هل ينقذ اغتيال خاشقجي رؤوس معتقلي الرأي في السعودية؟
تجري مفاوضات بين الجانبين التركي والسعودي حول قضية اختطاف ومقتل الكاتب جمال خاشقجي، وسط مطالبات من نشطاء بأن يُدرج ملف المعتقلين السعوديين ضمن هذه المفاوضات.
السعودية التي دشنت عهد ولي العهد الجديد محمد بن سلمان بحملة اعتقالات شملت أمراء وسياسيين ونشطاء ودعاة وليبراليين ومعارضين، وأحكاماً بالإعدام والسجن لسنوات طويلة لعدد منهم، انتقلت لمرحلة أعمق وهي التهديد بالاختطاف والقتل لمن ينتقد أو يعترض.
وبات اليوم ملف السعودي خاشقجي على الطاولة وسط أنباء من مصادر تركية مطلعة عن مفاوضات حثيثة، وترقب من قبل رؤساء العديد من دول العالم لما سيؤول إليه هذا الملف.
خاشقجي الذي دخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية يوم الثلاثاء (2 أكتوبر) ولم يخرج حتى الآن، بات حديث العديد من الرؤساء والسياسيين والنشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والمقابلات عبر القنوات التلفزيونية.
قضية خاشقجي أعادت إلى الأذهان قضايا مئات المعتقلين في سجون السلطات السعودية، الذين طالهم التعذيب والحبس ظلماً ونفذت بحقهم محاكمات سرية لا تخضع للقوانين الدولية، ما دفع النشطاء اليوم إلى المطالبة بالإفراج عنهم، ووضع حد لهذه الممارسات البعيدة عن حقوق الإنسان.
وقال الناشط محمود البنداري عبر حسابه على موقع "تويتر": "نتمنى على تركيا وهي تبرم صفقة حول مقتل خاشقجي مع السعودية برعاية أمريكا أن تضع في سلة مطالبها ومصالحها الإفراج عن العلماء والشيوخ المعتقلين بالمملكة وتأمين خروجهم من البلاد".
قضية خاشقجي تصدر معها نقاشات عميقة حول اعتقالات الدول العربية لمعارضين وكتاب وصحفيين، إذ إن الكاتب السعودي كان ينتقد سياسات ولي العهد والحرب في اليمن، وطالب بالإفراج عن المعتقلين، وكتب العديد من المقالات بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ما أدى في النهاية إلى اختطافه.
وخلال تصدر قضية خاشقجي واصل خبراء مستقلون من الأمم المتحدة مطالباتهم بالإفراج عن المعتقلين في السجون السعودية، فوراً ودون شروط.
ولطالما طالبت بذلك أيضاً منظمات حقوقية دولية ودول غربية مثل كندا، ما أدى إلى قطيعة بينها وبين المملكة بنهاية الأمر.
وفي سبتمبر الماضي، كشفت مصادر حقوقية سعودية لـ"الخليج أونلاين" أن عدد معتقلي الرأي بالمملكة ناهز ثلاثة آلاف معتقل منذ حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات في سبتمبر عام 2017، وشملت أصحاب تخصّصات شرعية وقانونية وقضاة وإعلاميين وغيرهم.
وشارك حساب "معتقلي الرأي" على موقع "تويتر" مقطع فيديو لخاشقجي وهو يتحدث عن القسوة بالاعتقالات في السعودية، والتضييق على حرية الرأي، والتي أدت لخسارة بن سلمان للمكاسب التي حصل عليها سابقاً.
كما ذكر الحساب ترجيحات أن يتكرر سيناريو اختطاف خاشقجي مع أشخاص آخرين، مثل الكاتب والناشط السعودي أحمد بن راشد بن سعيد الذي فرّ من بلاده، ووجهت له تهم متعلقة بالإرهاب.
قضية خاشقجي أسهمت أيضاً بشكل كبير بدعم قضايا حقوق الإنسان والمعتقلين في السعودية منذ سبتمبر عام 2017، وسط آمال بأن يوضع حد لهذه الانتهاكات.
وقالت مصادر حقوقية، إن المعلومات التي تصلهم "بخصوص أحوال المعتقلين داخل السجون لا تزيد عن عُشر عدد المعتقلين الحقيقي"، في وقت ينتهك الإهمال الصحي لمعتقلي الرأي بالسعودية نظام الإجراءات الجزائية، وجميع المواثيق الحقوقية الدولية التي تكفل حقوق المعتقل وتضمن له رعاية صحية تامة.
وتقول منظمات حقوقية وناشطون في المجال الإنساني إن تحرّكات بن سلمان الأخيرة تهدف إلى القضاء على النشاط الدعوي والحقوقي بالبلاد، وتعزيز قبضته الأمنية على "مملكة الخوف".
وتعزّز المحاكمات السريّة التي أجرتها السلطات السعودية لعدد من المعتقلين على غرار الشيخ سلمان العودة الذي طالبت النيابة العامة بقتله "تعزيراً"، فضلاً عن الدكتور علي العمري وعصام الزامل، الشكوك حول نيّة بن سلمان إعدام عدد من المعتقلين خلال الأشهر المقبلة، تمهيداً لتنصيب نفسه حاكماً جديداً للبلاد.