عبد الباسط عبد الصمد .. صاحب الحنجرة الذهبية
عبد الباسط عبد الصمد هو قارئ القرآن الكريم الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داود، ويُعتبر من أكثر قُرّاء القرآن الكريم شُهرةً في البلاد الإسلامية، وحامل لقبِ الحنجرة الذهبية، ولقب صوت مكة، يَحظى بشهرةٍ واسعةٍ في كافةِ أنحاءِ العالم الإسلامي، نظراً لصوته بالغ الجمال، واتباعه لِأسلوبٍ فريدٍ في قراءة القرآن الكريم.
وُلد الشيخ عبد الباسط سنة 1346 هجرية، عام 1927م في قريةِ المراعزة التابعةِ لِمحافظة قنا المصرية، وتَتَلمذَ على يد الشيخ محمد الأمير، فتمكّنَ من حفظ القرآن الكريم على يده، واستوحى من الشيخ المُتقن محمد سليم حمادة علم القراءات وتَعلَّمها، وفي عام 1951م تمكّن من دخول الإذاعة المصرية وقدّم تلاوةً عذبةً لِسورة فاطر، وحظي في السنة التالية بالتعيين في مسجد الإمام الشافعي كقارئ.
في عام 1958م انتقل إلى مسجد الإمام الحُسين لِيتولى الإمامة والتلاوة فيه كخلفٍ للشيخِ محمود علي البنا، وتَرك إرثاً كبيراً من التسجيلات الصوتية بترتيل القرآن الكريم والتجويد فيه بأفضل صوت، وفي عام 1984م اعتبر نقيبَ القرّاء المصريين الأول، وتَمكن من طَوافِ العالم كسفيرٍ للقرآن الكريم.
حياته
نشأ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وسطَ بيئةٍ مُلتزمةٍ دينياً ومُهتمةٍ بالقرآن الكريم من حيث الحفظ والتجويد؛ فكان جدّه الشيخ عبد الصمد مُتمكّناً من حفظِ وتجويدِ القرآن الكريم مع الأحكام، ووالده الشيخ محمد عبد الصمد من أكثر قُرّاء القرآن الكريم إجادةً من حيث الحفظ والتجويد. كان الشيخ عبد الباسط مُنذُ طُفولته موهوباً، وما زاد من قدرته على التمتع بالمُؤهلات القرآنية هي صفاته من سرعةِ الاستيعاب، والنّباهة، والاهتمام بمتابعة أمور القراءةِ والتجويد، كما كان يَمتاز بدقةِ تحكُمِهِ وإتقانِه لمخارِجِ الألفاظ، وأضفتْ عُذوبةُ صوته إلى موهبته نَجاحاً باهراً، وقد كان يقرأ القرآن الكريم بصوتٍ عالٍ ليلاً ونهاراً.
دخوله الإذاعة المصرية
تقدّم الشيخ عبد الباسط إلى الإذاعة المصرية عام 1951م بناءً على طلبِ الشيخ الضباع، والتحق بالإذاعة بعد أن أبدتْ لجنةُ الإذاعة انبهارها بأدائِهِ القوي العالي وذلك بعد أنْ استمعت لِتسجيلٍ صوتيٍ للشيخ عبد الباسط، وتمّ اتخاذُهُ كقارئٍ رسميٍ للإذاعة، وتَمكنَ من تحقيقِ شُهرةٍ واسعةٍ خلالَ أشهر، وانتقل إلى حي السيدة زَينب في القاهرة، وأقام فيه بشكلٍ دائم. بفضل انضمامه إلى الإذاعة المصرية توافد المواطنون في مصر إلى اقتِناء أجهزةِ الراديو للاستماع للشيخ عبد الباسط، وأصبح صوتُهُ ينتشر في كلّ بيوت مصر.
تكريماته
حاز الشيخ عبد الباسط على تكريماتٍ وأوسمةٍ كثيرةٍ في حياته، وكان من بينها:
في عام 1959م حاز على وسامٍ من رئيسِ الوزراء السوري.
في عام 1965م مَنَحه رئيس الحكومة الماليزية وساماً.
عام 1975م منحه الرّئيس السنغالي وسامَ الاستحقاق.
تَوسّم في عام 1980م بالوسام الذهبي من الباكستان.
مرض الشيخ عبد الباسط ووفاته
انتقل الشيخ عبد الباسط إلى جوار ربه في الثلاثين من شهر نوفمبر عام 1988م بعد صراعٍ مع المرض، وتمّ تشييع جُثمانِه ضِمن جنازةٍ رسميةٍ ووطنية، ويُذكر أنّه كان مصاباً بمرضِ السكري والكسل الكبدي، وهما اللذان تمكّنا من جسده على الرغم من التزامه بحميةٍ غذائيةٍ خاصةٍ بمرضى السكري، وتَفشّى التهاب الكبد في جسده فتدهورتْ صحته، فتوجّه إلى لندن برحلةٍ علاجيةٍ دامتْ أسبوعاً واحداً، رَقَد فيها على سريرِ الشفاءِ بأحد مستشفياتها، وعاد إلى مصر وتوفي هناك.