لماذا يريد ترامب نقل محتجز أمريكي على صلة بـ"داعش" إلى السعودية؟

لماذا يريد ترامب نقل محتجز أمريكي على صلة بـ"داعش" إلى السعودية؟
لماذا يريد ترامب نقل محتجز أمريكي على صلة بـ"داعش" إلى السعودية؟

قال تقرير نشره موقع "Vox" الأمريكي: إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحاول نقل مواطن أمريكي ذي صلة مزعومة مع «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» إلى المملكة العربية السعودية، دون محاكمة، وبدون أي ضمانات بأنه لن يتم إيداعه بالسجن بمجرد وصوله إلى الأراضي السعودية.


يبرز مقترح الإدارة الأمريكية بنقل السجين دون محاكمة، وهو الأمر الذي لم يسبق حدوثه من قبل، رغبة الرئيس ترامب في الخروج عن الممارسات القانونية الراسخة كجزء من استراتيجيته المتشددة في حرب واشنطن الطويلة على الإرهاب، وفق ما ذكر الموقع الأمريكي.

وسوف تصل الدراما القانونية إلى ذروتها يوم الجمعة المقبل؛ عندما تستمع محكمة استئناف فيدرالية إلى حجة إدارة ترامب للمضي قدمًا في عملية نقل السجناء. في وقت سابق من هذا الشهر، منع قاضٍ فيدرالي الإدارة مؤقتًا من إرسال السجين الذي لم تكشف عن اسمه إلى السعودية؛ لأن الحكومة «فشلت في تقديم» حجة مقنعة للمضي قدمًا في عملية نقل السجين. الآن يحاول البيت الأبيض مرة أخرى الحصول على موافقة قانونية لإتمام العملية.

ونقل التقرير عن بريت كوفمان، المحامي لدى اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، الذي يدافع عن المعتقل، قوله: «ليس لدينا علم بأية قضية في التاريخ الأمريكي حاولت فيها الحكومة أن ترسل مواطنًا أمريكيًا إلى دولة أخرى». وأحالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) طلب الموقع الأمريكي للتعليق إلى وزارة العدل التي لم ترد.

وفقًا للتقرير، لم تكشف الحكومة الأمريكية أبدًا عن اسم المواطن المعني الذي سلم نفسه إلى المقاتلين المتحالفين مع الولايات المتحدة في سوريا. وتعرفه جميع وثائق المحكمة باسم جون دو. وقد ذهبت وزارة العدل إلى حدود غير عادية لتقليص جميع الإيداعات القانونية، وتستمر في القول بأن جعل تفاصيل القضية عامة يمكن أن «يقوض» الدبلوماسية الأمريكية.

لكن المعركة القضائية مستمرة، حيث يجلس الرجل في زنزانة في العراق، بينما تحاول إدارة ترامب إيجاد طريق لنقله إلى السعودية.

يخيم على هذه القضية برنامج الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش «التسليم الاستثنائي»، الذي نقل بموجبه عملاء «وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)» مشتبهين بالإرهاب إلى 54 دولة، حيث قام العديد منهم بعدها بتعذيب السجناء.

لكن الحالة الجديدة لها اختلاف رئيس: يبدو أنها المرة الأولى في التاريخ الحديث التي تحاول فيها الحكومة أن تنقل مواطنًا أمريكيًا إلى الخارج ضد إرادته ودون أي محاكمة. إذا حازت الإدارة على موافقة من المحكمة، يمكن تكرار هذه الممارسة بسهولة في الحرب ضد الإرهاب.

ونقل التقرير عن ستيف فلاديك، وهو أستاذ متخصص في قانون الأمن القومي في جامعة تكساس، قوله: «إذا كانت الحكومة تستطيع احتجازه لمدة سبعة أشهر ونصف الشهر دون جلسة استماع أولية، فمن يقول إنهم لا يستطيعون احتجاز أي منا؟».

إبقاء القضية سرية
وعلى الرغم من الجهود الحكومية الرامية إلى إبقاء تفاصيل القضية سرية، تصف وثائق المحكمة معركة قانونية استمرت سبعة أشهر بعد استسلام الرجل لقوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة عند نقطة تفتيش بالقرب من الحدود مع تركيا في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

بالإضافة إلى كونه مواطنًا أمريكيًا، فإن جون دو هو أيضًا مواطن سعودي؛ حيث تريد الحكومة الأمريكية إرساله هناك، وفقًا لتقارير إخبارية. يقول جون دو إنه كان في سوريا «لنقل أخبار» عن (داعش)، وليس لمساعدة المنظمة الإرهابية، وفقًا لوثائق المحكمة.

أشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي تدعي فيه الحكومة الأمريكية أنه يمكنها نقل الرجل إلى بلد لم تحدد هويته، فإن المشكلة تكمن في أن نظام العدالة الجنائية في السعودية لديه سجل مزعج في مجال حقوق الإنسان. وتصدر البلد بشكل روتيني أحكامًا على المجرمين المدانين بعقوبات الإعدام، والعديد من المدعى عليهم لا يكون لديهم حتى محامين.

وقد يفسر ذلك – بحسب التقرير – سبب حرص الحكومة الأمريكية على تجنب ذكر عبارة «السعودية» في العلن أو في أي وثائق قضائية. وأكدت تقارير إعلامية أن المعتقل كان مواطنًا أمريكيًا سعوديًا مزدوجًا، وأن واشنطن كانت تحاول إرساله إلى المملكة.

وقال اتحاد الحريات المدنية الأمريكي: إنه ينبغي على الحكومة الأمريكية إثبات أن الرجل ارتكب جريمة قبل أن تتمكن من تسليمه إلى السعودية. طلب جون دو أن يتحدث مع الأمريكيين عندما استسلم في العام الماضي، وسلمته قوات سوريا الديمقراطية إلى الجيش الأمريكي، الذي اقتاده إلى سجن عسكري في العراق. وهو لا يزال محتجزًا هناك حاليًا.

منذ البداية أصر محامو الحكومة على أن الرجل كان عضوًا في (داعش)، وبالتالي لم يعد يتمتع بنفس الحماية القانونية التي يتمتع بها المواطنون الأمريكيون. وقد وصفوه بأنه «مقاتل عدو»، وهو المصطلح القانوني الذي استخدمته إدارة بوش لتبرير تجنّب المحاكمات خلال السنوات الأولى من حرب 11 سبتمبر (أيلول) على الإرهاب.

يعني التوصيف أساسًا أن الشخص المعني يناضل من أجل جماعة مسلحة، ولكنه ليس جزءًا من جيش معترف به، وبالتالي فهو غير محمي بموجب القانون الدولي مثل اتفاقية جنيف.

بعد عدة تقارير بأن الجيش كان لديه مواطن أمريكي رهن الاحتجاز، تدخل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي في العام الماضي وبدأ معركة قضائية للدفع باتجاه تقديم الرجل إلى المحاكمة، وهو ما يحدث حتى الآن، لكن في يناير (كانون الثاني) قضى قاضٍ فيدرالي بأن على الجيش تقديم إشعار قبل 72 ساعة من نقل المحتجز إلى أي بلد آخر.

أصر البنتاجون على أنه لا يجب عليه إعطاء إشعار المحكمة بشأن النقل، وطلب إعفاء دولتين لم يذكر اسمهما من قاعدة الـ72 ساعة. رفض القاضي ذلك الطلب، وفي 17 أبريل (نيسان) قام محامو وزارة العدل بتقديم أوراق عمل قالوا فيها: إنهم خططوا لتسليم الرجل، مع ذكر اسم السعودية.

حالات سابقة
يذكر أن دو هو ثالث مواطن أمريكى يحتجزه الجيش الأمريكى منذ 11 سبتمبر، وفقًا لما ذكره فلاديك، خبير قانون الأمن القومى. نقلت الحكومة خوسيه باديلا إلى نظام القضاء المدني، وحُكم عليه في عام 2007 بالسجن لأكثر من 20 سنة؛ بسبب دعمه لتنظيم «القاعدة». ووافق مواطن أمريكي آخر يدعى ياسر حمدي على صفقة للانتقال إلى السعودية في عام 2004 بعد أن قضى ثلاث سنوات في الحبس العسكري بزعم القتال مع طالبان.

وإذا نجحت إدارة ترامب، فإن جون دو سيكون أول مواطن أمريكي في التاريخ الحديث يتم إرساله إلى الخارج بدون محاكمة، بحسب تقرير الموقع الأمريكي.

وأضاف فلاديك أن الحجة القانونية للإدارة يمكن أن تؤسس لـ«سابقة خطيرة»؛ لأن الحكومة يمكنها بسهولة أن تستخدم نفس المنطق مع أي مواطن أمريكي يعتقد أنه يدعم الإرهاب. ويعني ذلك أن الحكومة يمكن أن تعتمد على تسليم المجرمين كتكتيك مع المشتبه في أنهم إرهابيون، الذين يحملون جنسية مزدوجة لتجنب المحاكم المدنية.

وفي كلتا الحالتين، فإن القضية تقول الكثير عن الكيفية التي تريد بها الإدارة شن حربها ضد (داعش) والإرهاب على نطاق أوسع. إن مسؤولي ترامب مستعدون للقيام بكل ما يلزم للتخلص من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم إرهابيون، حتى على حساب تسهيل قيام الإدارات المستقبلية بعمل شيء لم يكن من الممكن التفكير فيه في يوم من الأيام.