بعد 3 سنوات .. ماذا حقق التحالف الدولي ضد "داعش" وما مستقبله؟
قبيل ثلاث سنوات من الآن، وتحديداً في الـ7 من أغسطس 2014، وبعد خطاب متلفز أعلن فيه الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بدء الضربات الجوية العسكرية الأمريكية، انطلقت عملية "العزم الصلب" بمشاركة 59 دولة ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.
فقد حقق "داعش" في أقل من 60 يوماً مكاسب سريعة صيف العام 2014، وسيطر على الموصل العراقية والرقة السورية، تبع ذلك العديد من الإدانات الدولية لوحشية التنظيم والانتهاكات المبالغ فيها ضد حقوق الإنسان والإعدامات التي قام بها، وكانت نقطة الفصل إعدام "داعش" رهائن أمريكيين أسرَهم في سوريا والعراق.
كما جاءت عملية "العزم الصلب" للتحالف الذي اكتفت دول فيه بتقديم الدعم اللوجستي دون العسكري، رداً على تقارير أكدت أن إيران بدأت في يوليو 2014 بقصف "داعش" بطائرات من دون طيار في العراق؛ لصد التنظيم عن التقدم نحو الحدود بين البلدين؛ ما قطع الطريق على تفرد طهران بقتاله.
-حصيلة
عقب 1095 يوماً من القتال المتواصل، أعلن مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي، أن التحالف شن أكثر من 23 ألف غارة على العراق وسوريا بكلفة وصلت إلى 13.6 مليار دولار.
وفي تفاصيل الغارات؛ شن التحالف بقيادة واشنطن 13 ألف غارة جوية في العراق، و10 آلاف غارة جوية في سوريا، كما نجح مع القوات العراقية في استعادة 75% من مناطق سيطرة داعش في العراق أبرزها مدينة الموصل، و58% في سوريا، بحسب البيان.
وبحسب بيان المكتب الذي صدر في الذكرى الثالثة لتأسيس التحالف، فإن التكلفة شملت تدريب 100 ألف مقاتل في العراق بعد انهيار الجيش في 2014، وفقدانه 74 ألف عنصر من مجموع 165 ألف عنصر في المحافظات السنية.
-"أضر المنطقة"
وتعرض التحالف خلال السنوات الثلاث الماضية للعديد من الانتقادات، تركزت على قتل المدنيين والمبالغة في تدمير المدن التي سيطر عليها "داعش"، وكأن التحالف يعاقب سكانها على "إيوائهم عناصر التنظيم".
ففي الموصل وحدها، التي تم تحريرها في يوليو الماضي، اعترفت الولايات المتحدة نفسها بوقوع انتهاكات من جراء الضربات "المبالغ بها" على الجانب الغربي للمدينة في مارس 2017، والتي أدت إلى مقتل ما يقارب 300 شخص جلهم مدنيون، كما اعتبرت الأشد فتكاً بالمدنيين من بين جميع العمليات الجوية التي نفذها الجيش الأمريكي منذ غزو العراق عام 2003.
كما تم تدمير 80% من المدينة، فضلاً عن تشريد سكانها، في أسوأ كارثة إنسانية يعيشها العراق منذ الاحتلال الأمريكي 2003.
وفشل التحالف، على الرغم من أنه مكون من قرابة 60 دولة، في القضاء على وجود "داعش" رغم الضربات المستمرة "ليلاً-نهاراً" منذ 1095 يوماً.
- يعاني خللاً بنيوياً
وعن هذه النتائج يرى الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، أنه منذ تشكل التحالف وهو يعاني من "خلل بنيوي" لكونه ارتكز على المقاربة العسكرية والأمنية، بالتركيز على إخراج "داعش" دون وجود خطط واضحة لمرحلة ما بعد "داعش".
هذه الحالة يقول عنها أبو هنية في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إنها "تعالج الأسباب التي أدت إلى ظهور داعش، ومن ثم فالتحالف يسير على قدم واحدة عرجاء؛ لكونه يستند إلى عقد تحالفات غير منطقية في العراق وسوريا".
وأضاف قائلاً: "في سوريا يعتمد التنظيم على قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) التي لها مشاكل مع المعارضة السورية وتركيا، وفي العراق اعتمد على مليشيات الحشد الشعبي الشيعية الطائفية، المكروهة من السنة لارتكابها جرائم بحق سكان المدن السنية، وهذا خلق فجوة كبيرة".
ولفت أبو هنية إلى أن التحالف "ليس لديه وجهة نظر سياسية ولا خطة لمرحلة ما بعد داعش، وفشل في طرد التنظيم من العراق وسوريا، ونجح فقط في تدمير المدن وتهجير أهلها دون وجود أي برنامج لإعادة الإعمار أيضاً"، واصفاً إياه بأنه "أضر المنطقة".
وأشار إلى أن "تدمير الموصل وتهجير أهلها لن يساعدا على تدمير داعش، بل على تدمير المحافظة ووجودها؛ بسبب الدمار والتشريد اللذين وقعا في المدينة؛ ما سيخلق ردة فعل سلبية في نفوس السكان".
وتوقع أبو هنية أن التحالف مستقبلاً سيتعرض "لزعزعة بسبب الخلافات مع إيران وروسيا"؛ نتيجة العقوبات التي فرضتها واشنطن عليهما، والتي أدت إلى مزيد من التوترات بين الجانبين، كما أن "الخطر الإيراني الطائفي المتصاعد وصمت واشنطن عنه سوف يقابله استمرار مشروع داعش السياسي".