بين تهنئة وطلب تجنيد .. ماذا تُريد "إسرائيل" من "محمد صلاح"؟

بين تهنئة وطلب تجنيد .. ماذا تُريد "إسرائيل" من "محمد صلاح"؟
بين تهنئة وطلب تجنيد .. ماذا تُريد "إسرائيل" من "محمد صلاح"؟

تألَّق النجم المصري محمد صلاح برفقة ناديه ليفربول الإنجليزي على مختلف المستويات المحلية والقارية هذا الموسم، وفاق جميع التوقعات لحظة إتمام صفقة انتقاله إلى فريق ملعب "أنفيلد"، صيف عام 2017، قادماً من صفوف روما الإيطالي، مقابل 42 مليون يورو.


"صلاح"، الذي يسير بخُطا ثابتة نحو التتويج بلقب هدّاف الدوري الإنجليزي، بـ31 هدفاً، ارتفعت قيمته السوقية أضعافاً، وبات محط أنظار كبار القارة الأوروبية، وفي مقدمتهم فريق العاصمة الإسبانية ريال مدريد.

وفي غمرة حديث العالم عن المستوى المذهل لـ"الفرعون المصري" في بطولتي "البريميرليغ" و"ذات الأذنين"، دخلت "إسرائيل" وكبار مسؤوليها على الخط بقوة، وسط تساؤلات عن الاهتمام الشديد من قِبل الدولة العبرية بمحمد صلاح.

- تهنئة "مثيرة للجدل"
البداية مع الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الذي قدم تهنئة لـ"صلاح" عقب فوزه بجائزة "أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي" للموسم الحالي، متفوقاً على صانع ألعاب مانشستر سيتي، البلجيكي كيفن دي بروين، والدولي الإنجليزي هاري كين، أبرز ملاحقيه على لقب الهدّاف.

وكتب "أدرعي"، الذي يُتقن اللغة العربية بطلاقة، مساء الـ22 من أبريل الماضي، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "التهاني الحارة للفرعون المصري محمد صلاح".

وبات "صلاح" أول لاعب مصري يظفر بالجائزة الفردية الرفيعة في البطولة الإنجليزية، وثاني عربي بعد النجم الجزائري رياض محرز، الذي قاد ليستر سيتي للفوز بلقب "البريميرليغ"، موسم (2015-2016).

تغريدة المتحدث باسم جيش الاحتلال أثارت ضجة واسعة، وسط سيل جارف من التغريدات المضادة من المصريين والعرب، وصلت إلى حد كيل السباب والشتائم لـ"أدرعي".

- ليبرمان يفجِّر قنبلة
ولم يكن أدرعي، الإسرائيليَّ الوحيد الذي تحدث عن صلاح؛ بل وصل الأمر إلى وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي أثنى على تألُّق النجم المصري في مباراة فريقه أمام روما الإيطالي، في ذهاب نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا.

وقال ليبرمان على حسابه الرسمي بموقع التغريدات القصيرة "تويتر"، في 24 أبريل الماضي، إنه سيتصل برئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت؛ من أجل مطالبته بضرورة "تجنيد" الدولي المصري في "الخدمة الدائمة بالجيش"، على حد قوله.
وجاءت تغريدة ليبرمان مباشرةً، بعد نهاية الشوط الأول لمباراة ليفربول وروما، التي عرفت تسجيل "الفرعون المصري" ثنائية مذهلة في شباك فريقه السابق.

صلاح لم يكتفِ بتسجيله "الثنائية" في اللقاء؛ بل أسهم في صناعة هدفين آخرين في فوز "الريدز" على "الذئاب" بخمسة أهداف مقابل هدفين، ليضع فريق المدرب الألماني يورغن كلوب قدماً في نهائي "أمجد الكؤوس الأوروبية".

النائب العربي في "الكنيست" الإسرائيلي، أحمد الطيبي، لم ينتظر طويلاً للرد على ليبرمان؛ إذ شن هجوماً لاذعاً على وزير جيش الاحتلال بعدما وجَّه إليه كلاماً مباشراً على "تويتر"، قائلاً: "صلاح يودُّ أن يعرفك جيداً، ويعرف لأي قناص تودُّ منح وسام شرف، وما هي برامجك لقصف سد أسوان".

ولم يكتفِ الطيبي بذلك؛ بل أكمل هجومه على ليبرمان، بقوله: "تغريدة تُسبب الرغبة في التقيؤ"، قبل أن يستكمل قائلاً: "من دون عرب لا يوجد أهداف، ليس فقط بالمنتخب الإسرائيلي، في ليفربول أيضاً فهموا ذلك".

وفي منتصف مارس الماضي، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية فيديو أعدته قناة "كان" الإسرائيلية، للإشادة بجهود صلاح، الذي قاد منتخب بلاده للتأهل لنهائيات كأس العالم 2018، بعد غياب دامَ 28 عاماً.

- موقف صلاح من الإسرائيليين
وكان صلاح عندما نشط ضمن صفوف بازل السويسري، قد رفض مصافحة لاعبي "مكابي تل أبيب" الإسرائيلي، في الدور التمهيدي لدوري أبطال أوروبا، نسخة عام 2013، مفضلاً "تغيير حذائه".

وقبل بداية مباراة الإياب، فضّل صلاح الضرب بقبضة يده فقط بدلاً من مصافحة لاعبي مكابي، الذي قامت جماهيره بإطلاق صافرات الاستهجان ضده، قبل أن يسجّل اللاعب هدفاً في شباك فريقها.

وقال "صلاح" آنذاك إنه عانى ضغوطاً قبل المواجهة، لكنه لا يهتم بالسياسة على الإطلاق، ما فسره محللون رياضيون بأن تصريحاته تندرج ضمن مناورة للإفلات من عقوبة الاتحاد الأوروبي للعبة، الذي يرفض رفضاً قاطعاً خلط السياسة بالرياضة.

- التغلغل في المجتمع العربي
الإشادة الإسرائيلية المتكررة بالنجم المصري، رغم سيل السباب والشتائم الذي يتعرض له المسؤولون الإسرائيليون من قِبل المصريين والعرب، تستهدف -وفقاً لمراقبين- "دخول كل بيت عربي، وجعل أفراده يعتادون الأخبار والروايات الإسرائيلية"، فضلاً عن إيجاد موطئ قدمٍ لها في محيطها العربي من بوابة نجم ليفربول، الذي يحظى بشعبية جارفة بالوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

وتسعى "إسرائيل" جاهدةً لطمس الفكرة التي عُرفت عنها "تاريخياً" بأنها دولة محتلة لـ"فلسطين"، وارتكبت سلسلة جرائم ضد الإنسانية في مختلف حروبها مع الفلسطينيين ومع دول الجوار، منذ النكبة الفلسطينية عام 1948.

يقول مختصون إن "إسرائيل" تُدرك جيداً حجم الغضب الذي يكنّه العرب لها، فضلاً عن مدى عزلتها في الوطن العربي على المستوى الشعبي حتى الآن، رغم اتفاقيتي السلام الموقعتين بينها وبين مصر والأردن.

وترى "إسرائيل" أن المدخل الحقيقي للتطبيع مع الشعوب العربية يكمن بالوجود في المناسبات التي تحظى بإجماع عربي واسع النطاق، حيث لا صوت يعلو حالياً فوق تألق صلاح بملاعب القارة العجوز، ليتحول النجم المصري إلى "أيقونة" حقيقية للشباب العربي.

وبذلك، تستغل الدولة العبرية، المناسبات السعيدة؛ كفوز أحد اللاعبين بجائزة مشهورة، وحلول شهر رمضان المبارك وقدوم الأعياد لتهنئة العرب والمسلمين، من أجل أن يصبح دخول هؤلاء إلى صفحات مسؤوليها على مختلف وسائل التواصل والاطلاع على محتوى التغريدات والمنشورات، "أمراً عادياً وروتينياً"، هكذا يقول مراقبون.

تجدر الإشارة إلى أن "صلاح" لا يزال ينافس بقوة على جائزة "الحذاء الذهبي"، التي تُمنح لأكثر لاعب يسجل أهدافاً بالدوريات الأوروبية الكبرى، في موسم واحد، حيث يتصدر النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي القائمة بـ32 هدفاً، متفوقاً بهدف وحيد على نجم "الفراعنة".