نيويورك تايمز: الرياض ما زالت تعتقل أكبر ممول لسد النهضة الإثيوبي
سلَّطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على الثري الإثيوبي السعودي، محمد العمودي، الذي كان واحداً من بين معتقلي فندق "الريتز-كارلتون".
وأشارت الصحيفة إلى أن مصير الرجل ما زال مجهولاً حتى الآن، على الرغم من ادِّعاء السلطات السعودية الإفراج عنه مع المعتقلين كافة قبل شهرين تقريباً.
والعمودي، رجل أعمال ثري من أصول إثيوبية، حاصل على الجنسية السعودية، وتعدُّه مجلة "فوربس"، "أغنى رجل أسود"، بثروة تقدَّر بأكثر من تسعة مليارات دولار.
ويوظف العمودي أكثر من 70 ألف عامل في شركاته المنتشرة حول العالم، ويُعدُّ واحداً من أكبر ممولي سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل.
مكتب العمودي رد على استفسار الصحيفة الأمريكية عن مصيره، بالقول: إنه "كان في فندق الريتز-كارلتون، لكننا أخبرْنا بأنه نُقل إلى فندق آخر".
وأضافت: "لسوء الحظ، لا نعرف أين هو بالضبط، هو على اتصال مع عائلته بشكل منتظم، وتتم معاملته بشكل جيد، لكن مصيره مجهول".
وتعود أصول العمودي إلى أب يمني من حضرموت وأم إثيوبية، ولديه شركات كبيرة في العديد من دول العالم، تمتد من إثيوبيا إلى السويد ولندن، فضلاً عن السعودية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن العمودي انتقل إلى المملكة في سن المراهقة، دون أن يُعرف الكثير من التفاصيل الدقيقة عن كيفية تكوينه ثروة هائلة.
غير أنه تمكن من تكوين علاقات مؤثرة، وكان أهمها بالأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي شغل منصب وزير الدفاع وولي العهد قبل وفاته في عام 2011؛ إذ أدار أعمالاً تعتمد على أموال الأمير وموقعه، حسب قول زملائه.
ولفت تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن العمودي واجه اتهامات بعد ثلاث سنوات من هجمات 11 سبتمبر، برعاية الإرهاب الدولي؛ بسبب تمويله الجمعيات الخيرية الإسلامية المثيرة للجدل.
وأضافت أنه قد تبرع بملايين الدولارات لمؤسسة كلينتون، وعرضت طائرته الخاصة أن تحمل الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، إلى إثيوبيا في عام 2011، وأثار هذا العرض نقاشاً داخلياً داخل المؤسسة، وفق ما أظهرته رسائل البريد الإلكتروني المتسربة.
وأوضحت أن العمودي حظي بشعبية كبيرة في إثيوبيا، ويصوره حلفاؤه هناك بأنه رجل خيِّر وبطل للنمو الأفريقي، منوهة إلى أنه ساعد في بناء مستشفى بأديس أبابا، وموّل برامج علاج الإيدز.
لكنه دعم، منذ فترة طويلة، الجبهة الديمقراطية الشعبية الإثيوبية التي حكمت البلاد منذ أكثر من ربع قرن، الأمر الذي أغضب أنصار المعارضة.
وإذا كان العمودي لا ينتسب إلى الأسرة السعودية المالكة، إلا أنه نجح في نسج شبكة من العلاقات الإستثمارية التي مكنته من أن يكون أحد الشخصيات المهمة.
فقد نجح في إقناع العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، بمشروع "نجمة التنمية"، وهو مشروع زراعي كبير جداً ومترامي الأطراف في إثيوبيا، تقوم فكرته على زراعة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بالأرز لحساب السعودية.
وعلى الرغم من أن المشروع واجه عدة عقبات، فإن مصادر أشارت إلى أن هناك اهتماماً كبيراً بهذا المشروع من قِبل السلطة الحالية في السعودية.
ورفضت السلطات السعودية التعليق على التهم الموجَّهة لمعتقلي "الريتز-كارلتون"، مؤكدةً أن ذلك جزء من خصوصية القوانين السعودية.
وكان محمد بن سلمان قد دشن عهده كولي للعهد باعتقال المئات من كبار المستثمرين والأمراء والوزراء، في إطار ما قال إنها حرب على الفساد.
وبعد مضي عدة أشهر، تم الإفراج عن غالبية المعتقلين، ومن بينهم الثري السعودي المعروف، الوليد بن طلال، إلا أن بعضهم ما زال مجهول المصير، ومن بينهم العمودي.
ونجحت السلطات السعودية في الحصول على أكثر من 100 مليار دولار من أموال محتجَزي "الريتز-كارلتون".
وأشارت بعض التقارير إلى تعرُّض العديد منهم للتعذيب على يد قوات الأمن التي كانت تشرف على عملية احتجازهم، كما أن أحد كبار الجنرالات ممن كان محتجَزاً، تُوفي بسبب التعذيب.