بالصور .. هل احتفل المسيحيون في السعودية بأعياد "الكريسماس"؟
مع انتشار احتفالات أعياد الميلاد في بلدان العالم، برز الحديث مجدّداً عن دخول مثل تلك الفعاليات إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت حتى أقل من عام ترفض وتمنع أي مظاهر أو طقوس لأديان غير الإسلام.
لكن الحال تغيّر في الآونة الأخيرة؛ بخطوات نفّذها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، رافقها صمت من علماء بلاده الرافضين للفكرة، ما جعل التغاضي عن المسيحيين المحتفلين بهذه الأعيان أحد سياسات الرياض الجديدة بما تسميه "التسامح" مع الديانات الأخرى.
فلم يمضِ عام على زيارة بن سلمان للمقرّ البابوي في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في العاصمة المصرية القاهرة، في مارس الماضي، حتى توّجت بإقامة أول قداس مسيحي في السعودية، بداية الشهر الحالي، بمشاركة الأنبا مرقس، مطران أبرشية شبرا الخيمة.
وترأس مرقس القداس الأول الذي أُقيم بقاعة أحد الشاليهات في الرياض، وبمشاركة كبيرة من الأقباط العاملين في المملكة وبعض الجاليات المسيحية.
واصطحب مرقس أدوات الصلاة حسب الطقس القبطي الأرثوذكسي معه من القاهرة، ومنها أواني المذبح، ولوح مقدّس بديل عن مذبح الصلاة، حيث تم تقديم القربان المقدّس للمشاركين.
والتقى مرقس، الذي زار السعودية بعد تلقيه دعوة رسمية من الديوان الملكي، محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ووفداً من السفارة المصرية بالسعودية، حيث استمرّت زيارته حتى 17 من الشهر الحالي.
ونُشرت صور لأحد المسيحيين يتناول القربان من المطران مرقس داخل القاعة الموجود بها عدد من المشاركين في القداس، بينما لم تعلن الكنيسة المصرية ولا السعودية رسمياً عن زمن إقامة القداس.
ويؤكّد انتشار أخبار مثل هذه الطقوس لأديان أخرى غير الإسلام، دون الكشف عنها أو تنظيمها رسمياً، وجود غيرها أيضاً تتم تحت سرية تامة، وهو ما يرجّح حصول احتفالات أعياد الميلاد الحالية أيضاً في المملكة، لأول مرة في تاريخها، وفق ما يرى مراقبون، إن كان في السر أو ما سينشر من صور في الفترة المقبلة، كما حصل مع القداس الذي عقد في الرياض في أحد شاليهات العاصمة السعودية.
حيث يعيش نحو مليون مسيحي على الأقل في السعودية، أغلبهم من الهند والفلبين، ويعتنقون الكاثوليكية، إضافة إلى مغتربين غربيين من مختلف الطوائف، بحسب تصريحات مسؤولين في الفاتيكان، في حين تفيد تقديرات أخرى أن عدد المسيحيين في السعودية يتجاوز مليوناً ونصف المليون.
تجاوز للمبادئ
ويُعدّ القداس الأول في السعودية تجاوزاً لمبادئها المحافظة التي اتّسمت بها طوال العقود الماضية في عمرها، حيث لم تعرف المملكة بتاريخها إقامة صلوات جماعية غير إسلامية، أو قدّاسات مسيحية لأي كنيسة.
وتأتي إقامة الطقوس المسيحية في الرياض بالتزامن مع سياسات بن سلمان الجديدة؛ التي من بينها نيّته بناء وترميم كنائس تاريخية في السعودية، من ضمنها الموجودة في مدينة الجبيل، بحسب ما كُشف عقب زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي للرياض، يوم 14 نوفمبر 2017.
تهيئة الظروف
ولم يأتِ هذا القداس المسيحي فجأة في السعودية؛ إذ كشف جويل روزنبرغ، أحد أشدّ المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين دفاعاً عن "إسرائيل"، في نوفمبر الماضي، أن بن سلمان وعده بفتح كنائس في بلاد الحرمين، بعد تهيئة الظروف مسبقاً دينياً وشعبياً لتقبّل الدين الجديد على جزيرة العرب.
واللافت أن مؤسّس السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، طرد يهود نجران الذين رفضوا دعوته إياهم للإسلام إلى اليمن، التزاماً بحديث نبوي أنه "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب".
وبيّن روزنبزغ أن ولي العهد السعودي وعده بأنه سيطلب من علماء الدين في بلاده إشاعة أن جزيرة العرب الواردة في الحديث الشريف تعني فقط مكة والمدينة، ما يسمح لاحقاً بفتح كنائس في البلاد.
اتفاقيات مع الفاتيكان
كذلك كشف موقع "Egypt Independent"، في تقرير نشره مؤخراً، أن السعودية وقَّعت اتفاقاً مع الفاتيكان يقضي ببناء كنائس للمسيحيين في المملكة.
وتنص هذه الاتفاقية على بناء الكنائس، والدعوة إلى تبادل الثقافات بين الأديان؛ لدوره المهم في نبذ العنف والتطرّف والإرهاب، ودوره في تحقيق الأمن والاستقرار بالعالم.
وتمخّضت هذه الاتفاقية عن إنشاء لجنة مشتركة منسّقة تضم ممثلَين اثنين عن كل جانب؛ لتنظيم اجتماعات مستقبلية.
ورغم أن السعودية تعتمد التزاماً شديداً بتعاليم الإسلام وتمنع ممارسة شعائر دينية أخرى، فإن ولي العهد استقبل رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في دولة الفاتيكان، الكاردينال جان لويس توران، والوفد المرافق له إلى الرياض، يوم 14 أبريل الماضي، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي مقابلة مع صحيفة "الفاتيكان" بعد الزيارة، قال توران إنه سعيد بما وصفه بـ"بداية التقارب"، وأضاف أنها علامة على أن السلطات السعودية مستعدّة الآن لتقديم صورة جديدة للبلاد.
وتحظر المملكة بناء أي دور للعبادة غير المساجد للمسلمين، وفي حال أقدم المسيحيون على التعبّد في أماكنهم الخاصة فإنهم يتعرّضون لخطر الاعتقال والسجن، إلا أن ذلك يبدو أنه قد تغيّر في سياسات المملكة الجديدة.