بركان غضب بسبب تمرير النواب لقانون "السلطة القضائية"
خاص سياسي - طارق علي
تزايدت الأزمة بين قضاة مصر ومجلس النواب عقب إقرار الأخير تعديلات بشأن مواد بقانون السلطة القضائية خاصة بآلية اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى ورؤساء الهيئات القضائية، واعترض جموع القضاة وأنديتهم المختلفة علي المشروع ووصفوه بالمخالف للدستور ويسعى لإهدار مبدأ استقلال القضاء.
كما تسبب"القانون" فى ثورة غضب تحت قبة البرلمان ورفض العديد من النواب للقانون، وأنسحابهم من الجلسة قبل إقراره، ورفضت بعض الاحزاب السياسية، تمرير قانون السلطة القضائية، واصفينه بالتدخل فى الشأن القضائى.
إجراءات تصعيدية
وبدأ القضاة فى إتخاذ الطرق التصعيدية حيث طالب نادي قضاة مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعدم التصديق على قانون الهيئات القضائية، الذي وافق عليه مجلس النواب بشكل نهائي، وذلك لمخالفته الدستور، كما دعا إلى جمعية عمومية طارئة بدار القضاء العالي يوم الجمعة 5 مايو المقبل، للتدارس في القرارت الواجب اتخاذها وطرح استقالة مجلس إدارة النادي على الجمعية احتجاجًا على انتهاك استقلال القضاء.
وطالب نادي القضاة المستشار رئيس محكمة النقض الدعوة لجمعية عمومية غير عادية لمحكمة النقض يوم الثلاثاء 2 مايو المقبل تنفيذا لطلبات السادة أعضاء المحكمة والبالغ عددهم 436 عضوا وإلا تعتبر الدعوة لجمعية قائمة للسادة أعضاء المحكمة بذات التاريخ الساعة 12 ظهرًا لتسمية رئيسها.
كما طالب النادي مجلس القضاء الأعلى بالثبات على موقفه الرافض للقانون والالتزام بالثوابت القضائية، ومطالبة القضاة بإثبات اعتراضهم على القانون بمحاضر الجلسات لمخالفته أحكام الدستور وانتهاك استقلال القضاء.
وأكد النادي أنه سيطعن على القانون بكافة الطرق القانونية، مطالبًا القضاة بإرسال رسائل احتجاج لصالح صندوق تحيا مصر ليعربوا عن أن اعتراضهم على القانون من أجل شعب مصر.
إنقسام تحت قبة البرلمان
وقد أثارت أزمة تمرير النواب قانون السلطة القضائية، حالة من الانقسام تحت قبة البرلمان نفسه، فقد عقد عدد من نواب ائتلاف "25 /30" وبعض النواب المستقلين مؤتمرًا صحفيًا بعنوان "بيان للرأى العام" لإعلان رفضهم لتعديلات قانون السلطة القضائية، مؤكدين أنهم فوجئوا طرح عدد من القوانين الهامة خلال الجلسة العامة منها تعديل قانون السلطة القضائية الذى رفضه مجلس الدولة لوجود عوار دستورى كما رفضته جميع الهيئات القضائية.
وانتقدت النائبة آمنة نصير، إقرار مجلس النواب لتعديلات قانون السلطة القضائية متسائلة "لا أدرى لماذا قفز البرلمان على القضاء؟".
وقالت "نصير" أن ماحدث هو استخفاف بالرأى الآخر وكنا نتمنى احترام الرأى الآخر، مشيرة أن القضاء أدرى بشئونه وأهل مكة أدرى بشعابها، ومن يقترب من القضاء لم ينجٍ من الخطر، محذرة ما سيحدث فى الأيام القادمة قائله: "إن غدا لناظره قريب".
وقال النائب خالد يوسف إن الحكومة رحبت بتعديلات قانون السلطة القضائية الذى تم إقراره اليوم والدليل هو عدم اعتراض ممثل الحكومة المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب الذى شارك فى الجلسة.
وكشف يوسف، انه سيتم تقديم احتحاج رسمى لرئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال لاستيضاح عدد الحضور المشاركين فى الجلسة العامة لانه لم يتجاوز ثلثى الأعضاء ، مشيرا إلى أننا لدينا يقين أن القانون ساقط لا محالة دستوريا.
وقال النائب مصطفى بكرى عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن صدور هذا القانون فى هذا التوقيت تحديدًا من شأنه أن يزيد من حدة الاحتقان المجتمعى ويعطى اشارة خاطئة للرأى العام بأن مجلس النواب لم يلتفت الى آراء القضاة وحرصهم على استقلاليتهم فى الثوابت القانونية والاحكام الدستورية.
ولفت بكرى إلى أن من حق مجلس النواب أن يمارس دورة التشريعى فى سن القوانين وهو حق لايمكن الجدال فية، الاأن مبدء الفصل بين السلطات الذى نص علية الدستور هو ضمانة أساسية لاستقرار المجتمع ويتوجب دومًا الالتزام بة كما نص الدستور فى مادتة الخامسة.
رفض الاحزاب
كما وصل الرفض والاحتجاج لبعض الاحزاب السياسية الكبرى، فقد أكد الدكتور محمد فؤاد المتحدث باسم حزب الوفد بأن موافقة البرلمان علي تعديلات قانون السلطة القضائية ضاربا برأي مجلس الدولة عرض الحائط ودون الإلتزام بمبدأ الفصل بين السلطات خطيئة لا تغتفر وما كان للبرلمان ان يدخل في مثل هذا التحدي.
وأضاف أن تمرير هذا القانون الموجه يسلط السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية ويهدر مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء ، ويفتح الباب للتشكيك في نزاهة القضاء ويهدر قدسية قراراته، حيث أنه لم يعد سلطة مستقلة ولكن سيجعلة صاحب أجندة.
وأضاف "فؤاد" أنه كان من الأفضل تعديل شامل لقانون السلطة القضائية بالتوافق مع الهيئات القضائية المختلفة والأخذ برأيها، ولكن بتمرير البرلمان لهذا التعديل المشوب بعدم الدستورية يفتح الباب للصدام بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية.
وأخيرا قال "فؤاد" ان ترتيب أجندة البرلمان التشريعية لا تراعي مشاكل الشارع بأي حال من الأحوال بل تنحاز لحسابات غير مفهومة و تشريعات لا تخدم المواطن بل تخلق حالة من الجدل والصدام مشددا أنه إذا صح وجود مؤامرة على هذا البرلمان، فإن مثل هذه المواقف الملتبسة تخدم المغرضين.
واكد محمد صلاح خليفة، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب النور إن الكتلة رفضت قانون الهيئات القضائية بسبب طريقة تعيين روؤساء الهيئات والجهات القضائية الخاص بمحكمة النقض، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة.
وأضاف أن أسباب رفضهم لمشروع القانون المقدم تتمثل في اشترط الدستور استطلاع رأي الجهات القضائية في مشروعات القوانيين الخاصة بتنظيم عملها، بالإضافة إلى أن مقتضيات حسن تنظيم وتنسيق العمل بين سلطات الدولة الثلاثة، وإيجاد صيغة متوازنة للتنسيق بينها والتعاون المتكامل تقتضي أخذ وجهة نظر الهيئات والجهات القضائية بعين الاعتبار.
الطرق القانونية لحل الأزمة
وعلى جانب أخر راى البعض اهمية إقرار قانون السلطة القضائية، ولا داعى لهذة الضجة التى يفعلها القضاة حيث انتقد الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى، ردود أفعال القضاة بشأن إقرار البرلمان لقانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، والتى وصلت إلى اتهام السلطة التشريعية بالانحراف، كونه يعد قانونا من أجل منع وصول أحد أعضاء هذه الهيئات لرئاسة مجلس الدولة بعد حكمه فى قضية تيران وصنافير.
وأشار أن القضاء سلطة لها كل الاحترام والتقدير، لكن ردود أفعال البعض منهم، وعلى رأسهم رئيس نادى قضاة مجلس الدولة، فى حاجة إلى إعادة النظر، خاصة بعد حديثه أن قانون الهيئات القضائية من أجل شخص بعينه، مؤكدا أن العديد من القضاة يرون أن القانون غير دستوري، وبالتالي عليهم اتباع الإجراءات القانونية بشأنه فى أنهم يتواصلون مع الحاكم بين السلطات من أجل إعادة النظر فى القانون وإعادته لمجلس النواب مرة أخرى.
وقال إنه فى حالة نجاحهم فى ذلك يقومون بالطعن عليه أمام الدوائر القضائية المختصة، ويتبعون الإجراءات القانونية بشأن الطعن، دون اتهام سلطة الأخرى بأنها انحرفت تشريعيا، مشيرا إلى أن البرلمان صاحب التشريع وله صلاحيات ذلك وفق الدستور، ولابد أن يدافع عن نفسه بكل قوة حفاظا على صلاحياتها.