من هي آية حجازي التي أصرت أمريكا على إطلاق سراحها؟
خاص سياسي - طارق علي
عادت الناشطة المصرية آية حجازي التي تحمل الجنسية الأمريكية، التي ظلت محبوسة في مصر لما يقرب من ثلاث سنوات بتهم الاتجار في البشر، إلى الولايات المتحدة يوم الخميس الماضى على متن طائرة عسكرية برفقة مسؤولة بارزة في البيت الأبيض، حسبما أعلن مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية.
وكانت محكمة مصرية قضت الأحد الماضي ببراءة ثمانية متهمين من بينهم حجازي في قضية "جمعية بلادي" من تهم الاتجار في البشر واختطاف أطفال وهتك أعراضهم واستغلالهم جنسيا وإجبارهم على الاشتراك في تظاهرات ذات طابع سياسي.
وعبّر المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، عن سعادة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بإطلاق سراح الناشطة المصرية الحاملة للجنسية الأمريكية، آية حجازى.
وقال "سبايسر"، مساء الجمعة إن: "الرئيس مسرور لعودة آية حجازى وزوجها إلى الوطن (الولايات المتحدة) مرة أخرى، بعد 3 سنوات طويلة، وإن ترامب شارك بشكل مباشر، من وراء الكواليس، نيابة عنها، وأوضح للحكومة المصرية مدى أهمية الإفراج عنها وإعادتها".
وأضاف "سبايسر"، أنه منذ الأيام الأولى للإدارة، تم إطلاع الرئيس ترامب على الحالة، وأصدر تعليماته لفريق الأمن القومى لمعرفة سبل حل أزمة «آية حجازى» عبر "القنوات الدبلوماسية".
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض، إلى أن ترامب تطرق لقضية "حجازى" خلال لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى البيت الأبيض، مطلع إبريل الجارى، وأكد أن ترامب يشعر بـ"الفخر" للترحيب بعودة حجازى.
وغرّد ترامب على حسابه بموقع "تويتر"، أمس الأول، بصورة لعلم أمريكى يرفرف مصحوباً بتعليق قال فيه: "مرحبا بك فى وطنك يا آية"، وهاشتاج "يحفظ الله أمريكا".
وكانت قد ذكرت حملة المرشحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون أن مرشحة الحزب الديمقراطي دعت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى "الإفراج عن المواطنة الأمريكية آية حجازي، وأثارت المخاوف بشأن مقاضاة منظمات ونشطاء حقوق الإنسان في مصر".
وقد دعا البيت الأبيض الحكومة المصرية إلى إسقاط جميع التهم المنسوبة للمواطنة المصرية التي تحمل الجنسية الأمريكية، آية حجازي، وإطلاق سراحها، وذلك أبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما الا أن الجانب المصرى استنكرما وصفه بإصرار بعض الدوائر الرسمية الأمريكية على "الاستهانة بمبدأ سيادة القانون والتعامل معه بانتقائية لدرجة المطالبة الصريحة بالإفراج عن إحدى المتهمات في قضية جنائية لأنها تحمل الجنسية الأمريكية والمطالبة باسقاط التهم الموجهة إليها".
الإ أن بعد فوز ترامب فى الانتخابات الرئاسية الامريكية، وظهور تقارب وجهات النظر بين ترامب والرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى ، تجدد الطلب مرة اخرى وتم الافراج عن حجازى ومن معها فى القضية.
فمن هي آيه حجازي ؟!
هي آيه محمد نبيل حجازي، وتحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية. ويقول محاميها المصري طاهر أبو النصر إنها تبلغ من العمر 28 عاما ومتزوجة من المصري محمد حسانين مصطفى فتح الله ولم تنجب بعد، وإنها حصلت على شهاداتها الدراسية من خارج مصر.
وجاء في مذكرة تقدم بها مركز روبرت كينيدي لحقوق الإنسان الأمريكي إلى الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة في 19 مايو/أيار 2016 بخصوص حالة آية أنها كانت تعمل في مصر وقت احتجازها من قبل السلطات المصرية في مجال رعاية الأطفال بمشاركة زوجها محمد حسانين ومتطوعين آخرين مصريين.
وأشارت المذكرة إلى أنها أسست وزوجها في عام 2013 مؤسسة لرعاية الأطفال تحمل اسم "جمعية بلادي" لرعاية أطفال الشوارع والأطفال المهملين في مصر.
وجاء في المذكرة كذلك أنه في الأول من مايو/أيار عام 2014 قبضت قوة من الشرطة، يعتقد أنها من قسم شرطة عابدين القريب من ميدان التحرير حيث اتخذت آية وزوجها مقرا للمؤسسة في شارع محمد محمود، على آية وزوجها دون أن تظهر "إذنا من النيابة".
وطبقا للمذكرة التي طالبت بالإفراج عن آيه وزوجها وزملائهما بالجمعية، فقد ألقي القبض كذلك على خمسة متطوعين مصريين آخرين تباعا، ويحاكم آخر غيابيا.
وتتهم المذكرة السلطات بتلفيق اتهامات لآية وزوجها وبقية أعضاء الجمعية، ومنها "تأسيس جماعة إجرامية لأغراض الاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي لأطفال وهتك عرضهم."
وتقول المذكرة إن آية وزوجها ورفاقهم "محبوسون منذ ما يزيد على عامين دون محاكمة على الرغم من أن القانون المصري حدد فترة الحبس الاحتياطي بما لا يتجاوز العامين."
النيابة المصرية
وتقول النيابة المصرية إنها تحركت ضد الجمعية بعدما تلقت بلاغا من أحد الآباء يتهم فيها الجمعية باحتجاز ابنه وأطفال آخرين عنوة وباستغلال ابنه في المظاهرات التي كانت تنطلق من قبل أنصار جماعة الإخوان المسلمين ضد الشرطة المصرية في ذلك الحين.
وذكرت وزارة الداخلية في تعليقها على القبض على آية وزملائها أن أطفالا أخذوا من الجمعية شهدوا بأنهم تلقوا أموالا من الجمعية للمشاركة في الاحتجاجات بعد بلاغ من والد أحد الأطفال المختفين عثر عليه بالجمعية.
وذكرت الداخلية في بيانها "تبين بالفحص أن الشقة محل البلاغ مستأجرة ولم يستدل على أن ثمة أوراقا رسمية تفيد بإشهار أو ترخيص الجمعية وبالاستعلام عن نشاطها قرر الأول (محمد حسانين زوج آية) والثانية (آية حجازي) أنها تهتم بالدفاع المجتمعي والتثقيف والتوعية وأنها في سبيلها لإنهاء إجراءات الترخيص ولا يحملان ثمة مستندات تفيد بذلك كما أقرا بأن مصدر تمويلهما يعتمد على التبرعات من معارفهما وبعض المتطوعين."
وأضاف البيان "وتبين أن جميعهم من أطفال الشوارع الهاربين من ذويهم منذ فترات مختلفة وكانوا يتخذون من الشوارع مأوى لهم وخاصة منطقة ميدان التحرير وغالبيتهم استقطبوا للالتحاق بتلك الجمعية بمعرفة أقرانهم وأقروا بتحريض المتهم الأول على إجبارهم على عدم العودة لذويهم تحسبًا لاستغلالهم مستقبلا في المظاهرات المناهضة للنظام".
وأضاف "باستكمال مناقشتهم أضافوا بسابقة مشاركتهم في أعمال التظاهر وإلقاء الحجارة على قوات الشرطة ... مقابل مبالغ مالية."
وقالت والدة آية في رسالة مع موقع مدى مصر عقب إلقاء القبض علي آية إن ابنتها كانت بصدد تقنين وضع الجمعية وإنها أنشأت حسابا بنكيا باسم الجمعية. وأشارت إلى أن الجمعية كانت تساعد الأطفال المشردين عبر برامج إعادة تأهيل لتحسين حياتهم ومساعدتهم على الخروج من دائرة التشرد.
30 شهرا في الحبس الاحتياطي
وفي 21 مايو/أيار المنصرم قررت محكمة جنايات عابدين تأجيل النظر في قضية مؤسسة "بلادي" إلى جلسة 19 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حتى تسليم اللجنة الفنية تقريرها عن الأحراز في القضية.
وقال محامون يدافعون عن المتهمين بأنهم طلبوا من المحكمة إخلاء سبيل موكليهم بعد انقضاء فترة الحبس الاحتياطي قانونا في مايو/أيار الماضي، إلا أن المحكمة لم تستجب لمطالبهم.
وقال طاهر أبو النصر محامي آية حجازي في محادثة هاتفية مع بي بي سي إن نداءات المسؤولين الأمريكيين ربما لا تفيد.
وأشار إلى القضية "أبسط من ذلك بكثير ... وكان يمكن الاكتفاء بأن تكون مجرد جنحة لأن المخالفة لم تزد على ممارسة النشاط قبل الإشهار الرسمي وهو ما يعد مخالفة لقانون الجمعيات الأهلية."
وكانت الولايات المتحدة تواصلت في السابق مع الحكومة المصرية حتى تمكنت في مايو/أيار عام 2015 من الإفراج عن مواطن مصري يحمل الجنسية الأمريكية وسجن لشهور في مصر بتهم مختلفة هو محمد سلطان نجل صلاح سلطان أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذي يقضي عقوبة السجن حاليا في مصر بسبب اتهامات متعددة.
وكان محمد سلطان محبوسا على ذمة اتهامات بنشر أخبار كاذبة لكنه تنازل عن جنسيته المصرية فيما اعتبره البعض صفقة مع الجانب الأمريكي لإطلاق سراحه.