لماذا يتصدر المغاربة مُنفذي الهجمات الإرهابية بأوروبا؟

لماذا يتصدر المغاربة مُنفذي الهجمات الإرهابية بأوروبا؟
لماذا يتصدر المغاربة مُنفذي الهجمات الإرهابية بأوروبا؟

كشفت نتائج التحقيقات الأولية في الأحداث الإرهابية الأخيرة التي ضربت مدينة برشلونة الإسبانية، عن تورط مجموعة من المغاربة في هذه الأحداث، سواء على مستوى التخطيط أو التفيذ، وهو ما أثار جملة من التساؤلات حول تصدر المغاربة لهذا النوع من العمليات، بالإضافة إلى وجودهم بأعداد مهمة داخل التنظيمات الإرهابية، بحسب تقارير استخباراتية مغربية.


- ذئاب منفردة
ويقول الإعلامي والباحث في شؤون الإرهاب، إبراهيم الصافي، إن منفذي العمليات الأخيرة لديهم ارتباط إيديولوجي فقط بـ"داعش"، وليس ارتباطاً عضوياً، ما يبين- بحسب المتحدث- أن لهذا التنظيم استراتيجية جديدة تنبني على تجنيد "الذئاب المنفردة"، بغرض تنفيذ هجمات إرهابية.

وأضاف الصافي أن الجماعات المتطرفة أسهمت بشكل ما في وقت سابق في نشر فكرها بين المجتمع، مشيراً إلى أن هذا الأمر أسهم بشكل ما في حضور هذه الأفكار لدى فئة من الشباب، خصوصاً المقيمين منهم خارج البلاد. إلا أن إيقاظ هذا الفكر الذي ظل كامناً لسنوات تم إيقاظه بواسطة الخطابات الإعلامية التي تبثها التنظيمات الإرهابية عبر الإنترنت خصوصاً، ليتم تحويلهم في وقت وجيز إلى "جهاديين".

- أسباب متعددة
ويرى منتصر حمادة، الخبير في الحركات الإسلامية والباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، أن الجالية المغاربية هي الأكثر حضوراً في نسبة المسلمين في أوروبا الغربية، ولذلك "نسمع فقط عن أبناء هذه الجالية، أي من المغرب والجزائر وتونس وليبيا"، يقول المتحدث موضحاً أن اعتداء نيس قام به شاب من أصل تونسي، وأحداث باريس خطط لها عقل مغربي.

واعتبر حمادة، أن اعتداءات برشلونة الأخيرة متوقعة، موضحاً: "لا أقصد أن تطول الاعتداءات برشلونة بالتحديد، وإنما قصدت طبيعتها، وطبيعة المتورطين فيها، وقد أكدنا مباشرة بعد اعتداءات "شارلي إيبدو" التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، في 7 يناير 2015، أنها متوقعة، وأن القادم أسوأ، وهذا ما تم، وما سوف يتم".

وعلل المتحدث توقعاته هذه بكون "أسباب الظاهرة قائمة، ومن ثم فطبيعي أن تظل كذلك". مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، خاصة بالسياق الأوروبي، أي أداء الحكومات الأوروبية"، وهي الأسباب التي تضاف إليها أخرى "مركبة ذات صلة بالمواقف الغربية من عدة قضايا إقليمية، عربية وإسلامية، على غرار ما كنا نعاين بعد اعتداءات 11 سبتمبر"، بالإضافة لأسباب دينية مرتبطة بالمراجعات وبتجديد الخطاب الديني.

- مرحلة كمون
وأضاف حمادة أن "الخطاب السلفي الجهادي كان يعيش في مرحلة كمون بعد اعتداءات 11 سبتمبر"، موضحاً أن "أحداث الفتنة التي تمر بها المنطقة مؤخراً أسهمت في إخراج هذا الخطاب إلى العلن، وخاصة في تونس والمغرب"، مبيناً أن "هذا الخطاب لم يخرج بين ليلة وضحاها، ولا يرتبط فقط بتأثير هذا التدين الإسلامي المتشدد؛ إنما مرتبط أيضاً بظروف نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية، ومن ثم فالتفاعل معه مسألة ستطول، ولا يمكن الحديث عن أفول هذا الخطاب عبر حملات أو شعارات أو شيء من هذا القبيل"، بحسب المتحدث.

- أقل من دول الجوار
ويذكر أن عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية "الاستخبارات المدنية"، قد شدد في أكثر من مناسبة على أن عدد المقاتلين المغاربة في صفوف داعش ليس أكبر عدد مقاتلي دول المنطقة، موضحاً أنه "لو قدمت كل الدول إحصاءاتها بكل شفافية، فإننا سنجد أن عدد المغاربة الذين التحقوا بتنظيم داعش يعتبر أقل من شباب مجموعة من الدول، ضمنها دول الجوار"، بحسب قوله في لقاء صحافي سابق.

وأوضح الخيام أن الخلايا الإرهابية تعمل أساساً على تجنيد موالين ومقاتلين جدد من خلال الإنترنت، مشيراً إلى أن أغلبهم أصحاب مستويات أكاديمية لا تتجاوز البكالوريا (الثانوية العامة).

وكشف الخيام أن عدد المغاربة الذين التحقوا بتنظيمات إرهابية في بؤر التوتر يُقدر بـ1623، بحسب المعطيات التي تتوافر لدى جهازه الاستخباراتي، مشيراً إلى أن 400 منهم لقوا مصرعهم، في حين أن 78 منهم عادوا للمغرب وتمت إحالتهم إلى النيابة العامة.

- جاهزية
وبحسب مصادر أمنية، فإن السلطات المختصة رفعت من حالة اليقظة والجاهزية الأمنية عقب أحداث برشلونة، خُصوصاً في المدن الواقعة شمال المملكة، التي تعتبر معبراً من أوروبا نحو المملكة المغربية، بالإضافة إلى تشديدها للمراقبة على الوافدين من معبري سبتة ومليلية.

وتأتي هذه الخطوات الأمنية، بحسب مصادر تحدثت لـ"الخليج أونلاين"، للحيلولة دون أي تسرب لعناصر إرهابية عبر النقاط الحدودية مع أوروبا، خُصوصاً أن هذه الفترة من السنة يكون فيها النشاط مُتزايداً نظراً لعودة المغاربة المقيمين بالخارج إلى البلاد لقضاء العطلة الصيفية.