"المرتزقة الروس" .. وجه موسكو الحقيقي في سوريا

"المرتزقة الروس" ..  وجه موسكو الحقيقي في سوريا
"المرتزقة الروس" .. وجه موسكو الحقيقي في سوريا

كشف مقتل عدد من العشرات من الجنود الروس في غارات أمريكية على دير الزور (شرق سوريا)، دوراً جديداً تقوم به الحكومة الروسية في سوريا من خلال تجنيد مرتزقة لدعم نظام بشار الأسد.


وكانت شبكة "بلومبيرغ" الإخبارية الأمريكية كشفت، الثلاثاء 13 فبراير 2018، أن الغارات التي شنّتها الطائرات الأمريكية، قبل هذا التاريخ بالأسبوع، قتلت نحو 200 جندي، معظمهم من الروس الذين يقاتلون إلى جانب القوات النظامية السورية، في أعقاب هجوم فاشل على قاعدة للقوات الأمريكية والقوات الكردية بمنطقة دير الزور الغنية بالنفط.

ومثلت هذه الغارة أول مواجهة عسكرية بين واشنطن وموسكو منذ الحرب الباردة، وأظهرت الأخيرة التلكؤ الواضح في الإعلان عن خسائرها حتى أكدت الجمعة 16 فبراير أن من قتل في الغارات هم 5 فقط، مؤكدة أنهم لا ينتمون إلى "الجيش الروسي".

- من هم؟
ووفق بحث أجراه "الخليج أونلاين" وجد أن المرتزقة ينتمون لـ "القوزاق الأرثوذكس الروس" ذهبوا إلى سوريا للدفاع عن ما يسمونها "روسيا الأم من البرابرة المجانين"، وذلك على غرار إيران التي جندت هي الأخرى مرتزقة من أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان للدفاع عن ما يسمونه "المراقد المقدسة" في سوريا!.

لكن وسائل إعلام روسية أشارت إلى حصيلة أكبر تفوق 200 قتيل بحسب موقع "زناك" المحلي استناداً إلى مصادر داخل الأوساط شبه العسكرية الروسية.

وليس للمرتزقة التي أطلق عليها اسم "فاغنر" أي وجود قانوني، كما أن الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا، لكن تقارير تقول إن عدد عناصر مجموعة "فاغنر" وصل إلى 1500 في مرحلة من المراحل.

لكن تمت الإشارة مراراً لوجود عناصر مقاتلة تسمى "متعاقدين" في سوريا ضمن القوات الروسية، ظهروا في خريف 2015، أي الفترة التي بدأت فيها روسيا شن غارات دعماً لنظام الأسد.

وبحسب وكالة "رويترز" تأسست الشركة على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين، صديق الرئيس فلاديمير بوتين، ويخضع لعقوبات أمريكية لدور الشركة في تجنيد الجنود الروس السابقين للقتال في شرق أوكرانيا، وقد شوهد أوتكين خلال مأدبة عشاء أقامها بوتين لقدماء الجنود الروس.

ورغم النفي الرسمي لوجود علاقة للمرتزقة بالجيش الروسي إلا أن الوقائع تؤكد أنهم يعملون بالتنسيق الكامل مع القوات الروسية ويتلقون نفس امتيازات عناصر الجيش الروسي، ويتم نقلهم إلى سوريا بواسطة طائرات عسكرية روسية تهبط في القواعد الروسية هناك ويتلقون العلاج في المستشفيات العسكرية الروسية أسوة بالجنود الروس.

وكانت "بلومبيرغ" كشفت في تقريرها أن نحو 200 من المرتزقة الذين استهدفتهم واشنطن في غارتها، يعالجون في مستشفيات عسكرية في موسكو ومدينة سانت بطرسبرغ.

ونشر موقع محطة ABC التلفزيونية الأمريكية أواخر العام الماضي، تقريراً مفصلاً تحت عنوان "جيش فلاديمير بوتين السري: آلاف من المقاولين الروس يقاتلون في سوريا" جاء فيه أن مجموعة "فاغنر" قد نشرت في سوريا 3 آلاف مقاتل منذ 2015.

وتحدث التقرير عن دوافع روسيا من إرسال هؤلاء المقاتلين، وأولها أن بوتين الذي يتوقع أن يفوز في الانتخابات الرئاسية قريباً يمكنه القول أن انتصار روسيا في سوريا جاء دون خسائر تذكر في صفوف الجنود الروس، إذ أن المرتزقة يموتون دون ضجيج وليسوا على قيود وزارة الدفاع الروسية.

والسبب الآخر - وفق التقرير - أن المقاولون الروس يتولون حماية المنشآت النفطية والغازية التي يتم استردادها من الجماعات المسلحة بموجب عقد بين النظام السوري وشركة "ايفرو بوليس" الروسية، حيث ستحصل الشركة على نسبة الربع من عائدات الحقول التي تم استردادها من "داعش" ولمدة خمس سنوات، لكنها باتت اليوم تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن، وهذا ما يفسر سبب محاولة المرتزقة الروس وقوات الأسد مهاجمة مواقعها في الأسبوع الأول من فبراير 2018.

- يتم نسيانهم
ووفق شهادات جمعتها صحيفة "الغارديان" البريطانية من عائلات وأقارب أشخاص قتلوا في الغارة تشير إلى أنهم إما خدموا سابقاً في الجيش أو هم مواطنيين عاديين وبعدهم لم يسبق أن خدم في الجيش أو المخابرات.

وتقول الصحيفة إن صاحب محل البقالة إيغور كوستوروف (45 عاماً) لم يخدم في الجيش الروسي، وقتل في الغارة الأمريكية، انضم إلى "فاغنر" بحثاً عن فرصة عمل وراتب جيد.

وتنقل الصحيفة عن نادجدا كوستورفو، زوجة إيغور السابقة، قولها إنه "كان قناصاً سابقا في الجيش، وذهب إلى سوريا لأنه وطني، واعتقد أنه لو لم نوقف داعش في سوريا فإنها ستأتي إلى روسيا" موضحة أنه قال لها إنه "لو لم يذهب فإن السلطات سترسل شباباً صغاراً لا يمتلكون خبرة".

ويكشف التقرير عن أن زوجته علمت بخبر وفاته من خلال قنوات غير رسمية، وقالت: "أجمع معلومات عنه من مصادر مختلفة، وأحاول معرفة مكان جثث القتلى"، لافتة إلى أنها عندما سئلت عن سبب عدم اتصال السلطات بها، فإنها تنهدت قائلة: "هذه لعبة سياسية لا أفهمها".

كما تنقل الصحيفة عن يالينا ماتفيفا، أرملة المرتزق ستانيلاف ماتفيف قولها: "لقد رموهم إلى المعركة مثل الخنازير، في كل مكان أرسلوهم إليه كانوا دون حماية".

وينتمي "المرتزق ستانيلاف" إلى بلدة "أسبست"، التي تبعد عن موسكو 1600 كم، ويقدر عدد سكانها بـ 70 ألف نسمة، وفيها أكبر منجم مفتوح في العالم لـ "المرتزقة والقتلة"، إذ لا يتجاوز راتب الموظف فيها 25 ألف روبل (أي ما يعادل 400 دولار)، ويعاني سكانها من مشكلات صحية، في المقابل فإن الراتب الشهري في شركة "فاغنر" يتراوح ما بين 90 ألف روبل (1300 دولار).

ولوحظ في خبر مقتل المرتزقة تردد الكرملين في الاعتراف بذلك، علاوة على غياب النعي الرسمي والجنازة العسكرية والتكريمات، وهما أثار حنق نادجيدا زوجة "المرتزق إيغور" التي قالت: "البعض يحصل على الميداليات، فيما يدفن آخرون بهدوء ويتم نسيانهم".