مجلة أمريكية: كيف يمكن لهذه الأنظمة القمعية أن تشكِّل "ناتو عربياً"؟
قلّل دوغ باندو، الباحث في معهد كاتو والمساعد السابق للرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريغان، من فرصة نجاح تشكيل إدارة دونالد ترامب تحالفاً عربياً جديداً تحت اسم "ناتو" عربي لمواجهة تهديدات إيران.
ويؤكّد باندو، في مقال له نُشر في الموقع الإلكتروني لمجلة "ناشينال إنترست" الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن التحالف الجديد الذي يريده ترامب محكوم عليه "بالفشل"؛ لكون الإدارة الأمريكية الحالية تعتبر حلف شمال الأطلسي عبئاً على الولايات المتحدة، فكيف لها أن تُقدم على خطوة إنشاء حلف مماثل في الشرق الأوسط؟
وتقوم فكرة التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط على مواجهة إيران، و"سيكون حصناً ضد العدوان الإيراني والإرهاب والتطرّف، وسيجلب الاستقرار للشرق الأوسط"، بحسب ما جاء في تصريح للمتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جاريت ماركيز.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عقد اجتماعاً مع الدول التي يُفترض أنها ستشكّل التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، كما أطلق عليه، وذلك خلال اجتماعات الجمعيّة العمومية في نيويورك.
وزار نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي، تيم لندرنينغ، منطقة الخليج لترويج هذه الفكرة.
السعودية تموّل الإرهاب
ويُرجع باندو أسباب فشل هذا التحالف إلى وجود دول خليجية موّلت الإرهاب على مرِّ السنين، كالسعودية التي قدّمت نحو 100 مليار دولار في العقود الأخيرة لدعم الفكر الوهّابي غير المتسامح، بحسب رأيه.
ويضيف: "أغلب منفّذي هجمات 11 سبتمبر قدِموا من السعودية، في حين أدّت أبوظبي دوراً سلبياً وعملت على زعزعة الاستقرار في اليمن وليبيا وسوريا ولبنان، وخلافاً لموقف واشنطن، كانت قطر والكويت وعمان تحتفظ بعلاقات جيدة مع إيران، بمعنى أن التحالف الجديد سيخوض حرب الكل ضدّ الكل؛ بسبب تباين المواقف بين أعضائه من إيران".
ويُضيف: "السعودية والإمارات تسعيان للتحكّم بجيرانهما، فلقد فرضتا حرباً في اليمن، وقامتا بغزو البلاد بحرب قاتلة، كما حاصروا قطر، بل خطَّطوا لغزوها لولا المعارضة الأمريكية، في حين كانت الكويت وعمان تؤدّيان دورا تقليدياً للتوسّط بين جيرانهما".
ويوضّح الكاتب أن ترامب يسعى من خلال إقامة مثل هذا التحالف لمواجهة إيران، علماً أن طهران تعيش حالة من الفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي وتفتقر إلى جيش تقليدي فعّال، ولا تشكّل أيّ خطر على أمريكا.
استقلالية قطر
ويوضّح أن استقلالية قطر أغضبت السعودية والإمارات، خاصة أن الدوحة سمحت بتغطية إعلامية لجرائم الحرب التي ترتكبها الرياض وأبوظبي في اليمن، وهو ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام فكرة الناتو العربي، إضافة إلى أن أعضاء هذا التحالف لا يتَّفقون على التهديد الذي تمثّله إيران.
ويعتبر المساعد الأسبق للرئيس الأمريكي أن التحالف الشرق أوسطي الذي تعمل عليه أمريكا يضمّ دولتين؛ البحرين والأردن، وهما تعانيان من مشاكل داخلية واقتصادية كبيرة.
ويقول: إن "البحرين، الملكية السنّية الحاكمة، تعمل على قمع الشيعة، في حين يعاني الأردن من مشاكل اقتصادية كبيرة، أما مصر، العضو الآخر في التحالف، فإن النظام فيها مَدين بالمليارات للرياض وأبوظبي، ويعاني من خطر الفقر المستشري في البلاد".
وحسب وجهة نظر الباحث، لا يمكن أن تلتقي كل تلك الأطراف إلا إذا ضغطت الولايات المتحدة وأرهبت الأعضاء الآخرين لقبول السيطرة السعودية، الأمر الذي يهدّد بسحبهم إلى صراعات أخرى تخوضها الرياض؛ مثل الحرب الدامية في اليمن.
ويُعدّ اندفاع واشنطن لصالح الأسرة الحاكمة السعودية دعوة مفتوحة للحرب على مستوى المنطقة، فهذه الأسرة تمتاز بعدم الكفاءة والفساد، وسوف تستخدم -مع الإمارات- هذا التحالف لتحقيق أهدافها وليس أهداف أمريكا أو غيرها من الأعضاء، حسب الباحث الأمريكي.
ويوضّح أنه بوجود مصر والبحرين سيحاول السعوديون والإماراتيون استخدام التحالف المدعوم من أمريكا لترويع جيرانهم الأكثر اعتدالاً.
ويرى الباحث أن الناتو الأصلي على الأقل قدّم خدمات كبيرة في الدول التي حطّمتها الحرب العالمية الثانية، ووقف بوجه الاتحاد السوفييتي السابق ومطامعه في دول وسط وشرق أوروبا.
ويقول: "اليوم تبدو الدول الأوروبية أكثر قدرة على مواجهة روسيا، أو أي خصم آخر مفترض، رغم أن بعض الدول لا تُنفق سوى 2% من الناتج المحلي على قواتها العسكرية، فهذه الدول تفترض أن الولايات المتحدة ستهبّ لنجدتها إذا حدث الأسوأ.
الأمر الآخر الذي يجب أن تنظر إليه أمريكا، كما يقول باندو، هو أن "الخليج العربي ليس مجالاً حيوياً لأمريكا، ولم يكن كذلك، ولكن على أيام الحرب الباردة كان هناك خوف من وصول الاتحاد السوفييتي السابق للمياه الدافئة والإضرار بمصادر الطاقة، ولكن اليوم تضاعفت إمدادات الطاقة، خاصة مع ظهور أمريكا كأكبر منتج لها في العالم، كما لا يمكن اليوم تخيّل أن موسكو معنيّة بالتوجه للخليج".
ويعتقد باندو أن مجموعة الأنظمة الفاسدة المتسلّطة، كما في السعودية، والديكتاتورية المتوحّشة، كما في مصر، لا يمكن أن تستهوي الشباب العربي الساخط، فهذه الأنظمة تعتمد على القمع للبقاء مدة أطول في الحكم.
ويستطرد بالقول: "من هنا سوف تستخدم التحالف الشرق أوسطي من أجل أن تضع جيش الولايات المتحدة في خدمتها، فالرئيس ترامب مثلاً تغاضى عن الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب في تلك الدول".
ويتوقّع الباحث الأمريكي أن دعم الولايات المتحدة لهذه الأنظمة المتسلّطة، ودعم حرب السعودية والإمارات في اليمن، ستكون له ردات فعل ساخطة، وسيشجع الإرهاب ضد الأمريكيين في الداخل والخارج.