"ما خفي أعظم" يكشف المستور حول محاولة انقلاب 1996 في قطر
في مفاجأة من العيار الثقيل، كشفت قناة "الجزيرة" الإخبارية موعد الحلقة المقبلة من برنامجها الاستقصائي "ما خفي أعظم"، الذي يتحدث عن دور السعودية والإمارات والبحرين في التخطيط والإعداد لانقلاب محكم في قطر عام 1996.
ونشرت صفحة برنامج "ما خفي أعظم" على "فيسبوك" فيديوهات ترويجية مشوقة للتحقيق المنتظر بثه يوم الأحد المقبل (4 مارس 2018)، وتظهر فيها شخصية فهد عبد الله جاسم -أحد المحكوم عليهم بالإعدام- وهو يتحدث مع الصحفي الاستقصائي تامر المسحال.
وتظهر في الفيديو لقطات من داخل قطر، ومنفذ بوسمرة الحدودي مع السعودية، ومشاهد تصويرية عن المخطط الانقلابي.
- محتوى مبهم لكن واضح!
والحلقة التي لم يتم الإشارة إلى محتواها بشكل صريح، تظهر تلميحاتها الصوتية والمشاهد والمقابلات التي تعرضها لأول مرة أنها تحمل في طياتها فضائح كبيرة لدول الحصار، خصوصاً السعودية.
وتكشف هذه الحلقة (من مجموعة حلقتين) الأخطر في مسلسل دعم السعودية الخفي لتغيير نظام الحكم في قطر منذ عام 1996، خلال محاولة انقلابية انتهت بالفشل، بينما كشف المتورطون عن الوسائل التي عملت السعودية بها، والتخطيط المحكم لقلب نظام الحكم بالدوحة.
- عفو وتكرار
ورغم كشف قطر للخطة، واعتراف جميع المشاركين بدور الرياض، أصدرت قطر، في مايو عام 2010، عفواً بحق بعض المحكوم عليهم من المدانين السعوديين في المحاولة الانقلابية؛ استجابة لطلب عاهل السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
ومع كل هذا عزمت "المملكة الجديدة" بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان، بدعم من إمارة أبوظبي بقيادة محمد بن زايد، وحكومة المنامة، على إعادة سيناريو محاولة الانقلاب على النظام في قطر، لكن هذه المرة بشن حملة عسكرية تنهي حكم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقد كشفها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بعد اندلاع الأزمة الخليجية 5 يونيو الماضي.
وعلى الرغم من الكم الهائل من "الفتاوى السياسية" التي يطلقها علماء السعودية بعدم جواز الخروج على الحاكم، وتحريم ذلك قطعياً، لا تزال مخططات الرياض وأبوظبي والمنامة مستمرة ، لا في زعزعة الأمن والاستقرار بقطر فحسب، بل وفي قيادة الثورة المضادة لما يعرف بـ"الربيع العربي"، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، منها اليمن وليبيا وتونس ولبنان وسوريا ومصر والسودان، ومحاولات المساس بسيادتها وفرض الوصاية عليها.
- استئناف بحريني وحالة جدل!
ما إن أعلنت "قناة الجزيرة" عزمها عرض الفيلم الوثائقي عن خفايا المحاولة الانقلابية الفاشلة بقطر عام 1996، حتى استأنف وزير الإعلام البحريني مهمته في تشويه دولة قطر واتهام القناة بالتحريض، والسعي للتشكيك في مصداقيتها.
رئيس تحرير جريدة العرب القطرية، عبد الله العذبة، أنهى حالة الجدل الدائر بين النشطاء عن موضوع الحلقة منذ إعلانها، قائلاً في تغريدة له عبر "تويتر": إن قناة "الجزيرة" قررت إزاحة الستار أخيراً، والكشف عن تفاصيل محاولة دول الحصار الفاشلة قلب نظام الحكم في قطر ضد الشيخ حمد بن خليفة عام 1996.
وأضاف أن هذه الحلقة ستكون ضربة جديدة لدول الحصار، وقال: "نفس دول الحصار حاولت غزونا، ولكن هذه المرة بقيادة إمارة أبوظبي المارقة في 2017، ويزعمون كذباً: صبرنا عليكم 20 سنة، المهم.. كونوا على الانتظار يا إخوان".
وعلق الإعلامي القطري، جابر الحرمي، على إعلان التحقيق الاستقصائي، في صفحته بموقع "تويتر" قائلاً: "قريباً.. على قناة الجزيرة خفايا المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها قطر بتخطيط ودعم من السعودية والإمارات والبحرين في 1996".
وأضاف الحرمي: "آن الأوان أن تعرف الشعوب الخليجية من يتآمر على من؟ ومن يدبر الانقلابات..؟ ومن يزهق روح الأسرة الخليجية..؟".
وكان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، قد أكد في تصريحات سابقة له أن ما يحدث اليوم تجاه قطر هو تكرار لسيناريوهات سابقة، وحلقة أخرى في مسلسل المؤامرات ضد بلاده من قبل السعودية والإمارات، مضيفاً أنه استكمال لسلسلة المؤامرات التي تحاك ضد دولة قطر منذ بداية هذه الأزمة، وتكرار للتاريخ الذي يعيد نفسه منذ 1996.
وسبق أن اتهم وزير الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية، في حوار مع قناة "Sky News" البريطانية، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بالسعي إلى تغيير النظام في الدوحة، مشيراً إلى استعداد القطريين للدفاع عن بلادهم.
وقال: "لقد كانت هناك محاولة انقلاب كبيرة في 1996، وكذلك عام 2014 كانت هناك محاولة انقلاب ناعمة، وهو ما يحصل أيضاً اليوم".
- شهود عيان وخطة الانقلاب
وفي المقطع المتداول، يتحدث أحد شهود العيان عن أن المحاولة الانقلابية التي شهدتها الدوحة في يونيو 2017 ليست الأولى لكنها الثالثة بعد محاولتَي 1996 و2014.
ويقول شاهد العيان إنه جرى التحضير للمحاولة الأولى مع تولي الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مقاليد الحكم، وتبنيه نهجاً لبناء دولة قطر يحفظ لها سيادتها وانفتاحها على العالم الخارجي، وينمي اقتصادها بنهج مغاير لما عهدته دول الخليج، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق" القطرية عن التحقيق يوم الأربعاء (28 فبراير 2018).
ويضيف شاهد العيان، في مقطع الفيديو، أن استهداف قطر من قبل السعودية ومصر والإمارات هو بسبب المكانة التي حققتها دولة قطر في مدة وجيزة، مضيفاً أن الترتيب للمحاولة الأولى كان عن طريق اختراق أمني لبعض ضباط الجيش، بعضهم غير قطريين، وأحدهم كان سعودياً، وجرى التوافق بينهم على إعلان الانقلاب في لحظة معينة في آن واحد.
وقال: "كانت هناك مجموعة من المسارات الداعمة لانقلاب 96، أهمها أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك سيرسل طائرتين تحملان قوات صاعقة تقومان بعملية إنزال على الأراضي القطرية بصورة مباغتة لتؤمن بؤرة الانقلاب، على أن يقوم الجيش السعودي- مدعوماً بميليشيا- باكتساح الحدود القطرية حتى يؤمن كل الأماكن الحيوية في قطر".
أما الثانية، فهي تتمثل في تحريض زعيم إحدى القبائل اليمنية في مأرب للقيام بالانقلاب ضد قطر، وجرى تجييش السلفيين الممولين من السعودية بأن قطر ستدخل اليهود إلى المنطقة، وأنه لا بد من التصدي لهم بالمشاركة في الانقلاب.
وجرى نقل عناصر يمنية في سيارات كروز محملة بالأسلحة، وانطلقت المجموعات اليمنية من مأرب إلى الربع الخالي، ثم التحقت بالخطوط السريعة وصولاً إلى الحدود السعودية القطرية، حيث رابطت هذه المجموعات أسبوعاً على الحدود في خيام مجهزة بكل سبل المعيشة، إلى أن تم إخبارهم بأن مهمتهم انتهت بعد فشل الانقلاب.
وفي تلك المهمة، تكون مهمة الجيش الإماراتي المحمول على السفن في البحر احتياطية، بحيث يتدخل لإسناد القوات السعودية في حال الحاجة إليه، بحسب الصحيفة القطرية.
- كشف الحقيقة والحسم القطري
وحول فشل الانقلاب قال أحد شهود العيان إن هناك روايتين؛ الأولى أن الاستخبارات القطرية كانت قد اخترقت الخلية الانقلابية الأولى وتابعت تطور الانقلاب أولاً بأول حتى أفشلته.
أما الرواية الثانية فتقول إن دول الخليج لا يمكنها التصرف في أمور مصيرية مثل الانقلاب على نظام دولة ما دون العودة إلى واشنطن، حيث تم إخبار الإدارة الأمريكية التي كانت في عهدة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، لكنه رفض الانقلاب وأبلغ قطر التي تصدت للمحاولة وألقت القبض على المتورطين فيها وجرت فيما بعد محاكمتهم.
وعكست المحاكمات التي شهدتها قطر حرص الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على العدالة في محاكمة المتورطين، إذ شهدت القضية دخول وزير في السلطة (الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني) كشاهد إثبات في القضية لأول مرة في تاريخ القضاء القطري.
وفي وقت سابق، كشف الشيخ حمد بن جاسم، في حديث مع برنامج الحقيقة على تلفزيون قطر، أن المحاولة الانقلابية الفاشلة كان واضحاً أنه أريد بها تغيير النظام الذي ارتآه الشعب القطري وارتضاه أهل الحل والعقد والأسرة، في ذلك الوقت، بتولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير الوالد، مقاليد الحكم في البلاد.
ورغم تكشف ملفات المحاولة الانقلابية لعام 1996، فما أخُفي من ملفات هذه المحاولة كشفه بوضوح حصار قطر في 5 يونيو 2017، الذي جرى التمهيد له بمحاولة تحريض القبائل واستمالتها بالمال والوعود بالمناصب المرتقبة، عبر لقاءات مُعدَّة مسبقاً، فضلاً عن مراهنة دول الحصار على تمزيق وحدة المجتمع القطري، إلا أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في تحقيق أي اختراق، رغم الخطط البديلة التي كشفتها الكويت لاحقاً.