المصالحة الفلسطينية تدخل "نفق الحلول" .. إلى أين ستصل؟

المصالحة الفلسطينية تدخل "نفق الحلول" .. إلى أين ستصل؟
المصالحة الفلسطينية تدخل "نفق الحلول" .. إلى أين ستصل؟

عاد ملف المصالحة الفلسطينية من جديد يتصدر المشهد السياسي، بعد الإعلان الذي صدر في اللحظة الأخيرة من قِبل حركة "حماس" بموافقتها على الرؤية المصرية الجديدة، التي قُدمت خلال جولة الحوار الأخيرة التي انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة نهاية الأسبوع الماضي.


ورغم أن تجربة الفلسطينيين مع ملف المصالحة على وجه الخصوص، كانت قاسية ومريرة وتخللها الكثير من العقبات والصدمات طوال الأعوام الـ11 الماضية من عمر الانقسام، فإن بعض الأمل عاد في نفوسهم بتحقيق وحدة وطنية رغم كل حالة القلق السائدة من العودة مجدداً لمربع الخلاف وتبادل الاتهامات.

وكالة "الأناضول" نقلت، الثلاثاء، عن مصدر فلسطيني أن حركة "حماس" وافقت على الطرح المصري لـ"المصالحة الفلسطينية"، الذي ينصّ على عدة نقاط، أبرزها تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال مدة أقصاها 5 أسابيع.

وقال المصدر الذي لم تذكر الوكالة اسمه، ووصفته بأنه مطلع على مباحثات المصالحة التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة مؤخراً: إن "حماس وافقت على الطرح المصري للمصالحة، ومصر تنتظر موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على رؤيتها".

اقتراب الحلم
وتنص الرؤية المصرية للمصالحة الفلسطينية، بحسب المصدر، على "رفع العقوبات (الحكومية) المفروضة على قطاع غزة، وعلى رأسها إعادة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية (الذين تم تعيينهم بغزة قبل أحداث الانقسام عام 2007) بشكل كامل، ودفع الموازنات التشغيلية للوزارات".

وأضاف: كما "تنص الرؤية على تولّي وزراء الحكومة الحالية مهامهم على الهيكلية الإدارية ذاتها القائمة في الوزارات العاملة بغزة، وتشغيل محطة الكهرباء من خلال توفير الوقود لها من دون فرض ضرائب عليه".

وأوضح أن "الرؤية المصرية حدّدت مدةً، أقصاها 5 أسابيع، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلى جانب استيعاب موظفي قطاع غزة المدنيين (الذين عيّنتهم حماس خلال إدارتها للقطاع)، ودفع رواتبهم أسوة بموظفي السلطة الفلسطينية في غزة".

عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومسؤول ملف المصالحة في الحركة، أكد في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، تلقِّي حركته تفاصيل رؤية مصرية جديدة تتعلق بملف المصالحة في أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة، من خلال اتصالاته مع جهاز المخابرات المصرية.

وقال الأحمد: "أجرينا لقاءات هامة وجدية مع جهاز المخابرات المصرية، فيما يتعلق بملف المصالحة وتلقينا منهم رؤية أوَّلية واضحة تعالج القضايا العالقة كافة مع حركة حماس، ونحن في إطار انتظار الاطلاع عليها بشكل رسمي، لأخذ موقفنا منها ولكنها مشجعة".

الأحمد، الذي رفض بشكل قاطع الإفصاح لـ"الخليج أونلاين" عن تفاصيل تلك الرؤية (خشية فشل الجهود القائمة وإفسادها)، أوضح أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة وهامة بملف المصالحة، وقد تشهد طي صفحة الانقسام التي استمرت طول السنوات المريرة الماضية.

ولفت النظر إلى أن الفلسطينيين أمام فرصة جديدة وهامة لتحقيق المصالحة، مطالباً الجميع -وضمنهم حركة "حماس"- بدعم هذا التحرك الجديد والابتعاد عن لغة الشروط ووضع العقبات؛ حتى يتحقق الحلم الفلسطيني الذي طال انتظاره.

وفي السياق ذاته، كشف عبد الله عبد الله، عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، أن قيادة الحركة ستعقد اجتماعاً هاماً خلال الساعات الـ48 القادمة برئاسة محمود عباس؛ لبحث كل تفاصيل العرض المصري الجديد، للرد عليه بشكل رسمي.

تفاؤل حذر
وتوقع عبد الله أن توافق الحركة على الرؤية المصرية الجديدة، التي تتوافق تماماً مع مطالب حركته في سبيل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، لكنه في الوقت ذاته حذر من الإفراط في الأمل بهذا الملف، قائلاً: "يجب علينا أن نكون حذرين ولا نفْرط في الفرح والأمل كثيراً، ملفات المصالحة معقدة وتحتاج الكثير من الثقة والدعم حتى يتم تفكيك عقباتها ويُطبق الاتفاق الأخير الذي وُقِّع العام الماضي".

وتعذّر تطبيق العديد من اتفاقات المصالحة الموقعة بين "فتح" و"حماس"، والتي كان آخرها بالقاهرة في 12 أكتوبر 2017؛ بسبب نشوب خلافات حول قضايا؛ منها تمكين الحكومة، وملف موظفي غزة الذين عيَّنتهم "حماس" في أثناء فترة حكمها للقطاع.

ومنذ أشهر، تتبادل "حماس" من جهة، وحركة "فتح" والحكومة من جهة أخرى اتهامات بشأن المسؤولية عن تعثُّر إتمام المصالحة.

تجدر الإشارة إلى أن وفداً من "حماس" زار القاهرة، الأربعاء 7 يوليو الجاري، بدعوة من جهاز المخابرات المصرية، وتأتي هذه الزيارة بعد أن أصدر رئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، في الـ3 من يوليو الجاري، قراراً بتعيين اللواء أحمد عبد الخالق مسؤولاً عن الملف الفلسطيني في الجهاز، بديلاً عن اللواء سامح نبيل.

وقالت مصادر مطلعة إن اللواء عبد الخالق تواصل فور تعيينه، مع قيادتي حركتي "فتح" و"حماس"، ووجّه لهما الدعوة لزيارة القاهرة، واللقاء مع رئيس جهاز المخابرات.

وما أعاد بعض الأمل لنفوس الغزيين بجدية تحقيق المصالحة هذه المرة، النفي الذي صدر عن السلطات المصرية لقرار إغلاق معبر رفح بسبب خلافات مع "حماس"، وقال السفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح، إن معبر رفح سيستأنف عمله الأربعاء، بعد تعطُّل شبكة الاتصالات يومين.

وأوضح "اللوح" أن المعبر لم يغلَق فعلياً، وكانت هناك إجراءات لإصلاح شبكة الاتصالات التي تعطلت يومين، مشيراً إلى أن السفر سيكون وفقاً للآلية المتبعة في المعبر من الطرف الفلسطيني.

وتفتح السلطات المصرية المعبر منذ شهر رمضان في يونيو الماضي، ولم يغلَق باستثناء خمسة أيام فقط.

يُذكر أن الانقسام السياسي بأراضي السلطة الفلسطينية يسود منذ منتصف يونيو 2007، في أعقاب سيطرة "حماس" على غزة، بعد فوزها بالانتخابات النيابية، في حين تدير حركة "فتح"، التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، الضفة الغربية.