وما ينقله الإعلام عنها، قال الأردني أحمد عميرة، المقيم بمدينة دويسبورغ (غربي ألمانيا): إن "تأثيرها لا يكاد يكون إلا في التغطية الإعلامية المستمرة لها، وعلى أرض الواقع تستمر الحياة بشكل طبيعي".

ومن خلال متابعة عميرة للمواقع الإخبارية الألمانية، رأى أن "هناك تشكيكاً شعبياً كبيراً يظهر في التعليقات إزاء هذه الحوادث"، وأرجع سبب هذا التشكيك، إلى "تكرار سيناريو قتل المنفذ فور العثور عليه، دون احتجازه واستجوابه لمعرفة التفاصيل الحقيقية للعملية ومن وراءها".

وأضاف أن "هناك استخداماً مكثفاً لمثل هذه الحوادث من قِبل اليمين الأوروبي في الانتخابات الرئاسية أو النيابية، لكن في الحياة العادية ينحصر التشديد الأمني على موقع الحادث نفسه".

وبيَّن أنه "على المدى البعيد قد يؤثر على تغيير وتشديد قوانين الهجرة والإقامة"، مؤكداً أن هذا الأمر "ليس بالشيء السهل أو سريع الحدوث".

وقال المصري أحمد سمير، المقيم في برلين بألمانيا: إن "الأجهزة الأمنية لديها إنصاف، وفي حال تم القبض على شخص مشتبه فيه وكان بريئاً يُطلق سراحه ويوجَّه الاعتذار له، وله حقٌّ بأن يرفع قضية تعويض في حال تعرَّض لضرر نفسي أو مادي، سواء من الأجهزة الأمنية أو الإعلامية".

- لم تؤثر
من جهته، قال المصري محمد شحاتة، المقيم بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن: "في العموم، هناك تضييق على المسلمين بعد وصول أفواج اللاجئين إلى أوروبا، ورأينا ذلك في التغيير المفاجئ للكثير من القوانين بالدنمارك (الإقامة وتصاريح العمل). ولكن لحسن الحظ، لم يتم تعديل أو إضافة أي قانون يمنع المسلم من قيادة سيارته الخاصة أو استبدال رخصة قيادته العربية بأخرى دنماركية".

شحاتة، أكد أنه لا يقلق بشأن حوادث الدهس؛ إذ لم تشهد الدنمارك أي حادث، ولم تتخذ إجراءات استثنائية في هذا الشأن، والقانون لا يميز بين المسلم وغيره، أو المواطن الدنماركي والأجنبي.

في حين قال السوري محمد الحمصي، الذي يعيش في مدينة لاهولم بالسويد: "لم تؤثر الحوادث سلباً على طريقة تعامل الشرطة السويدية معي، ولم أجد تمييزاً بيني وبين المواطنين الآخرين عند ارتكاب المخالفات، والعكس تماماً، فهم يكونون خجلين جداً من أنهم سيأخذون منا هذه المخالفة، ويعاملوننا باحترام".

وتابع الحمصي، أنه إن "حصل تمييز يكون في المناطق القريبة من العاصمة السويدية ستوكهولم؛ لتنوع الجنسيات هناك".

- وسيلة جديدة للقتال
واتخذ تنظيم الدولة الدهس آلة مناسبة لتنفيذ عملياته وتجاوُز التشديدات الأمنية في البلدان المحصنة.

وتشدد الدول الأوروبية إجراءات الدخول إلى أراضيها، وتعمل بشكل مستمر على تأمين الحدود؛ للحيلولة دون دخول مزيد من اللاجئين، بزعم أن منتمين إلى جماعات مسلحة ينخرطون وسط هؤلاء اللاجئين لتنفيذ عمليات إرهابية بالداخل الأوروبي، ويبدو الدهس سلاحاً يصعب الكشف عنه، ووسيلة جديدة للقتال يصعب التنبؤ بها.

- توقع باستمرارها
وفي أعقاب هجوم "ويستمنستر"، بلندن (22 مارس)، قال جوناتان وود، المختص في التنظيمات المسلحة، إن هذه التنظيمات تتبع استراتيجية الهجوم على أهداف سهلة ليست محمية بما فيه الكفاية، ويستهدفون الأماكن العامة والمزدحمة والمناطق التي يكون الدخول إليها سهلاً، والتي لا تتطلب تقنيات تكنولوجية متطورة.

وتوقَّع وود أن تستمر حوادث الدهس خلال عام 2017، على أقل تقدير، مضيفاً: "احتمالية التهديد تأتي من عودة المزيد من المقاتلين الأجانب إلى أوروبا الغربية، والذين كانوا في سوريا والعراق. هذا ما سيزيد من حدة التهديدات، ويجعل من الصعب على جميع قوات الأمن رصد جميع الأهداف المحتملة بشكل منهجي وشامل في الوقت نفسه"، بحسب شبكة "يورو نيوز".

- "سيارات الرعب"
والخميس 17 أغسطس 2017، سُجلت آخر عمليات "سيارات الرعب"، في إسبانيا، وأعلنت الشرطة الإسبانية سقوط 15 قتيلاً على الأقل، وإصابة أكثر من 100 آخرين، وذلك في حادث دهس جماعي وقع في مدينة برشلونة عاصمة مقاطعة كاتالونيا.