هل أفلحت "حقن" الدعم الحكومي للاقتصاد الصيني؟
ونما اقتصاد الصين بين الربعين الثاني والثالث من السنة الجارية، بنسبة 4.9 في المئة، وهو ما وصفته المجلة بـ "الحالة الفريدة من نوعها بين أكبر الاقتصادات العالم".
وبينما توقع صندوق النقد الدولي أن يتجنب الصين الانكماش هذا العام فإن الجزم بذلك ليس متاحا تماما الآن بحسب المجلة، رغم تحكم بكين اللافت في تداعيات وباء كورونا المستجد، إلى جانب براعة التصنيع في البلاد.
فقبل فترة طويلة من تفشي الوباء، بدا ثاني أكبر اقتصاد في العالم غير متوازن بشكل خطير، إذ بذلت بكين قدرًا هائلاً من التركيز على رقم الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي كمقياس لقوتها الاقتصادية.
وكانت النتيجة أنه عندما كان النمو معرضًا لخطر الوصول إلى المستويات التي يعتبرها الحزب الشيوعي الصيني منخفضة للغاية، فإن الدولة قد انخرطت في تدخل عدواني.
وغالبًا ما اشتمل هذا التدخل على تمويل مشاريع، لا سيما في مجال البناء، والتي لا يمكن أن يكون لها غرض اقتصادي سوى تحفيز الطلب.
كما أدى التدخل المركزي إلى مستويات استثمار في الشركات المملوكة للدولة تتجاوز بكثير مساهمة القطاع الخاص، ما أسفر عن تضخم ديون البلديات العامة في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008.
ويبدو أن هذا قد حدث مرة أخرى، بمناسبة تفشي وباء كوفيد- 19 الذي انطلق من ووهان شهر ديسمبر 2019.
في الأشهر التسعة الأولى من العام، انخفض استثمار الأصول الثابتة من قبل شركات غير مملوكة للدولة الصينية بنسبة 1.5 في المائة عن العام السابق.
أما بالنسبة للشركات المملوكة للدولة، فقد ارتفع بنسبة 4 في المئة بالفترة ذاتها.
وحذر خبراء صينيون مرارًا من أن الاستثمار المفرط في مجالات مثل العقارات يؤدي إلى تراكم هائل للقروض.
لذلك، هناك عدة أسباب للاعتقاد بأن هذا الاختلال في التوازن بين الاستثمار الخاص والعام وما ينتج عنه من تهديد للنمو طويل الأجل يمكن أن يتفاقم.
واستجابت الصين للوباء بإغلاق حدودها لدرجة أنه أصبح من المستحيل الآن للأجانب الوصول إليها.
وإذا لم يعد بإمكان ممثلي الشركات من أماكن، مثل ألمانيا، زيارة الصين، فمن المتوقع أن يشهد اقتصاد بكين انخفاضًا في الاستثمار الداخلي نتيجة لذلك.
أضف إلى ذلك التوترات الجيوسياسية بين الصين وشركائها التجاريين، ولا سيما الخلاف مع الولايات المتحدة.
لكن خلاف الصين لم يتوقف عند حدود الولايات المتحدة، إذ يعتقد اقتصاديون أن لبكين مشاكل تجارية عديدة مع بلدان أخرى.
وقالت الحكومة اليابانية إنها ستدفع للشركات للتوقف عن استخدام المصانع الصينية، كما أن كوريا الجنوبية تبنت توجها مماثل.
وسعت بكين إلى تصحيح هذا الانكماش، من خلال نموذج أطلق عليه الرئيس الصيني، شي جينبينغ "التداول المزدوج".
تراجعت أسهم شركة "سميك" الصينية العملاقة لصناعة الأجهزة شبه الموصولة (الرقاقات) في هونغ كونغ، إلى أدنى مستوى لها منذ نهاية شهر مايو، بعد أن فرضت الولايات المتحدة قيودا على صادرات الشركة بسبب مخاطر الاستخدام العسكري.
وتضفي الفكرة الطابع الرسمي على دفعة طويلة الأمد لتوفير مزيد من النمو من خلال الطلب المحلي، مما يسمح للاقتصاد بالبقاء على قيد الحياة بعد انفصاله عن بقية العالم عن طريق استهلاك المزيد من منتجاته بنفسه.
وهناك دلائل على أن الطلب المحلي يتحسن، إذ قفزت الواردات إلى أعلى مستوى لها حتى الآن هذا العام في سبتمبر.
كما تعافت مبيعات التجزئة، وإن كانت بوتيرة أبطأ من إجمالي الناتج المحلي.
ومع ذلك، يشكل استهلاك الأسر أقل من 40 في المئة من الناتج، مقارنة بنحو 65 في المائة إلى 70 في المئة في معظم الاقتصادات المتقدمة.
وبينما ليس من مصلحة أحد أن يتعثر في وقت تهدد فيه الموجات الثانية بإحداث ركود مزدوج في الاقتصادات المتقدمة الأخرى، فإن عدم انتعاش الاستثمار الخاص، كما هو الحال في الصين، يشكل خطرا خلال الأرباع القادمة.