ماذا حمل تقرير اقتصادي أصدرته ثلاث منظمات دولية عن المغرب والجزائر؟
أشار تقرير جديد إلى أن انخفاض أسعار البترول أثّر بشكل جلي على الاقتصاد الجزائري، خاصة مع استمرار ضُعف التصنيع في البلاد، ممّا سبّب تراجعا للناتج المحلي الإجمالي ورَفع نسبة التضخم، بينما حمل التقرير معطيات أكثر إيجابية عن الاقتصاد المغربي والسياسات العمومية، متوقعا أن يرتفع النمو الاقتصادي بهذا البلاد خلال 2017، رغم استمرار بعض المعيقات.
هذه المعطيات تضمنتها النسخة الـ16 من تقرير "التوقعات الاقتصادية في إفريقيا"، الذي صدر اليوم الاثنين 22 ماي/أيار 2017، بشراكة بين البنك الإفريقي للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية و منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقد رّكز التقرير في نسخته الجديدة على التصنيع والعمل المقاولاتي.
وأبرز التقرير أن انخفاض أسعار البترول في الجزائر أثّر بشكل واضح على نسبة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إذ انتقلت من 3.8 بالمئة خلال عام 2015 إلى 3.5 بالمئة عام 2016، مشيرًا أن التصنيع في البلاد، خارج مجالات البترول والغاز، لا يمثل سوى خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم جد منخفض عمّا سُجل في نهاية عقد الثمانينيات، فضلا عن انخفاض الاحتياطي المحلّي من العملة الصعبة بعشرين بالمئة.
نفس الأرقام السلبية ظهرت فيما يتعلّق بنسبة التضخم التي بلغت 6.4 بالمئة عام 2016 عوض 4.8 بالمئة بالعام السابق، ممّا أدى إلى ارتفاع أسعار المواد المصنعة بـ9.9 بالمئة والخدمات بـ7.4 بالمئة، كما أن المالية العمومية شهدت تراجع موارد صندوق ضبط الإيرادات (المعروف اختصارا بـFRR) بـ60 في المئة، فضلا عن استمرار العجز التجاري الذي بلغ 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
غير أن التقرير حمل بعض الأرقام الإيجابية للجزائر، ومن ذلك تراجع العجز في الميزانية العامة بين العامين من 15 بالمئة إلى 13 بالمئة، وكذا تراجع العجز في الميزان التجاري الخارجي بثلاثة بالمئة بين العامين (14 بالمئة عام 2016)، وأشار التقرير أن الجزائر تتوفر حاليا على 2.7 مليون مقاول في القطاع الخاص، 16 بالمئة في الصناعة، معتبرا أن المقاول الجزائري أضحى شريكا أساسيا للدولة في الاستشارة الخاصة بالقرارات والتوجهات الاقتصادية للحكومة.
وفي المغرب الذي شهد نموا اقتصاديا جد محدود توقف عند 1.5 بالمئة عام 2016، توقع التقرير ارتفاع هذا النمو إلى 3.7 بالمئة عام 2017، متحدثا عن أن السياسات العمومية بدأت تعطي ثمارها في البلاد، ومن ذلك تنويع مصادر نمو الزراعة وتطوير الصناعة ومن ذلك مجال السيارات، وتطوير مناخ الأعمال حسب تقارير دوينغ بيزنيز، والتطوير المستمر للبنى التحتية، وجذب المستثمرين بفضل استقرار البلاد.
وتوقع التقرير أن يبلغ العجز في ميزانية البلاد هذا العام ثلاثة بالمئة، مشيرًا إلى مبادرتين تخصّان السياسات العمومية خلال 2016، أولها تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22) بمراكش، وما رافق ذلك من عمل بيئي محلي كتشييد مجمع استغلال الطاقة الشمسية "نور" وعملية منع تداول الأكياس البلاستيكية، وثانيها تقوية البلاد لعلاقاتها مع البلدان الإفريقية، عبر عودة المغرب للاتحاد الإفريقي وتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية مع بعض بلدان القارة.
غير أنه مع ذلك، توقع التقرير ارتفاع نسبة التضخم بشكل طفيف لتبلغ هذا العام 2.1 بالمئة، فضلا عن بعض العراقيل التي تعترض نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة بالبلاد، منها التعليم وبعض جوانب المناخ التنظيمي كالنظام الضريبي والقضائي والعقاري، زيادة على استمرار حضور المجال الاقتصادي غير المهيكل، مع تسجيل توقعات إيجابية في هذا السياق خاصة مع تطوير وضع المقاول الذاتي وتمديد الاستفادة من التغطية الصحية.