بعد سوريا والعراق .. هل يكون الأردن وجهة "داعش" المقبلة؟
على الرغم من هزيمة تنظيم الدولة عسكرياً في كلٍّ من العراق وسوريا، فإن التقديرات الرسمية الأردنية، التي تحدث بعضها لـ"الخليج أونلاين"، ما تزال تطلق تحذيراتها حول ملف الأردنيين العائدين من "داعش" والتنظيمات المسلحة الأخرى.
خبراء ومراقبون أكدوا أن تنظيم داعش ما يزال يشكل خطراً أمنياً ووجودياً على المملكة، وتحديداً من خلال العمليات الحدودية، أو عمليات داخلية عن طريق الخلايا النائمة و"الذئاب المنفردة"، داعين الأجهزة الأمنية الأردنية وقوات حرس الحدود لـ"أخذ الحيطة والحذر، وعدم التراخي الأمني بشأن التنظيمات المسلحة، التي تسعى لإعادة بناء نفسها على الأراضي الأردنية".
المواقف الأردنية الجديدة جاءت بعد التقرير الذي نشرته مجلة "ناشينال إنترست" الأمريكية المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية، والمتعلق باستهداف تنظيم داعش الأردنَ ليكون ضحية ثالثة له بعد العراق وسوريا.
المجلة الأمريكية تحدثت عن بيئة "خصبة" ربما يجدها التنظيم في الأردن، تتعلق بأعداد الأردنيين المقاتلين الذين ينتمون إلى التنظيم، والمقدَّر عددهم بـ3000 شخص، أو بسبب البيئة التي باتت عاملاً مساعداً لعناصر التنظيم في حال عادوا لبلادهم، والحديث هنا يدور حول مشاكل الفقر والبطالة.
من الحرب النظامية إلى حرب العصابات
اللواء المتقاعد والخبير العسكري الاستراتيجي فايز الدويري، قال: إنه "رغم الهزيمة التي لحقت بتنظيم داعش في سوريا والعراق، وهو ما يعني إضعاف قدرات التنظيم وإسقاط جيشه، فإنه لم يزل موجوداً، وعاد للقتال على شكل حرب عصابات أو غارات وكمائن وعمليات انتحارية، من خلال خلاياه النائمة أو ذئابه المنفردة".
ولم يستبعد الدويري في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن "ينفذ التنظيم عمليات إرهابية من خلال التسلل إلى الحدود الأردنية، لأن الأردن يعتبر بالنسبة له هدفاً استراتيجياً وحيوياً".
أما الكاتب والمحلل السياسي والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية محمد الخصاونة، فقد علق على تقرير المجلة الأمريكية، بالقول: "المسألة بالأساس تعود إلى ما يسمى (عش الدبابير) أو (الخلايا النائمة)"، التي "استيـقظت مستغلةً غضب المواطن وتململه من الظروف الاقتصادية الصعبة، واحتجاجه على رفع الأسعار، والغلاء، وانتشار الفساد المسكوت عنه؛ ومن ثم شاهدنا عملية السلط الإرهابية مؤخراً".
وتساءل الخصاونة: "كيف سيكون حالنا لو انتصرت التنظيمات المسلحة بسوريا؟ ما حدث في السلط، وما سبقه من عمليات مسلحة على الأرض الأردنية، لن يُثنيانا عن الإيمان بأن الأردن مُحصّن بوعي شعبه ويقظة قيادته وجيشه ومؤسساته الأمنية".
واستدرك: "ولكنَّ نشر العنف والفوضى بأدوات محلية غير واعية لشمولية المشهد، يصب في طاحونة الصراع الدموي الإقليمي".
في حين رأى وزير الثقافة الأردني، والخبير بالجماعات الإسلامية محمد أبو رمان، أن تطوُّر الأحداث وتلاحقها، من تفجيرات في السلط وتفجير مدرعة للأمن، يحملان دلالات ويبعثان برسائل مهمة على الصعيد الوطني العام، ومنها أن "نهاية تنظيم داعش في العراق وسوريا لا تعني، بأي حالٍ من الأحوال، نهاية التنظيم وخطورته على الأمن الوطني الأردني".
وقال أبو رمان: "حتى لو افترضنا تراجع الخطر الخارجي، فما يزال تنظيم داعش داخلياً في الأردن موجوداً، له أنصاره ومريدوه وأعضاؤه المؤيدون لهذا الفكر والمؤمنون به، وإن كان أغلبهم اليوم في مراكز الإصلاح والتأهيل".
واستدرك قائلاً: "لكن المشكلة الكبيرة التي سنواجهها في مرحلة قريبة، هي أن نسبة كبيرة من المحكوم عليهم، على خلفية هذه القضايا، خاصة قضايا الترويج لداعش أو الالتحاق به أو محاولة الالتحاق به، ومعدل عقوبة هذه التهم بين 3 و7 أعوام، سيخرجون من مراكز الإصلاح، من دون أن تكون هنالك عملية جدية ومؤسسية لإعادة تأهيلهم، بل على النقيض من ذلك، ربما كانت مرحلة السجن بمثابة فترة ذهبية لتجنيد العناصر وتأطيرهم بصورة عميقة أيديولوجياً وتنظيمياً مع هذا التيار".
وختم أبو رمان بالقول: "إن كان التحدي الذي يواجه دول العالم هو التكفيريين العائدين من سوريا والعراق، فإن التحدي الأخطر للأردن يتمثل بالعائدين والموجودين في سجوننا".
"سوسيولوجيا" التطرف في الأردن
"الخليج أونلاين" حصل على دراسة بحثية غير منشورة، حملت عنوان: "سوسيولوجيا التطرف في الأردن"، شملت 760 شخصاً يحمل فكراً متطرفاً أو ملتحقاً بجماعات متطرفة في سوريا والعراق، لمعرفة التوزيع الجغرافي والسكاني لهم، وتتوزع خارطة الملتحقين بالجماعات المتشددة على محافظات المملكة، فبلغت نسبة الملتحقين من الزرقاء 40.7%، وإربد 17.4%، والبلقاء 13%، وعمّان 12%، ومعان 9.3%، والكرك 4.9%، وبقية المحافظات 2.7%.
وفيما يتعلق بالمشمولين بالدراسة أو قاعدة البيانات مِن الذين ما زالوا موجودين بالأردن، فنسبتهم 68.6%، في حين قُتل منهم 25%، وما يزال منهم من يقاتل في سوريا 16%.
وتوزع الملتحقون، حسب الدراسة، على النحو التالي (36.4% داعش، و31% يعتنقون الفكر التكفيري، و24.9% جبهة النصرة، و4.2% تنظيم القاعدة، و3.6% تنظيمات سلفية جهادية أخرى).