مقال بقلم د/ ياسر حسان: الحقائق التي لابد أن نعترف بها في أزمة سد النهضة

أزمة سد النهضة
أزمة سد النهضة

 
 

من خلال قراءاتي لتقارير كثير ومتابعتي لكتابات أص


دقاء أثق بهم حول مشكلة سد النهضة .. توصلت لعدة حقائق مهمة:

أولًا: ضرب السد تاخر كثيراً وأصبح أمراً شديد الصعوبة الأن، بعد ما وصل السد إلى مرحلة متقدمة .. صواريخ الطائرات والقنابل العادية لن تؤثر كثيراً في السد .. وتدميره يحتاج الأن إلى قنبلتين من نوع أم القنابل الأمريكية المملوكة فقط للجيش الأمريكي أو قنبلة نووية صغيرة لتدمير هذه الكتلة الخرسانية الهائلة .. الدعوة لضرب السد أمر لا طائل منه الآن وتأثيره محدود على قدرة السد وحجمه الكبير...

ثانياً: صحيح أن كثير من أساتذة القانون الدولي والسياسين رفضوا اتفاقية المبادئ الموقعة عام ٢٠١٥، وأنا كنت أحد هؤلاء الرافضين لها .. لكن الحقيقة هي لم تؤثر علي نوايا أثيوبيا في بناء السد .. السد في طريقه للبناء سواء وقعت الاتفاقية أم لا...

ثالثًا: الربط بين بناء السد وثورة يناير كلام غير حقيقي .. السد بدأ تمويله قبل الثورة وكان سيكون أمر واقع لا محالة بثورة يناير أو من غيرها .. ومحاولة الربط بينهما هو كلام للاستهلاك المحلي فقط، من باب إخلاء المسئولية، وأيضًا إخافة الناس من الثورات عمومًا.. طبعًا لا ننكر أن تصرف مبارك تجاه السد كان من الممكن أن يختلف عن تصرف  كل من خلفوه في إدارة البلاد .. لكن أثيوبيا كانت في طريقها لبناء السد في كل الأحوال...

رابعاً: اللجوء إلى محكمة العدل الدولية كما قالت السودان هو محض أوهام.. المحكمة تشترط موافقة الطرفين ولا تنظر قضية مقدمة من طرف واحد فقط .. وأثيوبيا لن تفعل ذلك لعلمها بخبرة مصر الكبيرة في هذا المجال منذ قضية طابا...

خامساً: في قضايا محورية مثل أزمة سد النهضة لا يجب النظر إلى موقف الدول الأفريقية من الأزمة .. لأن أغلبية الدول الأفريقية ستكون متعاطفة مع أثيوبيا.. ولا توجد مصالح اقتصادية كبيرة لمصر مع الدول الأفريقية، بل على العكس الميزان التجاري مع الغالبية الساحقة من دول أفريقيا بما فيها دول الكوميسا في صالحهم وليست في صالح مصر .. أفريقيا تستفيد من مصر أكثر من استفادة مصر من أفريقيا...

سادسًا: العالم والشرق الأوسط تحديدًا يسير بنوع من البلطجة السياسية حاليًا .. وما تفعله تركيا في ليبيا وسوريا والعراق مثال  واضح .. أثيوبيا تعاني مشاكل داخلية وعرقية خطيرة أكبر بكثير من مشاكل مصر .. ومصر لا زال لديها أوراق كثيرة في يديها .. ومجرد اقتحام المجال الجوي لأثيوبيا والخروج قد تكون إشارة قوية لقدرة مصر العسكرية .. رد فعل مصر حاليًا يتوقف علي قدرة الحكومة في مواجهة ردود الأفعال الخارجية لا الداخلية، والتي لا يجب أن نعيرها أي اهتمام من وجهة نظري في مشكلة أمن قومي عليا يتحدد عليها مصير ومستقبل مصر...

سابعاً: كل صفقات التسليح الحالية لا علاقة لها مع أزمة سد النهضة .. ولا مقارنة بين الجيشين أساسًا.. لأن الفارق بين قوة الجيش المصري والجيش الأثيوبي كبيرة جداً حاليًا وبدون حتي صفقات تسليح جديدة .. مع العلم أن صفقات الأسلحة الجديدة ليست بضاعة جاهزة وتحتاج سنوات لتسلمها...

ثامناً: طريقة تعاملنا في أزمة سد النهضة سيتحدد عليها الوزن النسبي سياسيًا لمصر  في المستقبل .. وأزمة سد النهضة حدث فارق في بقاء مصر كبيرة الدولة الأفريقية أو  انكماش دورها الأفريقي بشكل كبير.. والحقيقة أن سد النهضة هو أكبر أزمة سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية تواجهه مصر خلال الالف عام السابقة...

تلك هي الحقائق التي يجب أن نعرفها من وجهة نظري .. وهي مفتوحة للنقاش والإضافة والتعديل ...