تفاصيل الصراع على جزيرة الوراق .. وشركتان تضعان مخططات لتطويرها

خلال الأيام الماضية وقعت اشتباكات بين قوات الشرطة المصرية وسكان جزيرة الوراق في قلب العاصمة القاهرة بسبب إقدام الحكومة المصرية على تنفيذ ما وصفته "بهدم منازل ومبان مخالفة" بينما يتهم السكان الحكومة بالتخطيط لطردهم من مساكنهم وأراضيهم في جزيرة الوراق تمهيدا لاستغلالها وبيعها للمستثمرين.


وتنظر الحكومة المصرية للجزيرة على أنها "محمية طبيعية في قلب النيل" ولا ينبغي أن يكون فيها أي سكان، ويرفض السكان عمليات الإزالة ويتصدون لها الأمر الذي أدى إلى وقوع قتيل على الأقل وعدة مصابين قبل أن تعلن الحكومة تأجيل تنفيذ قرار الإزالة لأجل غير معلوم.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عدة صور قالوا إنها لتصميم هندسي خاص بتطوير الجزيرة عقاريا ويضم التصميم مبان شاهقة وميادين متطورة علاوة على 4 جسور تربط الجزيرة بالبرين الشرقي والغربي.

وقد نشرت شركة أر إس بي الهندسية والتي تمتلك فروعا في دبي ولندن وسنغافورة, وعدة مدن كبرى أخرى على موقعها على شبكة الإنترنت بعض الصور لما وصفته "بتصميم مقترح" لتطوير جزيرة الوراق في القاهرة.

دبي
ولم تذكر الشركة أي شيء عن وجود اتفاق مع الحكومة المصرية أو أي جهة أخرى لتنفيذ هذا المقترح لكن المدونين على شبكة الإنترنت يقولون إن شركة استثمارية لن تنفق وقتها وجهدها لابتكار تصميم بهذا الحجم مجانا ودون ان يكلفها احد بذلك.

واتصلت بي بي سي بمقر الشركة في دبي عبر الهاتف وتحدثنا لرانجان رادها كريشنان المسؤول عن التسويق في الشركة للاستفسار عن طبيعة المشروع.

وقال كريشنان إن "الشركة لم يعد لها علاقة بالمشروع بعدما أنهت التصميم بناء على طلب أحد عملائها".. ورفض إيضاح أي تفاصيل عن هوية العميل أو جنسيته.

في حين نشرت شركة "كيوب" على موقعها الإلكتروني، أنها تعاقدت مع لهيئة العامة للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان في عام 2010 على وضع مخطط لتطوير جزيرة الوراق، ضمن خطة "2050"، الذي أعلن عنه جمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، أمين السياسات الحزب الوطني المنحل وقتذاك في 27 مايو 2007، خلال مؤتمر صحفي لاجتماع المجلس الأعلى للسياسات.

وكان المخطط يستهدف أن تصبح القاهرة مركزًا ثقافيًا وتاريخيًا، تضم المركز المالي للشرق الأوسط وأوروبا، وكذلك إعداد التخطيط العمراني ليتناسب مع متطلبات أي تصور يتم الاتفاق عليه في نهاية الأمر.

ووفقا لشركة "كيوب"، فإن المخطط يشمل تطوير لجزيرة الوراق، مع تغيير اسمها إلى «جزيرة حورس»، مع ضمان عدم تهجير الأهالي من الجزيرة على أن يشملهم مخطط التطوير.

من جانبه، نفى هانى يونس، المتحدث باسم وزارة الإسكان، أن يكون هناك أي مخططات مع أي شركة قد تعاقدت عليها الوزارة، مؤكداَ على عدم وجود أي تفاوض أو مشاورات مع هذه الشركات.

تطوير
وبغض النظر عن الهدف الحقيقي إلا أن ملف تطوير جزيرة الوراق طفا على السطح عدة مرات خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، فالجزيرة يصفها الجميع بأنها قطعة من الماس مغطاة بالتراب.

ومن بين مئات الجزر الواقعة في مجرى النيل تعتبر جزيرة الوراق الأكبر وتتعدى مساحتها 1500 فدان ما يعني أنه في حال استثمارها عقاريا يمكن بناء مشروع متكامل ثم ربطها بالبر الرئيسي بعدة جسور.

وينتقد كثيرون الحكومات المصرية المتعاقبة لعدم الاهتمام بإنشاء جسر يربط الجزيرة بما حولها ما تسبب في انعزال الجزيرة وسكانها.

موقع متميز
تقع جزيرة الوراق في منطقة شمال القاهرة وتتبع إداريا محافظة الجيزة لكنها تعد أحد أهم المناطق من الناحية الجغرافية في مصر.

فالجزيرة الواقعة في قلب النيل بين منطقتي شبرا الخيمة وامبابة تتمتع بموقع متميز في قلب العاصمة المصرية القاهرة، لكن المشكلة أن أغلب سكانها لايمتلكون وثائق ملكية لعقاراتهم أو أراضيهم حيث شغلوها على مر عقود بوضع اليد وسط سكوت رسمي فرض أمرا واقعا.

واتسم الرد الحكومي بالصمت حيال الانتقادات بسبب إهمال الجزيرة التي لا ترتبط بالبر الرئيسي بأي جسور سواء ناحية القاهرة أو الجيزة وهو ما حولها واقعيا إلى "نوع من العشوائيات".

ومن المعروف أن النيل يفصل بين محافظتي القاهرة والجيزة وهما المحافظتان اللتان تشكلان ما يعرف بالقاهرة الكبرى.

وبسبب انعزال الجزيرة وانقطاعها عن البر الرئيسي المحيط لم تجر أي عمليات تطوير أو استغلال لها سواء من الناحية العقارية أو السياحية وبقي سكانها من أبناء الفئات الفقيرة الذين استغلو الجزيرة للسكنى في قلب القاهرة بأسعار زهيدة للغاية.

وتقوم عدة عبارات خاصة بنقل السكان البالغ عددهم نحو 55 ألف شخص بين الجزيرة والبر الرئيسي سواء في القاهرة او الجيزة بشكل دوري ومستمر.