الجارديان: لهذه الأسباب لن يتوقف الحديث عن قتل خاشقجي

الجارديان: لهذه الأسباب لن يتوقف الحديث عن قتل خاشقجي
الجارديان: لهذه الأسباب لن يتوقف الحديث عن قتل خاشقجي

تطرقت صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى الأسباب التي جعلت من جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قضية رأي عام عالمي لا تغيب عن عناوين الصحف والأخبار منذ مقتله يوم 2 أكتوبر الماضي.


وقالت الكاتبة نسرين مالك، في مقال نشرته الصحيفة، إنها قالت للمحررين يوم اختفاء خاشقجي إن الحديث عن القضية، لسوء الحظ، لن يستمر أكثر من يومين أو ثلاثة.

لكن الآن وقد مرَّ أكثر من شهر، فإن هذه القضية من النادر أن تغيب عن عناوين الصحف والأخبار، بل ركز الناشطون والصحفيون ومنظمات حقوق الإنسان على توجيه أصابع الاتهام إلى النظام السعودي، وهو الأمر الذي فشلوا فيه بشدةٍ طيلة سنوات، بحسب الكاتبة.

وترى مالك أن سبب الاهتمام بقضية خاشقجي ليس لأنه صحفي وانحازت إليه وسائل الإعلام، فقد قُتل وخُطف العديد من زملاء المهنة، ولم تُثر قصصهم الانتباه، كما حصل مع خاشقجي، وليس لأنه شخصية بارزة. "صحيح أنه كان يظهر على وسائل الإعلام، ولكنه كان بعيداً عن أن يكون اسماً غير مألوف".

وأيضاً، لم يكن خاشقجي زعيم معارضة بارزاً، فهناك الكثير من السعوديين المعارضين في المنفى ممن لديهم مواقف علانية ونظموا أنفسهم في تنظيمات معارضة وكانوا أهدافاً محتملة لغضب النظام السعودي، لكنه مع ذلك لم يتم التفاعل معهم بشكل أوسع، بحسب الصحيفة.

ورغم إقامته في الولايات المتحدة، فإن خاشقجي لا يمكن وصفه بأنه منتقد عنيف للسلطات السعودية، بل كان منتقداً ودياً، كما تقول الكاتبة، وكان يختار كلماته بعناية، ولم ينادِ بتغيير النظام، وكان على اتصال دائم مع كبار أعضاء العائلة الحاكمة، فضلاً عن كونه شخصاً معروفاً وعمل وقتاً طويلاً في الدوائر الداخلية السياسية والإعلامية.

كان هناك شيء ما حدث جعل من قضية خاشقجي مختلفة، تقول نسرين مالك، مضيفة: "ما حدث له لم يكن متوقعاً، هناك عنصر الخيانة المروعة التي تعرض لها خاشقجي، لقد قُتل داخل القنصلية في أرض أجنبية. إن ما حصل يشبه تماماً قتل شخص داخل كنيسة، لذا فإنه كان مختلفاً عن تصفية عشوائية داخل شوارع إسطنبول. ما جرى يذكرنا بما فعله صدام حسين بأزواج بناته، بعد أن فروا من العراق، ليُصدر عفواً عنهم، وبعد عودتهم تم قتلهم".

على خلفية مقتل خاشقجي، تقول الكاتبة، أصبحت الفظائع الأخرى التي ارتكبها النظام السعودي تحت الأنظار، وباتت صفقات الأسلحة المبيعة للسعودية تخضع لتدقيق أكبر، فقد أوقفت ألمانيا بيع الأسلحة للسعودية، التي ما زالت تقتل اليمنيين، وهذا كله كان يسعى إليه نشطاء بعد أن شاهدوا كيف يتم قصف وتجويع الأطفال هناك. لقد فوجئ الكثير منهم بأن قضية خاشقجي مثلاً وجدت كل هذا الصدى، في حين لا تأخذ قضيةٌ مثل تجويع وقتل أطفال اليمن مثل هذا الاهتمام.

وتضيف الكاتبة: "لا يمكننا أن نتوقع ما يمكن أن تحدثه بعض الحوادث من تأثير في الجمهور أو في حكوماتهم، نعم فشل العالم في إيلاء حرب اليمن الاهتمام الكافي، ولكنه أيضاً تعاطف بشكل لافت مع قضية خاشقجي، هذه سمة من سمات البشر، يمكن أن يأخذ موت شخص معروف كل هذا الاهتمام".

وترى الكاتبة أن الكثير من القصص في التاريخ أشارت إلى أن قصة فرد يمكن أن تشعل انتفاضة، كما حصل مع بائع الخضر التونسي محمد بوعزيزي، الذي أضرم النار بجسده لتشتعل بعده ثورة في تونس وتمتد إلى بلدان عربية أخرى.

فعلاً، يمكن القول إن ما جرى هو بمثابة ضربة حظ، بحسب الكاتبة، فقد مَثَّل مقتل خاشقجي فرصة للضغط على السعودية ونخبها الحاكمة، وتسليط الضوء على الجانب الوحشي والقاسي في تعامل الحكومة مع شعبها وخصومها، كما يجب أن يؤدي مقتل خاشقجي إلى إعادة تقييم المنطق الواقعي الجبان في التعاون الأمني، الذي يتذرع به حلفاء السعودية الغربيون لتبرير دعمهم للرياض.