هذا ما يجعل السعودية تمر بأكبر اضطراب اقتصادي في تاريخها

هذا ما يجعل السعودية تمر بأكبر اضطراب اقتصادي في تاريخها
هذا ما يجعل السعودية تمر بأكبر اضطراب اقتصادي في تاريخها

خلص تقرير أمريكي إلى أن السعودية تمر بأكبر اضطراب في تاريخها الحديث، وذلك ضمن سعيها لبناء نموذج اقتصادي رأسمالي على النمط الغربي.


وذكر تقرير وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، أن معدل البطالة في المملكة ارتفع إلى أعلى مستوياته في أكثر من 10 سنوات، ليصل إلى 12.9% نهاية مايو الماضي.

ورأى التقرير أنه أصبح مألوفاً التباينُ بين مصيرَي الفشل أو النجاح، في العاصمة الرياض، "بحيث من لا يستطيع التكيّف لن يجد سوى التلاشي والموت مصيراً".

وتنقل الوكالة في تقريرها عن مديرين شكواهم، قائلين إنهم لا يستطيعون مواكبة مسار الأمور، حتى مع تراجع الدولة عن بعض تخفيضات الإنفاق العام للحفاظ على النمو الاقتصادي.

وترى الوكالة أن رسالة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان (32 عاماً)، تقوم على أن "المقاومة ليست خياراً"، وتضيف أن المستقلين من علماء الدين والأسرة المالكة المتهمين بالفساد، وآخرين اعتُبروا معارضين للنظام الجديد، وجدوا أنفسهم وراء القضبان.

 ويأمل بعض أصحاب الأعمال، عبثاً، أن تعكس الحكومة مسارها، كما يقول رئيس شركة "KPMG LLP" في المملكة، عبد الله الفوزان.

واعتبرت الوكالة أن خطوات محمد بن سلمان بعد انخفاض أسعار النفط "نعي" لعصر العمالة الرخيصة والطاقة المدعومة والعقود الحكومية السهلة.

تسريح عمال
وتطرق التقرير الأمريكي إلى الشركات السعودية التي سرَّحت عدداً كبيراً من عمالها.

وجاء التقرير بشركة "مطاعم ومتنزّهات الخليج"، التي تدير شركة "فورشيتا" والعديد من سلاسل المطاعم الأخرى، مثالاً للأزمة التي تمر بها المملكة، حيث فصلت 500 موظف في السنوات القليلة الماضية؛ ما أدى إلى تقليص عدد العاملين لديها إلى 700، بحسب مدير العمليات ربيع غسطين.

 وأغلقت تلك الشركة نحو 5 مطاعم، كان من بينها فرع "Forchetta"  الجديد.

الوكالة تنقل عن غسطين قوله: "لم نشعر بالأزمة حتى منتصف عام 2017"، حيث انخفضت المبيعات بين 20% و25% في بعض المطاعم، ونحن بحاجة إلى وقف النزيف، الأمر بهذه البساطة".

تحديات هائلة
أما التحديات التي يواجهها مديرون مثل غسطين، فهي هائلة حسب التقرير الأمريكي، فخلال هذه السنة وحدها، لجأت الحكومة إلى رفع أسعار الكهرباء والبنزين، وأدخلت الضريبة على القيمة المضافة.

 وطلبت الحكومة من الشركات دفع رسوم إضافية لتوظيف أجانب، علماً أن كثيرين منهم يحصلون على رواتب أقل مما يحصل عليه السعوديون.

وقد غادر مئات الآلاف من العمال الأجانب البلاد، وانحسرت قاعدة الزبائن، ليس فقط في المطاعم والمتاجر؛ بل أيضاً في المدارس الخاصة وشركات الاتصالات.

وأصبحت المملكة تشهد موجة من إقبال العمال الأجانب على مغادرتها بأعداد قياسية، بعدما فرضت السلطات رسوماً عالية على الوافدين والشركات، التي تسرّح أفواجاً من العاملين لديها في صراعها من أجل البقاء داخل اقتصاد أصابه الركود في مقتل.

وأكدت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية أن عدد مغادري المملكة ضرب مستوى قياسياً تجاوز 667 ألف أجنبي منذ بداية عام 2017؛ بسبب السياسات "الإصلاحية"، استناداً إلى بيانات رسمية.

وتشير التحليلات إلى أن أبرز العوامل التي تؤثر في نمو قطاع الاتصالات ترتبط بالمشكلات الاقتصادية التي تعانيها المملكة، إضافة إلى نمو استخدام تطبيقات الاتصالات المجانية.

ورغم نمو الاقتصاد 1.2% في الربع الأول من العام الجاري، بعد انكماش بلغت نسبته 0.9% عام 2017، يعتقد رجال أعمال أن التعافي التام قد يستغرق سنوات، وليس واضحاً ماذا سيبقى عندما ينحسر الغبار.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتوسع الاقتصاد السعودي 1.9% هذا العام، مع تسارع النمو تدريجياً إلى 2.3% بحلول عام 2023، لكن هذه النسب تقل كثيراً عمّا كان النمو عليه خلال سنوات طفرة أسعار النفط العالية.

فوارق طبقية
وثمة خطر آخر يحيط بالمملكة، بحسب وكالة "بلومبيرغ"، وينبعث من أن الخطة قد توسِّع الفوارق بين الأغنياء والفقراء، وكذلك بين المحافظين والنخبة الكوزموبوليتانية، مشيرةً إلى وجود تذمّر فعلي من موجة الغلاء، في حين تصل نسبة البطالة بين السعوديين إلى 13%.

وكان قطاع البناء والتشييد أحد  أكثر القطاعات تضرراً من الانكماش الاقتصادي، ومع تقليص الدولة الإنفاق العام، انخفض عدد العقود، وأخّر المسؤولون سداد المدفوعات للمقاولين، فتعثّرت الشركات العملاقة، أو انهارت.

ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن الشباب يمثّلون أيضاً أكبر تحدٍّ لابن سلمان، خاصة أن نحو 70% من سكان السعودية، البالغ عددهم 21 مليوناً، هم دون سن الـ35، وهم يتوافدون أكثر فأكثر على سوق العمل.