عزل ترامب: يكون أو لا يكون

تطرقت صحيفة "إيزفيستيا" إلى عزل الرئيس الأمريكي من منصبه؛ مشيرة إلى صدور كتاب جديد حول هذه المسألة للمؤرخ الأمريكي، الذي تنبأ بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.


مؤلف كتاب "13 مفتاحا للبيت الأبيض" آلان ليختمان، الذي يتنبأ في الانتخابات الرئاسية منذ عام 1981 بمن سيكون الرئيس الأمريكي المقبل، أصدر كتابا جديدا تحت عنوان "شروط العزل" (The case for Impeachment). وقد أرسل نسخة من هذا الكتاب، قبل عرضه في السوق، إلى "إيزفيستيا"، وهو يشير فيه إلى عدد من الأسباب، التي يمكن أن تستدعي عزل ترامب. والأسباب الرئيسة هي: تضارب المصالح بين الأعمال التجارية والسياسة، وما يسمى بعلاقته بروسيا قبل الانتخابات، و"ميل الرئيس إلى شهادات الزور".

ومع ذلك، فإن السبب الرئيس المحتمل لعزل ترامب، بحسب ليختمان، هو العلاقة المحتملة بين ترامب وموسكو رغم أن المحللين السياسيين في الولايات المتحدة لا يشاطرونه جميعا هذا الرأي.

ولقد أصبح ليختمان موضع اهتمام المجتمع الأمريكي بعد تنبؤه بنتيجة الانتخابات الرئاسية في أمريكا وفوز دونالد ترامب. وها هو يصدر كتابه بعد مضي 100 يوم على تنصيب ترامب رئيسا للبلاد.

يقول ليختمان: "كان دونالد ترامب من بين الذين أثارت نتائج بحوثي اهتمامهم، وقد كتب لي: "أهنئك يا أستاذ – اختيار جيد!"، لكنه تجاهل التنبؤ الثاني بشأن تقديمه إلى العدالة. وإنني هنا لم أعتمد على النموذج الذي استخدمه دائما، بل استخدمت تحليلا عميقا لسلوك ترامب، والتاريخ السياسي وتاريخ العزل في البلاد".

الكاتب آلان ليختمان
يجب القول إن العزل - عملية معقدة، وهي تعني أن رئيس الدولة ونائبه والمسؤولين المدنيين قد يعزلون من مناصبهم بسبب الخيانة العظمى، والفساد أو بسبب جرائم جدية وانتهاكات قانونية. وقد جرت في تاريخ الولايات المتحدة محاولتان لعزل رئيس البلاد، كانت الأولى ضد الرئيس أندرو جونسون عام 1868، والثانية ضد بيل كلينتون عام 1998، لكنهما باءتا بالفشل وبقي الرئيسان في منصبيهما. وفي عام 1974 كان ريتشارد نيكسون قاب قوسين من عملية العزل، غير أنه قدم استقالته قبل إطلاقها، وبذلك أصبح أول رئيس أمريكي يستقيل من منصبه.

بيد أن ليختمان يؤكد في كتابه الجديد أنه "يمكن اتهام ترامب بالخيانة العظمى، إذا ما ثبتت المزاعم بشأن طلبه شخصيا أو أحد أعضاء فريقه الانتخابي من روسيا التأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة". وكذلك وجود تضارب مستمر للمصالح – وهذه مشكلة أخرى لترامب. فبحسب المؤلف، مثل هذه الأمور قد تؤدي ليس فقط إلى فقدان ثقة المواطنين، بل وإلى اتهامه بشهادة الزور.

فـ "في 11 يناير/كانون الثاني عرض ترامب خلال مؤتمر صحافي خاص مجموعة ملفات، كانت جزءا من الوثائق، التي وقعها بشأن تخويل أولاده إدارة أعماله التجارية. بيد أن مساعديه منعوا رجال الصحافة من الوصول اليها، أي لا أحد يعلم ماذا تحوي هذه الملفات".

وإضافة إلى هذا، يرى ليختمان أن تضارب المصالح يكمن في أن أي فائدة مالية من دولة أخرى يعدُّ انتهاكا لدستور البلاد، وعقوبتها الفصل من العمل. وكما هو معلوم، فإن ما لا يقل عن 20 بلدا هي شريكة في مؤسسة ترامب "Trump Organization".

ومع أن مسالة عزل ترامب برزت عمليا منذ تنصيبه رئيسا للبلاد، فإن جميع المحللين لا يشاطرون ليختمان وجهات نظره. فبحسب مدير مركز التحليل السياسي-العسكري في معهد هدسون ريتشارد وايتس، ليس هناك أي عوامل تشير إلى ترك ترامب منصبه قبل نهاية فترة ولايته.

ريتشارد وايتس
ويقول وايتس إن من "الصعب جدا عزل الرئيس الأمريكي عن منصبه، إلا في حالة اقترافه جرائم جدية فقط. أما هنا فلا توجد أي دلائل تشير إلى اقتراف ترامب جرائم يستحق العزل بسببها. وإضافة إلى هذا، ليس هناك من بدأ يخطو خطوات جدية في هذا الاتجاه لعزل ترامب مستقبلا. لذلك أنا واثق من أنه سيبقى في منصبه مدة السنوات الأربع المقررة".

أما المحلل السياسي، رئيس شركة "استشارات مينتشينكو" القابضة يفغيني مينتشينكو، فيشك في عزل ترامب، ويقول إنه تحدث "قبل فترة مع عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين، الذين أكدوا وجود مشكلات مع ترامب لأنه ليس جمهوريا "كلاسيكيا"، وأنه إيديولوجيا غير مفيد لهم. وإضافة إلى هذا هناك مشكلة انخفاض شعبيته. ولكن من جانب آخر يحتفظ بقاعدة ناخبي الحزب التقليدية، على الرغم من حنثه بوعوده في الحملة الانتخابية. لذلك ليس في نية الحزب تغييره، وخاصة أن الكونغرس على أبواب انتخابات جديدة في عام 2018. أما بشأن العلاقة مع روسيا، فإن جميع الناس الواعين يدركون جيدا أنها مسألة وهمية. أي أن خيار عزل ترامب موجود ولكنه ضئيل جدا"، كما يقول المحلل السياسي.

كما أن ليختمان نفسه يسلم باحتمال عدم حدوث عزل ترامب. ولكن على ترامب وفقا لرأيه تغيير سلوكه السياسي.