النائب هشام والى: عشر اسباب للتحول الى الدعم النقدى

صرح النائب هشام والى، عضو مجلس النوااب، أنه سلم الى وزير التموين استراتيجية كاملة للتحول من الدعم العيني إلى النقدي، وبها 10 اسباب جادة للتحول الى النقدي.


1- الدعم سيصل لمستحقيه فقط:
تلك هي المزية الأكثر وضوحا وإقناعا (وشعبية)، إذ أن أكثر المتحمسين لآلية الدعم الحالية لا ينكر أن جزءا كبيرا منه يصل إلى غير المستحقين وأن هناك قدرا من العشوائية في التوزيع، بالمقابل فإن توزيع الدعم بشكل نقدي يضمن وصوله مباشرة إلى المستحق له دون غيره.

2- تكلفة أقل لتوزيع الدعم:
لدينا اليوم وزارة للتموين يعمل بها آلاف الموظفين وينفق عليها ملايين الجنيهات سنويا تكاد تنحصر مهمتها في تنظيم والرقابة على آلية توزيع الدعم العيني.

هذا فضلا عن التكلفة غير المباشرة التي يتحملها الجهاز الشرطي والقضائي لمعاونة الوزارة في أداء عملها.

يمكننا توفير هذه المصاريف إن قدمنا الدعم بشكل نقدي للمواطنين، كل ما نحتاجه هو أن يقدّم المواطن إقراره الضريبي السنوي (وهو سيفعل ذلك على أي حال) لكي نحدد المستحقين ومقدار ما يستحقونه، ثم نرسل لهم الأموال عبر البريد أو بتحويلات بنكية مباشرة.

3- مقدار أقل من الهدر والفساد:
رغم كل الجهد الذي يبذل لمنع تسرّب السلع المدعومة الى خارج المنظومة فإن ذلك يحدث بنسبة لا يستهان بها، وهناك مبدأ اقتصادي معروف: ما أن تكون للسلعة الواحدة أكثر من سعر في السوق ستنشأ على الفور سوق سوداء لها، حيث سيستغل البعض فرق السعر لتحقيق مكسب سهل وسريع، ومهما وضعت من قيود واتخذت من إجراءات رقابية فإن هؤلاء سيجدون طرقا لتجاوزها (مثلا: رشوة مفتشي التموين) وسينتهي فارق السعر (الدعم) في جيوب منظومة الفساد بدل أن يصل الى المواطن. السبيل الوحيد لإغلاق حنفية الفساد والهدر أن تنهي وجود تلك الفرصة لتحقيق مكسب غير مشروع من الأساس عن طريق توزيع الدعم نقديا.

4- تقليل الاستهلاك:
تقوم فكرة الدعم العيني على مبدأ بسيط: كلما استهلكت أكثر كلما حصلت على دعم أكبر من الدولة، لو أن الدولة تدعم رغيف الخبز بـ 20 قرشا فإن من يشتري خمسة أرغفة سيحصل على دعم بجنيه واحد ومن سيشتري 20 رغيفا سيحصل على دعم بأربعة جنيهات.
حتى لو لم يكن الحصول على حصة أكبر من الدعم هدفا في حدّ ذاته فإن تقديم السلع للمستهلكين بسعر رخيص سيشجعهم على مزيد من الاستهلاك وسيقضى على الحافز للاقتصاد والترشيد، الكهرباء مثالا ساطعا. في ظل نظام الدعم النقدي فإن المستهلك يدفع التكلفة الحقيقية للسلعة وبالتالي سيكون نمط استهلاكه أكثر رشادة ومسؤولية.

5- منح حرية الاختيار للمستهلك:
تقوم الدولة بدعم سلع محددة مفترضة أنها بذلك تحقق أكبر منفعة للمستفيد من الدعم، خذ مثلا عندك سلّة السلع التمونية التي تشمل كميات محددة من السكّر والشاي والأرز والزيت، لم يتوقف أحد ليسأل نفسه: لماذا هذه السلع بالتحديد وبهذه الكميات تحديدا؟ لماذا الأرز وليس المكرونه مثلا؟ لماذا الشاي وليس الحلبة مثلا؟ هل السكر أكثر فائدة من الملح؟ هل لو منحنا المواطن قيمة الدعم نقدا سيشتري الجميع السلع ذاتها؟ الإجابة بالطبع هي لا، والتي تعني أن الدعم العيني لا يحقق للمواطن أكبر استفادة ممكنة ولا يلبي أولوياته الحقيقية.

الأمر ذاته ينطبق على أشكال الدعم الأخرى، لو قدمنا الكهرباء للمواطن بتكلفتها الحقيقية ومنحناه قيمة الدعم نقدا فما أدرانا أنه لن يستهلك مقدارا أقل ليستغل الدعم في شراء كراسة لإبنه أو دواء لزوجته. بالبلدي كده: اعطوا المواطن حقه "ناشف" واتركوه ينفقه كما يشاء ولا تنصبوا أنفسكم أوصياء عليه !

6- تخصيص أفضل للموارد على المستوى الوطني:
تقوم الدولة بدعم القمح مرتين: مرة عبر شراءه من الفلاحين بأسعار أعلى من السعر العالمي ومرة ثانية بتقديمه للمستهلك بسعر يعادل جزءا بسيطا من تكلفته، القمح - مقارنة بمحاصيل أخرى كالبطاطس - محصول مكلّف ماليا ومائيا ومن الصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي منه وبالتالي ستظل هناك حاجة لاستيراده، ما الذي سيحدث لو توقفت الدولة عن دعم القمح بشكل عيني؟ ببساطة سينخفض الطلب عليه ويزداد على سلع بديلة كالبطاطس والشعير .

وبالتالي سترتفع أسعارها وتزداد المساحات المزروعة منها، وفي الوقت ذاته ستنخفض الحاجة لاستيراد القمح وينخفض سعره، أي أن السوق سيعمل بكفاءة وسيتم تخصيص الموارد المحدودة بشكل أفضل لتحقيق احتياجات المجتمع بأقل تكلفة بدلا من التشوهات الاقتصادية الناشئة عن فرض سعر مصطنع لسلعة بعيد جدا عن تكلفة إنتاجها الحقيقية.

7- إمكانية استغلال الدعم كحافز:
إذا أردت تقديم دعم نقدي للأسر الفقيرة التي لديها أطفال فما رأيك أن تربط الحصول على هذا الدعم باستمرار الطفل في المدرسة، ألن يقلل ذلك من نسب التسرب المبكر من الدراسة؟ وما رأيك أيضا أن تجعل الدعم الإضافي الذي يحصل عليه الطفل الأول في الأسرة أكثر من الثاني، والثاني أكثر من الثالث، وهكذا، ألا يمكن أن يكون ذلك عاملا مساعدا على تنظيم الإنجاب؟ وماذا عن منح دعم إضافي (أو إعفاء ضريبي)  لمن يعمل من الزوجات والأبناء، ألن يقلل ذلك من نسب الإعالة في الأسر المصرية ويحسن أحوالها؟ هذه مجرد أمثلة قليلة لما يمكن أن تحققه إن ربطت حصول المواطنين على دعم نقدي بسلوكيات إيجابية. طبعا كل تلك الأمثلة لا يمكن تحقيقها في ظل منظومة الدعم العيني العشوائي التي نطبقها حاليا.

8- إحساس المواطنين بقيمة الدعم:
من الصعب أن تقنع مواطنا عاديا بأن الدولة تنفق أكثر من 4000 جنيه سنويا في المتوسط على صورة دعم عيني لكل مواطن صغيرا أو كبيرا، رجلا أو امرأة أو طفلا، غنيا أو فقيرا، في النهاية هو لا يرى هذا المبلغ في حسابه البنكي ويعتقد أن معظمه يسرق أو يهدر بلا جدوى، هناك استهانة تامة بقيمة ما يحصل عليه المواطن من الدولة على صورة دعم وإحساس عام بأنه حق مكتسب لا يكلف شيئا ، وعلى الجانب الآخر هناك انفصام كامل بين تقدير المواطن لقيمة السلعة التي يحصل عليها وبين تكلفتها الحقيقية في السوق العالمي، إن أردنا أن نخرج المواطنين من مرحلة (عيال الحكومة) الى أن يكونوا أشخاصا كاملي الأهلية فينبغي على الأقل أن نصارحهم بحقائق الأمور ونجعلهم يشعرون بقيمة ما يحصلون عليه كما يفعل كل أب مع أبناءه الذين وصلوا سن الرشد.

9- تسهيل المحاسبة وإغلاق الثغرات:
لو قرأت أي تقرير للموازنة المصرية ستجد كثيرا من التفاصيل عن أسعار القمح والوقود وآليات التعاقد لشرائهما وتحركات الأسعار المتوقعة وتأثيرها على تكلفة الدعم، ذلك يمنحك فكرة بسيطة عن درجة تعقيد مسألة التعاقد على شراء السلع المدعمة، قس على ذلك بقية المراحل والإجراءات من نقل وتوزيع وتخزين وترخيص وتسعير الى آخره، الأمر الذي يجعل مسألة المحاسبة والرقابة في غاية الصعوبة ويزيد كثيرا من فرص وجود ثغرات ينفذ منها الفساد والهدر المالي. بالمقابل فإن الدعم النقدي يقتصر على دفع مبالغ وفق معايير كمية واضحة (مقدار الدخل - عدد أفراد الأسرة) وبإجراءات بسيطة الأمر الذي يقلل كثيرا من فرص الفساد والإفساد.

10- سيرا على خطى دول العالم المتقدم:
لن نعيد اختراع العجلة، في جميع دول العالم المتقدم تقريبا فإن الشكل الأساسي للدعم هو الشكل النقدي (سواء على شكل نقود أو كوبونات طعام أو خلافه) بينما يطبق الدعم العيني في مسائل محدودة جدا مثل المساكن الاقتصادية لبعض الفئات. الدعم العيني بشكله الشامل لم يعد مطبقا سوى في مجموعة من الاشتراكيات الفاشلة مثل كوريا الشمالية وكوبا، إضافة الى بعض الدول العربية النفطية التي تستخدمه كأسلوب لتوزيع الثروة البترودولارية وتأجيل الاستحقاقات الديمقراطية.

 فلا يوجد دولة متقدمه بها نفس السلعة لكنها تباع بسعرين مختلفين!