بعد ربع قرن .. صافرات الإنذار تعيد أجواء الحرب لقلب السعودية

بعد ربع قرن .. صافرات الإنذار تعيد أجواء الحرب لقلب السعودية
بعد ربع قرن .. صافرات الإنذار تعيد أجواء الحرب لقلب السعودية

منذ أكثر من ربع قرن لم تطلق صافرات الإنذار في المملكة العربية السعودية أصواتها "المرعبة"، ولم يسمع بها أجيال ما بعد حرب الخليج الثانية؛ لتعود مجدداً إلى مسامع سكان العاصمة الرياض، بعد تزايد تهديدات الحوثيين للممكلة، التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن.


وتُعدّ صفارات الإنذار إحدى أهم الوسائل الحديثة التي تُستخدم لتحذير السكان أثناء حدوث مخاطر أمنية أو تهديدات لأمن السكان، أو وجود كوراث طبيعية، أو إعلان بدايات الحروب، أو وجود خطب ما.

ويستعدّ السعوديون، الخميس 10 مايو 2018، للاستماع لصوت صفارات الإنذار المستخدمة في أوقات الحروب والكوارث؛ في خطوة تقول الرياض إنها للتأكّد من جاهزيّة نظام الصفارات لأي طارئ، بينما اعتبر مراقبون أن المملكة تعيش حالياً حالة حرب حقيقية؛ على خلفيّة إمطار الحوثيين للعاصمة والمناطق الجنوبية بعشرات الصواريخ الباليستية أسبوعياً.

الدفاع المدني السعودي وجه سكان العاصمة الرياض ومناطق: الخرج، والدرعية، والشرقية بكامل محافظاتها، أنه يُجري التجربة يوم الخميس 10 مايو 2018، على أن تشمل مناطق واسعة من المملكة.

وقال الدفاع المدني: "عند الساعة الواحدة ظهراً موعدنا مع تجربة صافرات الإنذار في كل من مدينة الرياض، ومحافظة الخرج، ومحافظة الدرعية، والمنطقة الشرقية بكامل محافظاتها"، ليأخذ هذا الإنذار صداه الواسع داخل المجتمع السعودي.

ويشكّل صوت صفارات الإنذار أمراً غير مألوف لفئة الشباب الذين يشكّلون غالبية السكان ولم يعايشوا أجواء حرب الخليج الثانية أثناء غزو العراق للكويت، في تسعينيات القرن الماضي، ودوّت حينها صفارات الإنذار عدة مرات في السعودية، محذّرة من اجتياح نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، لأراضي المملكة.

ولم يسبق للرياض أن استخدمت صفارات الإنذار، بالرغم من تعرّض أراضيها للاستهداف بأكثر من 130 صاروخاً باليستياً من قبل الحوثيين، منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف العربي ضد المليشيات المدعومة من إيران، في مارس 2015، إلا أن كثافة الصواريخ الباليستية الموجّهة نحو العاصمة الرياض خلال الأشهر الماضية يبدو أنها أشعلت شرارة أجواء الحرب.

- عودة بعد غياب ربع قرن
وفي عام 2016، أعلنت الرياض أنها أكملت مشروع تحديث صافرات الإنذار وحدّدت نوعية النغمات ونوع المخاطر وآلية فرضية الإخلاء في حال النوازل أو أي خطر يهدّد حياة السكان، وهو الإعلان الأول منذ تسعينيات القرن الماضي.

وقدّمت الجهات السعودية المختصّة مؤخّراً دراسة تؤكّد احتياج المحافظات والمراكز في المناطق لصافرات الإنذار المبكّر وتحديد مواقعها ومراكز التحكّم بها، وإنشاء قاعدة بيانات جغرافية.

وشملت المرحلة الأولى كلاً من مناطق: الشرقية، والرياض، والمدينة المنورة، وتبوك، وجازان، ومكة المكرمة، أما المرحلة الثانية فتشمل مناطق: نجران، وعسير، والباحة، في حين أن المرحلة الثالثة تشمل القصيم، والحدود الشمالية، وحائل، والجوف، بحسب الدراسة التي ذكرتها "قناة" العربية.

- صفارات الإنذار
وأثار توجيه إدارة الدفاع المدني للمواطنين بأخذ الحيطة والحذر أثناء تجربة صفارات الإنذار في عدد من مناطق السعودية عدة تساؤلات حول اختيار الوقت والتاريخ لإنشاء أو الإعلان عن هذا المشروع، الذي يُعتبر دخيلاً على المجتمع السعودي منذ قرابة 3 عقود.

وبحسب الصحافة السعودية، تتمثّل إشارات الإنذار بثلاثة ألوان؛ وهي الإنذار المدني الأصفر (نغمة أولى)، ويعني ذلك رصد الخطر والتنبيه لاحتمالية وقوعه. أما الإنذار المدني الأحمر (نغمة ثانية) فهذا يعني أن الخطر قد وقع، في حين يمثّل الإنذار المدني الأبيض (نغمة ثالثة) زوال الخطر.

وتقول السلطات السعودية إن إطلاق صفارات الإنذار ليس مرتبطاً بحالات الحروب فقط، إنما يُستخدم في التنبيه لجميع المخاطر، سواء كانت مخاطر طبيعية أو صناعية، مثل الإنذار عن الأمطار والسيول بهدف تحذير السكان من الأودية.

- قصف في قلب الرياض
لكن بالمقابل يُعيد مشروع صافرات الإنذار إلى الواجهة قصف الحوثيين مطار الملك خالد، في العاصمة السعودية الرياض، العام الماضي، بالصواريخ الباليستية طويلة المدى، حيث أصاب الحادث سكان المدينة بالذعر على حين غفلة، ودون سابق إنذار، ولم تطلق السلطات السعودية أي إنذار في حينها.

وفي مساء السبت 4 نوفمبر 2017، تعرّض مطار الملك خالد الدولي في الرياض إلى قصف بصاروخ باليستي بعيد المدى، تبنّته جماعة الحوثي لاحقاً، ليشكّل بداية التصعيد ضد المملكة، الذي يُعتقد أنه تنفيذ لتهديدات زعيم الحوثيين، في سبتمبر 2017، بأن قواته أصبحت قادرة على ضرب أبوظبي والرياض بصواريخ بعيدة المدى.

وقالت جماعة الحوثي، في تصريح نشرته وسائل الإعلام التابعة لها، إنها أطلقت صاروخاً باليستياً على مطار الملك خالد الدولي بالرياض، في تطوّر شكّل لاحقاً أكبر مصدر إزعاج وإحراج في نفس الوقت بالنسبة إلى السلطات السعودية، التي تقود التحالف العربي والعمليات العسكرية في اليمن بهدف إعادة الحكومة اليمنية، بقيادة عبد ربه منصور هادي.

وبُعيد قصف المطار بلحظات، أعلنت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين أن الصاروخ الباليستي من نوع "بركان إيتش-2"، دون ذكر أي تفاصيل إضافية عن هذا الهجوم.

وفي شهر مارس 2018 فقط، أطلق الحوثيون نحو 30 صاروخاً باليستياً باتجاه المملكة، ما أسفر عن سقوط عدد قليل من الضحايا، لكن الهجمات أثارت اتهامات من خصومهم والولايات المتحدة بأن إيران تمدُّ حلفاءها الحوثيين بالصواريخ.

وفي نظرة عامة للمكاسب التي حقّقها التحالف العربي بقيادة السعودية خلال العام 2017، يظهر ببساطة أن العام الثالث في عمر الحرب في اليمن هو الأقل حصاداً عسكرياً، مقارنة بعامي 2015 و2016، اللذين سجّلا انتصارات كبيرة للشرعية والتحالف، في حين استهلّ عناصر الحوثي عام 2018 بتوجيه الصواريخ نحو أبوظبي والعاصمة الرياض ومواقع استراتيجية واقتصادية أخرى.