الكهرباء .. دواء جديد!

الكهرباء .. دواء جديد!
الكهرباء .. دواء جديد!

يقال في الموروث الشعبي في كثير من الثقافات "عندما تكون أداتك الوحيدة مطرقة، تبدو كل المشاكل أمامك وكأنها مسمار".


هذا المثل ينطبق بشكل كبير على الطب، حيث يعالج الأطباء كل الحالات تقريباً -من الاكتئاب إلى ارتفاع ضغط الدم- بواسطة الحبوب، في حالة عدم احتياجك لتدخل جراحي.

وفي دراسة موسعة أجراها مجموعة من العلماء من كليتي الطب والهندسة الكهربائية في جامعة باث بالمملكة المتحدة، بينوا أن حلول الأطباء التقليدية ستتغير قريباً، وأحد الأساليب الجديدة والجذرية لعلاج كثير من الأمراض سيكون بالكهرباء.

لماذا الكهرباء؟
إن كل ما نقوم به من المشي إلى الحلم، يتم التحكم فيه أو تنظيمه بواسطة إشارات كهربائية.

ويقع محور النشاط الكهربائي في جسم الإنسان بالدماغ، وينتقل من خلال النخاع الذي يمثل الكابل الرئيس لنقل الإشارات، ويتفرع بعد ذلك إلى الأعصاب التي تُسَلم الأوامر العصبية -عبارة عن نبضات كهربائية- إلى أجزاء الجسم المختلفة للقيام بعمليات معينة.

وقد تؤدي أي إصابة في النخاع الشوكي إلى الشلل الذي لا يرجى شفاؤه.

وبحسب ما نقله موقع "ذا كونفيرسيشن" الذي نشر الدراسة، فإن معدل إصابات الحبل الشوكي حول العالم يبلغ ما يقارب 2.5 مليون إصابة، وبمعدل زيادة يبلغ 130 ألف إصابة كل عام.

ويقول الخبراء: "إذا ما أمكننا إيجاد طريقة لقراءة وكتابة الإشارات الكهربائية، أو بعبارة أخرى فهم لغة الجهاز العصبي، فسيكون عندنا قاعدة بيانات رقمية لجسم الإنسان، حينئذٍ يمكن أن يسد جهاز صغير مزروع داخل الجسم الفجوة التي أوجدتها إصابة الحبل الشوكي".

الكهرباء والعلاج
وكان لويجي جاليفاني من أوائل العلماء الذين أدركوا أن للكهرباء دوراً في صحة الإنسان.

إذ أجرى تجربة على ضفدع مشلول بعد ربط ساقيه بمصدر كهرباء، ولاحظ الحركة التي أنتجتها ساقا الضفدع والتي وصفها بالرقص.

وبعد قرن من تجربة جاليفاني، طُرحت فكرة جهاز تنظيم ضربات القلب لأول مرة.

واليوم، في الوقت الذي تُعَد فيه الإلكترونات الحيوية مجالاً نشطاً للغاية بمجال الأبحاث، فإن الأجهزة المتاحة التي تتفاعل بصورة مباشرة مع الجهاز العصبي قليلة.

العصب المبهم هو الهدف المنشود للعلماء، وهو الجزء من النخاع الذي يمتد أسفل جانبي الرقبة، ويكون بداية انطلاق الأوامر العصبية الخارجة من الدماغ متركزة فيه.

لذا، يحاول العلماء بدء فك شيفرات الإشارات العصبية من هذه المنطقة.

لكن مع ذلك، فإن تسجيل إشارات الدماغ في العصب المبهم ليس بالأمر اليسير، إذ يحتوي العصب المبهم على عشرات الآلاف من العصبونات، وكل عصبونة تنقل إشارات معينة إلى منطقة تختلف عن الأخرى.

وعلى الرغم من صعوبة الأمر، فقد تمكن العلماء من فك بعض شيفرات العصب المبهم، إذ تمكنوا من تسجيل الشيفرات المتعلقة بالتنفس والتي ستساعد كثيراً في تصميم أجهزة تعالج اضطرابات الجهاز التنفسي.

والآن اقترب العلماء من إيجاد شيفرات المثانة.

وقد لا تحل الكهرباء محل الأدوية التقليدية، ولكن في المستقبل غير البعيد ستكون مكملة لها.