ما السر وراء عودة الاغتيالات إلى عدن تزامناً مع وجود "هادي"؟
مع عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى مدينة عدن، عادت معه سلسلة الاغتيالات، التي بدأت بالقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح عارف أحمد علي، من خلال عبوة ناسفة زُرعت في سيارته؛ أسفرت عن إصابته وبتر قدم نجله.
ويرى سياسيان، أن ملف الاغتيالات يُستخدم كورقة ضغط بشقين؛ الأول يهدف إلى تقديم صورة عن عجز الحكومة الشرعية في ظل وجود الرئيس هادي بعدن، والثاني يستهدف حزب التجمع اليمني للإصلاح.
ومع كل عملية اغتيال، يتم تقييدها ضد مجهول، ولا يتم الإعلان عن محاكمة من يتم القبض عليهم أو تقديم حل لهذا اللغز إلى الرأي العام، وهو ما يترك تساؤلات عن الهدف من وراء التستر على من يقفون وراء تلك العمليات.
وتسعى الجهة التي تقف وراء الاغتيالات إلى تصفية مناطق جنوبية يتمدد فيها المشروع الإماراتي من أي تمثيل سياسي أو اجتماعي لا يتوافق أو ينفذ خطط وجود أبوظبي في تلك المناطق، حسب هذين السياسيَّين.
وشهد يوليو الماضي ارتفاعاً في وتيرة الاغتيالات، حيث طال أئمة مساجد، وناشطِين سياسيِّين وعسكريِّين؛ وهو ما دفع الرئيس هادي، إلى عقد اجتماعات أمنية حضرها قادة القوات الإماراتية والسعودية، دعا فيها لوضع حدٍ للانفلات الأمني، لكن دون جدوى.
مؤامرة تستهدف التعايش
يقول الكاتب الصحفي وديع عطا: "لا تفسير لذلك إلا أنها مؤامرة تستهدف عدن المدنية والتعايش، وتحويلها لقرية فاقدة للأمن ولكل أسباب المدنية".
ويوضح عطا، أن طرفاً يريد إفراغ عدن من عناصر "الإصلاح"، باستهداف رموزها الدينية والدعوية المعروفين بوسطيَّتهم واعتدالهم.
وفي تقدير عطا، فإن استمرار الاغتيالات يُعتبر تحدّياً كبيراً أمام السلطة الشرعية، ممثلةً بوزير الداخلية بصفته مسؤولاً مباشراً بعد أن ثبت فشل "شلال شايع" ووجود معطيات تؤكد تساهله؛ بل وتورّطه في أعمال تخلّ بأمن عدن وسَكينتها، منها التوجيه باعتقال رموز وشخصيات لمجرد انتماءاتهم السياسية.
ويتابع عطا قائلاً: "في كل الأحوال، لا بديل لرجال الصلاح والخير، إلا عناصر الفساد والسقوط الأخلاقي من أرباب السوابق وتجار الحشيش والممنوعات".
ويضيف: "نعوّل على أبناء عدن أن يستيقظوا وينتبهوا، لوضع حدٍّ لهذا السيناريو الخبيث الذي يستهدف السِّلم الاجتماعي في عدن المدنية والتعايش فيها".
ويعتبر عطا أن عدم التحقيق في جرائم الاغتيالات "يؤكد ضلوع طرف ما، متغلغل بإدارة أمن عدن، في بعض تلك الجرائم، أو رضاهم عنها، خصوصاً أنه في أكثر من مرة تم القبض على مشبوهين ومتورِّطين في أثناء فشل تنفيذهم جرائم اغتيال واستهداف جنائي".
الحل بإنهاء الوجود الإماراتي
المحلل السياسي عامر الدميني اعتبر عمليات الاستهداف ونوعية المستهدَفِين "عملية ممنهجة ومقصودة؛ لتمرير مشاريع معيَّنة من الجهة المستفيدة، وتهدف بذلك إلى سحق كل الأصوات التي ترى أنها تشكل حاجز صدٍّ أمام مخططاتها وأجندتها".
وأكد الدميني، أن الأجهزة الأمنية في عدن لا تستطيع تقديم الحماية للمستهدَفِين، فهي -كما يرى- متواطئة مع القتلة والجناة، ولم تستطع تقديم متورِّط واحد في كل عمليات الاغتيال.
الدميني أشار إلى أن موجة التصريحات وعودة ظاهرة الاغتيالات تستهدفان الرئيس هادي، وتسعيان لإثبات أنه "بلا وزن"، ولا قدرة له على تنفيذ توجيهاته أو مشروعه.
واعتبر الدميني أن "مسلسل استهداف الخطباء والأئمة لن ينتهي إلا بانتهاء أسبابه، والوجود الإماراتي هو أحد هذه الأسباب، وبقاء التشكيلات الأمنية بمختلف أسمائها، التابعة لأبوظبي وغير الخاضعة لسلطة الحكومة، سبب آخر".
وشدد على أنه "ما دامت هذه المسببات موجودة فستظل ظاهرة الاغتيالات. أما الدور الحكومي، فهو ضعيف، لا يخرج عن التنديد".
وبحسب الدميني، فالإمارات تريد بقاء عدن "منطقة فوضى"؛ ليستمر بقاؤها، في حين تدعم التيار الانفصالي؛ ليتسنى لها إيجاد قوة تمثل مشروعها في السيطرة على عدن باعتبارها منطقة حيوية، وتحويلها إلى "ورقة ابتزاز" للشرعية نفسها، تلوِّح بها من وقت لآخر.