"باتريوت" السلاح الأمريكي الأقوى في الخليج .. ماذا لو تم سحبه؟

تعتبر منظومة "باتريوت" الدفاعية الجوية الأمريكية أفضل منظومة صاروخية لمواجهة الصواريخ المعادية وإسقاطها؛ لذا تعتمد عليها عدة دول بشكل أساسي في حماية أجوائها، ومراكزها الاستراتيجية والحساسة خلال الحروب.


وحرصت الولايات المتحدة الأمريكية على نشر العشرات من بطاريات "الباتريوت" في الدول الخليجية، وخاصةً السعودية والبحرين والإمارات؛ وذلك لحماية حلفائها من الصواريخ الباليستية الإيرانية في حالة اندلاع أي حرب بينهما.

وتمتلك الدول الخليجية العديد من بطاريات "باتريوت"، ولكنها تخضع لسلطة الولايات المتحدة، بحيث تعمل على نشرها في نقاط تُحددها الأقمار الاصطناعية الأمريكية، وتتحكم فيها فِرق متخصصة تُرابط في تلك الأماكن.

واستخدمت الولايات المتحدة هذه المنظومة خلال حرب تحرير الكويت عام 1991، لأول مرة في الخليج العربي، وأسقطت بها العديد من صواريخ "سكود" العراقية.

وتستعمل بطاريات "الباتريوت" أنظمة متقدمة للصواريخ الجوية الاعتراضية، وأنظمة رادار ذات كفاءة عالية، ومضادة للصواريخ، حيث إن لها القدرة على ردعها بجميع أنواعها.

وتعد "باتريوت" منظومة الصواريخ الأفضل في منطقة الخليج، بحسب آخر تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

وتأتي السعودية في مقدمة الدول الخليجية من ناحية الاستفادة من نشر منظومة "الباتريوت" الأمريكية في المنطقة؛ إذ تعتمد عليها الرياض في صد الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون بشكل شبه يومي على مدن المملكة، ومراكزها العسكرية.

وفي خطوة مفاجئة، قرر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الأربعاء 26 سبتمبر، سحب أربعة من أنظمة "باتريوت" موجودة في الأردن والكويت والبحرين الشهر المقبل.

وأرجع ماتيس أسباب هذا القرار إلى إعادة تقييم التهديدات المستقبلية، التي تركز على الصين وروسيا، وإعادة تنظيم القوات والقدرات العسكرية الأمريكية.

التهديد الإيراني
ويرى محللون أن وجود تلك المنظومة في دول الخليج يأتي في الدرجة الأولى؛ وذلك لحماية أجوائها من أي اعتداء إيراني محتمل، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب سحبها في هذا التوقيت رغم ارتفاع حدة التوتر بين إيران من جهة وأمريكا ودول خليجية من جهة أخرى. 

البروفيسور توبي دودج، الباحث والاستشاري بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، أعد مسبقاً تقريراً عن مشروع الدفاع الصاروخي الأمريكي "الباتريوت" في دول مجلس التعاون الخليجي ضد تهديدات الصواريخ الباليستية الإيرانية ومخاطرها.

ويوضح دودج في تقريره، أن الولايات المتحدة تنشر بطاريات "الباتريوت" في دول الخليج، وعلى رأسها السعودية؛ لحمايتها من الصواريخ الباليستية الإيرانية.

كذلك، يفسر العميد العسكري المتقاعد يوسف الشرقاوي وجود أسلحة دفاع جوي أمريكية في دول الخليج بحرص الولايات المتحدة على حماية حلفائها من أي أخطار محتملة.

ويؤكد الشرقاوي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن وزارة الدفاع الأمريكية سحبت منظومة "الباتريوت" من البحرين والكويت؛ لإعادة نشرها في أماكن جديدة، لافتاً إلى أنه لا يوجد أي سبب سياسي آخر لذلك.

ويستبعد أن تسحب القوات الأمريكية جميع صواريخ الدفاع الجوي من دول الخليج، خاصة في هذا التوقيت الحساس؛ وذلك "لأهميتها في الحفاظ على قواعدها العسكرية المنتشرة، وحماية قواتها".

ويرى العميد العسكري المتقاعد أن القرار  مجرد "إجراء روتيني فقط"؛ إذ ستُعزز الولايات المتحدة القدرات العسكرية الدفاعية الجوية في هذه الدول، من خلال إمدادها بصواريخ أكثر تطوراً.

أنتوني كوردسمان، الباحث بـ"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية للأبحاث"، ومقره واشنطن، يرى أن الهدف من نشر منظومة "الباتريوت" في دول الخليج هو زيادة القدرة الدفاعية الجوية الأمريكية في المنطقة، وخاصةً مع تزايد التهديد الإيراني.

ويضيف كوردسمان في حديث سابق له: إن "حقيقة الأمر أنه في حال إطلاق إيران صواريخ شبه موجَّهة، فإنها تفعل ذلك ضد قوة جوية هي في الحقيقة مجهزة بشكل جيد للرد على ضربات كهذه".

سَحب بلا رجعة
وكان مسؤولون أمريكيون أكدوا أن قرار وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" سحب منظومة الدفاع الجوي من طراز "باتريوت" من الشرق الأوسط مطلع الشهر المقبل، سيؤدي إلى تقليص الدفاعات التي يعتمد عليها حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

ونفى المسؤولون وجود أي نية لدى وزارة الدفاع الأمريكية باستبدال أي من هذه الصواريخ، حيث من المقرر أن تُعاد إلى الولايات المتحدة لتطويرها، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وبحسب المسؤولين الأمريكيين، سيتم سحب نظامين صاروخيين من الكويت، وواحد من الأردن، وآخر من البحرين.

وتعد أنظمة "باتريوت" من أكثر أنظمة الصواريخ المتحركة تطوراً؛ نظراً إلى قدرتها على اعتراض الصواريخ والطائرات، وتحتوي على نوعين من الصواريخ؛ القديم يسمى" PAC-2"، أما الجديد والمحدّث في عام 2002 فيسمى "PAC-3".

ويبلغ طول الصاروخ الحديث بمنظومة "الباتريوت" نحو 5 أمتار، ويصل وزنه إلى 900 كيلوغرام، منها 90 كيلوغراماً من المواد المتفجرة، في حين تصل سرعة الصاروخ الواحد عند إطلاقه من منصة الإطلاق ما يفوق سرعة الصوت، ويمكن تزويد المنصة بأربعة صواريخ دفعة واحدة.

وترتكز على منصة الإطلاق 16 قاذفة، تحمل كل منها صاروخاً واحداً، وكل قاذفةٍ متصلةٌ مع نظام تحكُّم عن طريق الألياف الضوئية أو من خلال الاتصال اللاسلكي.