هذا ما قاله مؤسس السعودية .. بن سلمان يضرب بوصية جده عرض الحائط

هذا ما قاله مؤسس السعودية .. بن سلمان يضرب بوصية جده عرض الحائط
هذا ما قاله مؤسس السعودية .. بن سلمان يضرب بوصية جده عرض الحائط

"على كل فرد من رعيتنا إنْ وقع عليه أي ظلم يتقدم إلينا بالشكوى، مجاناً وعلى نفقتنا. وعلى كل موظف في البريد والبرق أن يتقبل الشكوى من رعيتنا، ولو كانت موجهة على أولادي وأحفادي وأهل بيتي".


ذلك هو نص رسالة مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، المسجلة بصوته، ويحث فيها الشعب على ألا يسكتوا عمن ظلمهم، ويتقدموا له بشكوى وإن كان الخصم أحد أفراد العائلة الحاكمة أو أهل بيته.

كلام الملك المؤسس، الذي يعود لأكثر من 6 عقود، يتذكره السعوديون باستمرار، وفي كل عام ينشرون هذه الرسالة بصوت الملك المؤسس، بمناسبة ذكرى تأسيس المملكة التي توافق 23 سبتمبر.

وفي مفارقة غريبة، ينشر الإعلام السعودي هذه الرسالة ويشيد بولي العهد الحالي، محمد بن سلمان!

فقرارات ولي العهد لا تخالف رسالة المؤسس فحسب؛ بل تضرب بها عرض الحائط؛ وهو ما يتضح من خلال حملات الاعتقال التي شنها منذ نحو عام.

الاعتقالات تلك شملت النشطاء وكبار الدعاة وعلماء الدين، فضلاً عن قرارات أكدت غرابتها مختلفُ وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والمدنية في العالم. 

فعقوبات السجن تطول من يبدي رأياً ينتقد فيه سياسة الملك أو ولي عهده أو العائلة الحاكمة.

ومن جراء تلك العقوبات، ما زال عدد المعتقلين في سجون السعودية يواصل الارتفاع، ومؤخراً كشفت مصادر حقوقية سعودية أن عدد معتقلي الرأي بالمملكة ناهز ثلاثة آلاف معتقل منذ شهر سبتمبر الماضي، من تخصّصات شرعية وقانونية وقضاة وإعلاميين وغيرهم.

المصادر أكدت في حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن "السلطات اعتقلت عدداً غير معلوم من النساء، بعضهن يُحتجزن مع أطفالهن في سجون لا تحترم أبسط مقومات حقوق الإنسان".

وشددت المصادر، التي طلبت عدم ذكر أسمائها، على أن "المعلومات التي تصل إليهم بخصوص أحوال المعتقلين داخل السجون لا تزيد على عُشر عدد المعتقلين الحقيقي".

وفي 17 سبتمبر الجاري، قال حساب "معتقلي الرأي"، المعنيُّ بنشر أخبار المعتقلين السعوديين على "تويتر": إن "عدد معتقلي الرأي في المملكة وصل إلى 2613، بعد سبتمبر الماضي، وتعرّض عدد من معتقلي سبتمبر  للتعذيب الجسدي بالصعق والضرب، والتعليق ساعاتٍ من الأذرع، والسحل بساحات السجن".

- "المجدِّد" يملأ السجون!
الأحد 23 سبتمبر الجاري، وفي ذكرى العيد الوطني للمملكة، نشر حساب "معتقلي الرأي" تفصيلات جديدة عن تخصّصات "من طالتهم الاعتقالات التعسفية في زمن #المجدد_محمد_بن_سلمان".

وقال إن عدد المعتقلين يبلغ "نحو 60 من المشايخ والدعاة، وأكثر من 50 أستاذاً بالجامعات الحكومية، وأكثر من 10 محامين، ونحو 20 ناشطاً حقوقياً، ونحو 25 صحفياً وإعلامياً، وأكثر من 60 من حمَلة الدكتوراه، وأكثر من 40 شخصية لهم كتب ومؤلفات هامة".

ومن بين هؤلاء المعتقلين الدكتور سلمان العودة، والشيخ عوض القرني، والدكتور سفر الحوالي، والشيخ ناصر العمر، وإمام الحرم المكي صالح آل طالب، وغيرهم من الدعاة والقضاة الشرعيين.

ولا تتوقف إهانة كبار رجالات المجتمع في السعودية ومشاهيرها على اعتقالهم فحسب؛ فهم يعانون إهمالاً صحياً داخل المعتقلات، وبذلك ينتهك بن سلمان نظام الإجراءات الجزائية، وجميع المواثيق الحقوقية الدولية التي تكفل حقوق المعتقل وتضمن له رعاية صحية تامة.

وتعزّز المحاكمات السريّة التي أجرتها السلطات السعودية لعدد من المعتقلين، على غرار الشيخ "العودة"، الذي طالبت النيابة العامة بقتله "تعزيراً"، الشكوك حول نيّة بن سلمان إعدام عدد من المعتقلين خلال الأشهر المقبلة؛ تمهيداً لتنصيب نفسه حاكماً جديداً للبلاد.

والمحاكمات السرية تعتبر انتهاكاً آخر يمارسه ولي العهد بحق المواطنين السعوديين. 

وبمناسبة مرور عام على حمْلة الاعتقالات، قال حساب "معتقلي الرأي" في وقت سابق: "مرّت سنة على اعتقال نخب الوطن من دون مسببات قانونية ولا تهم، ثم تأتي السلطات السعودية وتبدأ بمحاكمة هؤلاء النخب سراً وتعتبرهم إرهابيين! هذه الانتهاكات هي جرائم لا يجب السكوت عنها أبداً!"، بحسب تعبيره.

ومن الواضح أن بن سلمان، الذي صعد إلى سدة الحكم في السعودية بعد أوامر ملكية من والده الملك سلمان بن عبد العزيز، يوم الأربعاء 21 يونيو 2017، بتنصيبه ولياً للعهد، دشن عهده بالولاية بزجّ الأمراء ورجال الأعمال والدعاة ونشطاء حقوق الإنسان في السجن.

أوامر بن سلمان تفرض على المسؤولين الأمنيين قمع أي رأي أو انتقاد مخالف لسياساته، سواء كان دينياً، أو سياسياً، أو اقتصادياً؛ هذا ما تؤكده -فضلاً عن الوقائع التي أُثبتت على الأرض- مجموعة قرارات، كان من بينها "عدم المساس بخادم الحرمين الشريفين أو ولي الأمر". 

وعودة إلى رسالة جده المؤسس، فإن الحفيد محمد بن سلمان ضرب بنَص هذه الرسالة عرض الحائط؛ فليس هناك اليوم من يتشجع على أن يشتكي عليه أو على الملك أو السلطات؛ فخوفاً من مصير من سبقوه إلى السجون؛ لا أحد بين السعوديين يجرؤ على توجيه أي انتقاد سوى أولئك الذين ينشرون في مواقع التواصل بحسابات لا تكشف هويتهم.