بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة .. هل يلغي بن سلمان نظام الوصاية؟
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن يوم غدٍ الأحد 24 يونيو، سيكون يوماً استثنائياً في حياة السعوديات؛ ففي هذا اليوم سيكون من حق السعودية الحاصلة على رخصة قيادة أن تنزل بسيارتها إلى الشارع ليكون بداية عهد جديد للمرأة السعودية.
غير أن هذا العهد ما زال ناقصاً؛ في ظل نظام الوصاية الذي يعطي للرجل العديد من الحقوق على المرأة ويجعله متحكّماً بها في كثير من مفاصل الحياة، فهل يجرؤ بن سلمان على إلغاء نظام الوصاية في مجتمع معروف بتديّنه وتشدّده القبلي؟
دعاء باسم، سعودية تبلغ من العمر 29 عاماً، تزوّجت في سنّ مبكّرة، كانت تبلغ من العمر 17 عاماً حينها، وبعد عام واحد طلّقها زوجها، لتعود إلى بيت أبيها مع طفلها الأول، ثم تزوّجت بعد ذلك، غير أن زواجها الثاني لم يستمرّ طويلاً، حيث طُلِّقت وعادت مرة أخرى لبيت أبيها، قبل أن تبدأ رحلة الاعتماد على النفس، فهي اليوم تعمل وتعيش بمفردها، وتعتزم أن تكون من بين أوائل النساء اللواتي سيخرجن غداً إلى الشارع؛ لكن ليس لقيادة السيارة، فدعاء حصلت على رخصة لقيادة دراجة نارية من نوع هارلي.
تقول دعاء: "لقد كنت دوماً متمرّدة على النظام الرجعيّ، الآن الكثير ينظرون إلى الأمور كما كنت أنظر إليها سابقاً، الآن على الآباء أن يفهموا حقيقة مهمّة؛ وهي أن الزواج ليس كل شيء بالنسبة إلى الفتاة، وأن الفتيات قد يرغبن بحياة مختلفة. المجتمع الآن بدأ يتفهّم هذا".
ولي العهد السعودي منح المرأة السعودية حق قيادة السيارة، في واحد من أكثر القرارات الاجتماعية جرأة، وهو قرار يعكس التحوّلات الكبيرة التي بدأت تصيب المجتمع السعودي، بالإضافة إلى تأثيرات العولمة التي جلبت انفتاحاً أكبر للسعودية.
القانون الجديد سيزيل عقبة كبيرة أمام المرأة السعودية، فلطالما كان منع المرأة من قيادة السيارة يفتح نيران النقّاد على السعودية، مشبّهين نظامها بأنه يشبه نظام طالبان أو نظام تنظيم الدولة.
وعلى الرغم من تلك الفرحة التي تغمر السعوديات بهذا القرار فإن نظام الوصاية ما زال يُنغّص تلك الفرحة؛ ففي السعودية يحق للأب أو الزوج أو الأخ أو العم أو حتى الابن، أن يتحكّم بالمرأة طوال حياتها، وهو نظام يختلط فيه التشريع مع الأعراف والتقاليد القبلية.
دعاء ما زالت -رغم أنها تعيش بمفردها وتعمل- بحاجة إلى موافقة شقيقها، الوصيّ الحالي عليها، لعمل الكثير من الأشياء، تقول: "الشيء الجيد أنه متفهّم ويحترم خياراتي، لقد قام باستئجار شقّة لي، الناس هنا تشعر بالقلق عندما تعيش السيدات بمفردهنّ".
قرار السماح للسعوديات بقيادة السيارة نصّ على أن النساء لسن بحاجة إلى موافقة ولي الأمر للحصول على رخصة قيادة، وهو أحد الاستثناءات النادرة، حيث لا يكون للرجل سلطة الوصاية على المرأة.
تقول كريستين سميث، الباحثة في معهد دول الخليج العربي بواشنطن: إن "مما لا شكّ فيه أن هناك تحوّلاً عميقاً في السعودية يحدث الآن، لكننا في الوقت نفسه نشهد حملة قمع فظيعة على بعض الناس الذين ناضلوا من أجل هذه التغييرات التي تعيشها السعودية اليوم، ويمكن القول إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أرسل رسائل مختلطة حول نظام الوصاية".
وفي مقابلات مع وسائل إعلام أمريكية، قال ولي العهد السعودي إن الرجال والنساء السعوديّين متساوون تماماً، وفي العام الماضي أصدر قراراً يخوّل النساء بالاستفادة من بعض الخدمات دون الحاجة إلى إذن وليّ أمرهنّ، غير أنه منذ صدور القرار قبل عام، لم تصدر حتى الآن لائحة تنفيذية تبيّن نوع الخدمات التي يمكن الاستفادة منها، ما عدا بعض الأمور، ومنها عدم حاجتها لموافقة ولي أمرها لتسجيل عمل تجاري، أو التوظيف في وظائف يدوية.
مريم العتيبي، سعودية تبلغ من العمر 29 عاماً، شغلت قضيّتها الرأي العام السعودي، العام الماضي، حيث هربت من بيت أهلها إلى الرياض، وقالت إن أهلها يسيئون معاملتها ويضربونها، غير أن والدها تقدّم بشكوى جنائية ادّعى فيها بأنها لم تكن مطيعة، فقرّر القضاء حبسها 100 يوم، ما يعني أن القيود على المرأة السعودية ما زالت قوية.