"اغتيالات وشهادات زور".. عميل للمخابرات التركية يدلي باعترافات سرية

سلم عميل لدى المخابرات التركية نفسه إلى الشرطة النمساوية، معترفا أنه تلقى أوامر بقتل سياسية نمساوية تنحدر من أصول كردية، بحسب ما نشرت صحيفة "نیویورك تایمز" الأميركية.


وعن الواقعة التي تعود أحداثها إلى الشهر الماضي، ذكرت "نيويورك تايمز" أن رجلا زعم أنه عميل لدى المخابرات التركية، دخل مركزا للشرطة في فيينا، حيث أدلى باعتراف قال فيه إنه تلقى أوامر بإطلاق النار على سياسية كردية-نمساوية، وهو الأمر الذي لا يريد أن ينفذه، وطلب حماية الشرطة.

كما قال إنه أُجبر على الإدلاء بشهادة زور لإدانة موظف في القنصلية الأميركية في إسطنبول، بينما تقول صحيفة "نيويورك تايمز": "إذا كان هذا صحيحا، فإن ادعاءات الرجل، الذي عرّف عن نفسه باسم فياز أوزتورك، توفر نظرة ثاقبة جديدة بشأن مدى استعداد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للذهاب لملاحقة أعدائه".

وحصلت الصحيفة على تقرير الشرطة بشأن هذه الواقعة. وقالت إن اعتراف أوزتورك قد يؤدي إلى إحداث فجوة في إدانة متين توبوز، الموظف بالقنصلية الأميركية والمحبوس في تركيا بتهمة التجسس.

ففي يونيو الماضي، قضت محكمة تركية بسجن توبوز ثمانية أعوام وتسعة أشهر، بعد اتهامه بمساعدة منظمة إرهابية، كما اتُهم توبوز بالصلة بمسؤولين قادوا تحقيقا بشأن الفساد في 2013، ثم تبين لاحقا أنهم أعضاء في شبكة متهمة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب في 2016.

وقضية توبوز هي واحدة من عدة قضايا ضد مواطنين وموظفين حكوميين أميركيين، قال المسؤولون في واشنطن إنها لا أساس لها من الصحة، ويرون أنها محاولة من قبل إردوغان لممارسة نفوذه في علاقاته العدائية المتزايدة مع الولايات المتحدة.

وأضافت الصحيفة أنه "عندما سلم أوزتورك نفسه في 15 سبتمبر الماضي، أخبر الشرطة أنه تقاعد من عمله الذي امتد لفترة طويلة في المخابرات التركية، لكن تم تكليفه مؤخرا بتنفيذ هجوم على أيغول بريفان أصلان، برلمانية سابقة عن حزب الخضر، وهي من أصل كردي وناقدة لإردوغان".

وقال وزير الداخلية النمساوي، كارل نهامر، الثلاثاء: "إننا نأخذ هذا الأمر على محمل الجد"، مضيفا أنه إنه لن يعلق على تفاصيل القضية لأن التحقيق مستمر، كما رفض مكتب المدعي العام التعليق، قائلا في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إن القضية حساسة للغاية لدرجة أنها "سرية".

وقال مسؤول حكومي كبير، مطلع على القضية، وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه إذا تم تأكيد مؤامرة مهاجمة سياسية كردية-نمساوية، فسيكون ذلك إشارة إلى مستوى جديد من التدخل التركي في النمسا.

ولطالما كانت الحكومة النمساوية قلقة بشأن نفوذ المخابرات التركية في النمسا، وأثارت هذه الحالة الأخيرة ناقوس الخطر، ففي الشهر الماضي فقط، خلصت لجنة خاصة للشرطة إلى أن المخابرات التركية جندت محرضين للمساعدة في إثارة اشتباكات عنيفة خلال احتجاج كردي في شارع في منطقة فافوريتين في فيينا في يونيو، وجمع معلومات عن المتظاهرين.

وفي ذلك الوقت، قال نهامر: "التجسس التركي والتدخل التركي في الحقوق الديمقراطية لا مكان لهما في النمسا". وذكرت وزارة الداخلية أن هناك حوالي 270 ألف شخص من أصول تركية في النمسا، وثلثهم من الأكراد.

لكن وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، كانت أكثرهم صراحة، حينما قالت: "النمسا أصبحت هدفا للتجسس التركي. أذرع إردوغان الطويلة تصل إلى فافوريتين".

وقالت الصحيفة: "ترافق استبداد أردوغان المتنامي على مدى العقد الماضي مع حملة عدوانية ضد أعدائه في الداخل والخارج، بدأت عندما اختلف مع الاتحاد الأوروبي، واشتدت بعد الانقلاب الفاشل في عام 2016 الذي ألقى الرئيس التركي باللوم فيه على رجل الدين المقيم في فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة".

وفي الداخل، أدت حملة القمع إلى سجن عشرات الآلاف من أعداء إردوغان السياسيين، بناء على أدلة غالبا ما يقول المحللون إنها واهية أو ملفقة. 

وفي الخارج، نفذت المخابرات التركية عمليات اختطاف وتسليم قسري لمائة أو أكثر من أنصار غولن، وامتدت، وفقا لمحققين فرنسيين، إلى اغتيال ثلاثة مسلحين أكراد في باريس عام 2013، على الرغم من نفي المخابرات التركية أي تورط في عمليات القتل هذه.