ماذا وراء محاولات التجسس الإسرائيلية على الجزائر؟

ماذا وراء محاولات التجسس الإسرائيلية على الجزائر؟
ماذا وراء محاولات التجسس الإسرائيلية على الجزائر؟

أحيت محاكمة المدوّن الجزائري مرزوق تواتي (33 عاماً) بتهمة التخابر مع "إسرائيل"، الحديث مجدداً بشأن محاولات التجسس الإسرائيلية ضد الجزائر، ذلك أن حادثة هذا المدوّن لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة ضد بلد تصنفه "إسرائيل" عدواً لها.


وكانت محكمة بجاية (250كم شرق العاصمة) قضت مساء الخميس 24 مايو 2018، بسجن تواتي مرزوق 10 سنوات سجناً نافذاً، وغرّمته بـ50 ألف دينار(450 دولاراً أمريكياً) بتهمة التخابر مع "إسرائيل"، ويعدّ هذا الحكم أوليّاً تم الاستئناف عليه أمام جهات قضائية عليا.

وحسب ما جاء في موقع منظمة العفو الدولية فإن المدوّن الجزائري تعرض للاعتقال والسجن بعد نشره في الثاني من يناير 2017 تعليقاً على فيسبوك، دعا فيه سكان بجاية للاحتجاج على قانون المالية لعام 2017، وإجراء مقابلة بالفيديو على يوتيوب في الثامن من الشهر نفسه مع متحدث باسم وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، يعارض فيه اتهامات السلطات الجزائرية لـ"إسرائيل" بأنها متورطة في الاحتجاجات التي وقعت في الجزائر.

وكان تواتي ناشطاً عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أسس في عام 2015 مدونة تحمل اسم "الحقرة" أي الظلم تم حجبها لاحقاً، وكان يعبر من خلالها عن رفضه للأوضاع السياسية في البلاد، وينتقد واقع حقوق الإنسان في الجزائر.

- شبكة تجسس
حادثة المدون واتهامه بالتجسس لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي لم تكن الأولى من نوعها؛ فمحافظة غرداية شهدت واقعة مماثلة قبل عام حينما وضعت المخابرات الجزائرية يدها على شبكة تجسس أجنبية، تضم مجموعة من المهاجرين من ليبيريا بحوزتهم أجهزة تجسس وأدوات اتصال جد متطورة، لتعلن بعد ذلك أن الشبكة على علاقة بجهاز الاستخبارات الخارجي الإسرائيلي (الموساد) وتعمل لحسابه.

وبعد إحالة القضية للقضاء الجزائري صدر حكم بالإعدام بحق المتهم الرئيسي (أ.د.ف) من جنسية ليبيرية ولبناني الأصل بتهمة التجسس لمصلحة قوة أجنبية ممثلة في جهاز الموساد الإسرائيلي، وتكوين جماعة أشرار تستهدف أمن الجزائر واستقرارها، في حين تم إدانة باقي المتهمين من جنسيات أفريقية متعددة بـ10 سنوات سجناً نافذاً.

وفي يناير الماضي نشر موقع "موند أفريك" الفرنسي تقريراً تحدث فيه عن عمليات تجسس إسرائيلية في دول شمال أفريقيا تحت المظلة الأمريكية، وكشف التقرير أن المخابرات الجزائرية كشفت عمليات تجسس إسرائيلية على المنشآت العسكرية الجزائرية من خلال طائرات دون طيار تنطلق من تونس، وذلك في عام 2016.

- أحداث غرداية
وهذا الشهر اتهم بوعبد الله غلام الله، وهو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى (مؤسسة تابعة للرئاسة)، "إسرائيل" بالضلوع في المواجهات الطائفية التي شهدتها محافظة غرداية (600كم جنوب العاصمة الجزائر) في الفترة بين يناير 2013 ويوليو 2015 بين العرب المنتمين للمذهب المالكي، والأمازيغ الإباضيين.

وكانت هذه المواجهات قد أسفرت عن مقتل 38 شخصاً، حسب حصيلة رسمية، فضلاً عن تخريب 800 مسكن و400 محل تجاري، وانتهت بعد جولات حوار بين الجانبين وتعيين حاكم عسكري للمنطقة.

وحسب غلام الله فإن "أطرافاً كانت تحاول قلب نظام الحكم كلية في أزقة ولاية غرداية، وتم اكتشاف عملاء للصهيونية يعملون لصالح إسرائيل لتأجيج الأوضاع وربطها بأجندات خارجية"، من دون تقديم تفاصيل أكثر حول القضية.

وعن أسباب هذا الحراك الإسرائيلي ضد الجزائر أوضح أمين عام حركة النهضة، محمد ذويبي، لــ"الخليج أونلاين"، أن "ما تقوم به "إسرائيل" ضد الجزائر من حيث المبدأ أمر متوقع، فهي تعتبر الجزائر بلداً عدواً".

ويضيف ذويبي: "لذلك تتخذ "إسرائيل" كل الوسائل من أجل الإضرار بمصالح الجزائر الاقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية، ومن ذلك البحث عن عملاء لها داخل الجزائر للعمل على زعزعة استقرارها وأمنها".

وأوضح ذويبي الذي شارك في أسطول الحرية لكسر الحصار على غزة في 2010، وأصيب في إحدى عينيه برصاصة من جنود الاحتلال، أن "الكيان الصهيوني ومن خلال محاولاته هذه يسعى إلى ثني الجزائر عن مواقفها، وبعد أن فقد هذا الكيان الغاصب الأمل في تطبيع العلاقات مع الجزائر فإنه يسعى على الأقل إلى إسكات الجزائر".

- الصمت عن القضية
وكشف أن الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) الراحل عبد الحميد مهري، أكد له عام 2008 أن "حلفاء "إسرائيل" من العرب طلبوا من الجزائر الصمت فقط"، مضيفاً: "لكن الجزائر تعتبر أن قضية فلسطين هي قضية مركزية، وتعتبر الصمت خيانة وتواطؤاً؛ لذلك يستمر الدعم الجزائري لفلسطين".

وتابع ذويبي: "الدليل التنديد الكبير للرئيس بوتفليقة بمجزرة غزة الأخيرة، كما ظهر طاقم طبي جزائري في الميدان بغزة لعلاج الجرحى".

وبالنسبة للقيادي في جبهة العدالة والتنمية، أحسن عريبي، الذي شغل عضوية لجنة الدفاع في مجلس النواب الجزائري، فإن "الجزائر معروفة بدعمها لقضايا التحرر في كل دول العالم، بما في ذلك قضية فلسطين التي تعتبرها قضية مركزية لا يمكن التخلف عن نصرتها".

ولأن الجزائر صنعت، حسب حديثه، الاستثناء عن باقي الدول العربية من خلال دعمها غير المشروط لفلسطين، فإن "ذلك يقلق الكيان الإسرائيلي الذي يبحث عن فرص للإضرار بمصالحها واستقرارها، في محاولة للتأثير على مواقفها".

ويتابع عريبي أن الجزائر بخبرتها ومواقفها "عصية على "إسرائيل" وعلى غيرها من الدول التي تسعى للتدخل في شؤونها الداخلية، وعصية أيضاً على أية مؤامرة تستهدف أمنها وقرارها السيادي سواء من الكيان الغاصب أو من أية دولة أخرى، خاصة من الذين باعوا دينهم وعرضهم لأمريكا وللغرب".

وخلص إلى أن سياسة الجزائر في هذا الجانب واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، و"هي السياسة التي نثمنها كمعارضة في النظام الجزائري، رغم أننا نعارضه في أشياء أخرى كثيرة".