كيف سينتقم ترامب لـ"دوما" من الأسد .. وما أهدافه المرتقبة؟

تماماً كما جرى العام الماضي عندما قصف نظام بشار الأسد مدينة خان شيخون (شمالي سوريا) يحشد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أركان إدارته وجيشه للرد على الهجوم الكيماوي الذي شنته قوات الأسد على مدينة دوما (شرقي دمشق).


فقد أكد في كلمة له الاثنين (9 أبريل) أنه سيتخذ قراراً خلال الساعات الـ24 إلى الـ48 القادمة حول طريقة الرد، وسط تساؤلات عن شكل الرد، عسكرياً كرد العام الماضي أم سياسياً كما فعل سلفه باراك أوباما عندما نفذ الأسد أكبر هجماته الكيماوية وأولاها على الغوطة في العام 2013.

لكن تصريحات ترامب تعكس التحضيرات لردٍ قوي بدا عندما قال للصحفيين: "نحن نتحدث عن الإنسانية ولا يمكن السماح بحدوث ذلك، لا يمكننا السماح بحدوث مثل هذه الفظائع".

كما رفض ترامب نفي روسيا ونظام الأسد باستخدام الكيماوي، وقال: "يقولون إنهم غير مسؤولين لكن بالنسبة لي لا يوجد شك في ذلك، إن الحكومة السورية لا تسمح بأي تفتيش مستقل لموقع الهجوم، وإذا كانوا أبرياء لماذا لا يسمحون للناس بالدخول وإثبات ذلك؟".

وشنت قوات النظام وداعموها، السبت الماضي، هجوماً بغازات كيميائية على دوما، ما أودى بحياة 78 مدنياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، وأصاب المئات، وفق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).

وكان تحقيق مشترك للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد خلص في عامي 2016 و2017 إلى أن قوات النظام استخدمت غازي الكلور والسارين مراراً منذ عام 2011.

 ليست وحدها
وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كانت واشنطن تخشى أن تقدم فرنسا وحدها على ضرب الأسد بشكل منفصل، بحسب مسؤول في إدارة ترامب تحدث للصحيفة قبل الاتصال الهاتف بين ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث اتفقا الأحد (8 أبريل 2018) أن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل نظام الأسد سيكون "خطاً أحمر"، وتعهدا بضرب مواقع أسلحة مرتبطة بمثل هذه الهجمات.

واللافت هنا أن البيت الأبيض أصدر بياناً قال فيه: إن "كلا الزعيمين أدان بشدة" الهجوم، واتفقا على أن حكومة بشار الأسد "يجب أن تخضع للمساءلة"، وتعهدا بـ"تنسيق استجابة قوية مشتركة".

وكان ماكرون قد قال صراحة في مايو 2017 خلال استقباله نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا "خط أحمر"، وسيكون هناك "ردٌ فوري" حتى لو اضطرت أن تقوم فرنسا بذلك وحدها.

كندة قنبر، الصحفية المختصة بالشأن الأمريكي، تقول إن الولايات المتحدة الأمريكية "لن تكون لوحدها هذه المرة في حال قررت الرد عسكرياً؛ لأنه تم الاعلان عن تنسيق فرنسي وأوروبي".

وأضافت: إن "نظام الأسد ما زال يمتلك سلاحاً كيماوياً وقادراً على استعماله، وهذا يعني أن الاتفاق الكيماوي الذي جرى في العام 2013 برعاية روسية، وتم الإعلان عن إنهاء ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية، لم تلتزم روسيا به ولا النظام. ومن هنا نرى أن الإدارة الأمريكية بعد التغييرات التي طرأت عليها، باتت تذكر بالاسم روسيا وبشكل علني، وتحملها المسؤولية كما صرح الوزير الدفاع جميس ماتيس والرئيس دونالد ترامب اليوم".

أبرز تغيير دخل على إدارة ترامب كان تعيين جون بولتون، المعادي لروسيا والأسد وإيران مستشاراً للأمن القومي، واللافت أن الاجتماع الذي تحدث عنه ترامب وسيقرر شكل الرد على الأسد هو الأول الذي يشارك فيه بولتون، وبدا خلف رئيس بلاده يراقب التصريحات.

وسبق أن حث بولتون بشدة إدارة الرئيس السابق أوباما على القيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد في العام 2013، وانتقده لاحقاً عندما لم يرد على هجوم الغوطة الكيماوي حينها، كما امتدح خطوة ترامب العام الماضي بضرب قاعدة الشعيرات والرد على الأسد انتقاماً لمجرزة خان شيخون، وقال إنها "الخطوة الصحيحة والمهمة". مضيفاً حينها: إن "من مصلحة أمريكا منع انتهاك القرارات الدولية التي تقيد استخدام أسلحة الدمار الشامل".

الأهداف المتوقعة
وسائل إعلام فرنسية تحدثت في وقت سابق من الاثنين عن تنسيق بين هيئة الأركان الأمريكية ونظيرتها الفرنسية لشن هجوم جوي كبير على مواقع استراتيجية قرب العاصمة دمشق.

وفي حال صدق هذا النبأ فإن مجموع البحوث العلمية في جمريا قرب دمشق، وكذلك القواعد العسكرية في جبل قاسيون المطل على العاصمة، والأكاديمية العسكرية في منطقة الهامة قرب دمشق ستكون عرضة للاستهداف، حيث تشير تقارير إلى أن الأسد يقوم بتطوير أسلحته الكيماوية هناك.

كما ستكون القواعد العسكرية؛ الناصرية والمزة والثغلة ومرج رحيل ومرج السلطان وجميعها قرب دمشق، في مرمى الأهداف الأمريكية الفرنسية، ولهذه القواعد تاريخ قاس ودام مع السوريين.

ومن المتوقع أن ينفذ الأسطول السادس في البحر الأبيض المتوسط ​الضربة الانتقامية كما فعل العام الماضي، عندما قامت مدمرتان تابعتان له بإطلاق 59 صاروخ توماهوك كروز على قاعدة الشعيرات.

وكان السيناتور الجمهوري مارك تورنبيري، قد طالب بشن ضربات صاروخية ضد الوحدات العسكرية المسؤولة عن الهجوم الكيميائي في بلدة دوما.

وقال تورنبيري، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز الأمريكية، الاثنين، إنه من الجيد القيام بهذه الضربات الصاروخية ضد الوحدات التي قامت بالهجوم، بمشاركة حلفاء الولايات المتحدة.

وشدد السيناتور الأمريكي على أهمية قيادة بلاده لحملة إدانة دولية مع الحلفاء ضد استعمال هذه الأسلحة الكيميائية.

وأضاف تورنبيري: أنه "لا يمكن للولايات المتحدة إصلاح سوريا، ولكن يجب أن نتأكد من أن داعش لا يضع قدمه هناك"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن أن نخرج فقط، ونترك الفراغ وراءنا".

ورغم هذه الضربة المتوقعة فإن هناك مخاوف من أن لا تجبر روسيا والأسد على الإذعان لمفاوضات الحل السياسي ووقف أعمال القتل والتهجير، خاصة أن الضربة الماضية على "الشعيرات" لم تردعهما.

وتقول كندة قنبر إن هذه الضربة "لن تكون حاسمة بمعنى إسقاط نظام الأسد بل ستكون موجعة كالضربة الأولى"، لافتة إلى أن "المسار السياسي لن يسحب من الطاولة تعقيدات المشهد في سوريا وخاصة دخول روسيا".

وأشارت إلى أن "واشنطن لديها القدرة إذا نوت التدخل الضغط على موسكو"، لكنها استبعدت أن تقدم إدارة ترامب على ذلك "لأن سياستها هناك واضحة" وهي "القضاء على داعش والخط الأحمر؛ أي الكيماوي".