معبر رفح .. كابوس يبدد أحلام 20 ألف معتمر للعام الرابع
إغلاق معبر رفح البري، يقف سداً منيعاً أمام أحلام وآمال آلاف من معتمري غزة لرؤية الحرمين الشريفين والطواف حول الكعبة كباقي مسلمي العالم.
معتمرو غزة حرموا في السنوات الثلاث الماضية من أداء العمرة بسبب إغلاق منفذهم الوحيد نحو العالم الخارجي، ويبدو أن العام الرابع سيضاف لأوجاعهم خلال أسابيع قليلة، في حال واصلت مصر إغلاق المعبر في وجه أحلامهم، وسط خسائر مالية فادحة تتكبدها مكاتب السفر والعمرة بالقطاع.
"لماذا نُمنع من السفر؟ ما الخطر الذي نشكله على مصر وأمنها؟ وإلى متى سنبقى رهينة للحجج الأمنية؟ أسئلة دائماً ما تسمعها تصدح من المعتمرين داخل مكاتب السفر بغزة، بعد إبلاغهم بأنهم لن يستطيعوا السفر وزيارة مكة بسبب رفض مصر فتح معبر رفح.
شكاوى المعتمرين من مصر ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، واعتبروا أن الحجج التي تقدمها القاهرة لإغلاق معبر رفح "غير مقنعة"، لكونهم لا يشكلون أي خطر على مصر وطريق سفرهم من معبر رفح إلى العريش ومن ثم لمكة، لا يشكل خطراً، ويخضع بالكامل لسيطرة الجيش المصري.
ويبلغ عدد المواطنين المسجلين للسفر لأداء مناسك العمرة أكثر من 20 ألف معتمر، ولم يتمكنوا من أداء مناسك العمرة الأعوام الثلاثة الماضية بسبب إغلاق معبر رفح.
- لماذا يُغلق المعبر؟
وبعيداً عن شكاوى وتذمر معتمري غزة، التي استمرت طوال الـ48 شهراً الماضية ولم تجد أي آذان مصغية لمناشداتهم من المسؤولين المصريين، حاول مراسل "الخليج أونلاين" البحث مع المسؤولين والمختصين في الأسباب الرئيسية التي تقف خلف إغلاق معبر رفح ومنع المعتمرين من السفر، خاصة أن معتمري الضفة الغربية يسافرون دون أي عقبات فلسطينية أو أردنية أو حتى إسرائيلية.
وتحدثوا أن هذا الملف تقف خلفه ثلاثة محاور رئيسية تتحكم به بشكل مباشر، ولعل أبرزها الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من اثني عشر عاماً، ومحاولة الضغط على سكانه للقبول بالحلول السياسية والاقتصادية التي تمس المقاومة وسلاحها.
ويتمثل المحور الثاني، بحسب المسؤولين، في الدور "السلبي" الذي تمارسه السلطة الفلسطينية بهذا الملف، وعدم سعيها من خلال مسؤوليها أو سفارتها في القاهرة، للتحرك لضمان فتح المعبر للحالات الإنسانية، وفتح معبر رفح ولو بشكل استثنائي للمعتمرين والحجاج في قطاع غزة، وعدم حرمانهم من حقهم الديني، وهناك تقصير واضح من قبل السلطة بهذا الملف.
"الحجة الأمنية" التي دائماً ما تستخدمها مصر بالأوضاع المتدهورة في شبه جزيرة سيناء، وحالة الطوارئ المعلنة هناك منذ سنوات، كانت المحور الثالث الذي يقف خلفه استمرار إغلاق معبر رفح، وخاصة موسمي العمرة والحج، فأكد المسؤولون أن هذه الحجة باتت "قديمة" وغير مقنعة للفلسطينيين، خاصة أن سفرهم يمر عبر طريق محمي تماماً من قبل الجيش المصري، وبعيداً عن التوترات الأمنية بسيناء.
- ويلات جديدة
معاناة أهل غزة لم تتوقف فصولها فقط عند إغلاق معبر رفح، أمام المعتمرين والحجاج وحتى الطلاب والحالات المرضية والإنسانية الذي أذاقتهم من مرارته الكثير من المر والحرمان، بل انتقلت لتشكل عبئاً اقتصادياً آخر يهدد بإغلاق كل مكاتب السفر في القطاع؛ "لأنها لا فائدة منها" في ظل إغلاق المعبر.
وهنا يقول عوض أبو مذكور، رئيس جمعية أصحاب شركات الحج والعمرة في قطاع غزة: إن "77 مكتب سفريات وشركة للسفر في القطاع أصبحت لا فائدة لها في ظل الإغلاق المتواصل لمعبر رفح البري في وجه سكان غزة".
ويضيف أبو مذكور : "إغلاق معبر رفح، وخاصة في موسمي الحج والعمرة، أصاب مكاتب السفريات بالقطاع بخسائر مالية كبيرة للغاية، تجاوز الـ20 مليون دولار، وباتت تهدد بإغلاق تلك المكاتب وتشريد موظفيها بأي لحظة".
ويشر إلى أنه "حتى هذه اللحظة كل المؤشرات تدل على أن موسم العمرة للعام الرابع على التوالي لمعتمري غزة قد فشل تماماً، حتى إن باب التسجيل مغلق، وهذا الأمر في غاية الخطورة، وتسبب بحالة إحباط لكل المعتمرين المسجلين سابقاً، ويكبد مكاتب السفريات خسائر مالية ثقيلة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي للقطاع بفعل الحصار وإغلاق المعبر البري".
واكتفى وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني، يوسف ادعيس، بالتعليق على الأزمة بأنهم "يتواصلون مع الجانب المصري بشكل مستمر لضمان نجاح موسم العمرة لسكان غزة، لكن حتى اللحظة لا توجد معلومات رسمية بفتح المعبر من إغلاقه أمام المعتمرين".
وكانت جمعية أصحاب شركات الحج والعمرة، ناشدت في السابق، الرئيسين محمود عباس وعبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي، للتدخل الفوري والعاجل لتمكين أبناء القطاع من أداء مناسك العمرة، وكذلك بعد رفض مقترح قُدم لتسيير رحلات العمرة عبر معبر بيت حانون/إيرز، كبديل عن معبر رفح البري المغلق.
وللعام الرابع على التوالي يُفشل رفض السلطات المصرية فتح معبر رفح موسمَ العمرة لقطاع غزة بدواع أمنية أو سياسية، وذلك رغم التطمينات التي دائماً ما يطلقها مسؤولون في السلطة الفلسطينية والجانب المصري بفتح المعبر وسفرهم، لكن كان الفشل والحرمان العنوان الأبرز طوال السنوات الماضية.
وبشكل مفاجئ ودون تنسيق مع الجانب الفلسطيني، أعلنت السلطات المصرية، الأربعاء، فتح معبر رفح ثلاثة أيام للحالات الإنسانية، فيما تتواصل شكاوى المسافرين من المعاملة المهينة على الجانب المصري، إضافة لإرجاع المئات من المسافرين لغزة دون أي أسباب.
ويعتبر معبر رفح الواصل بين غزة ومصر، المنفذ الوحيد لسكان القطاع نحو العالم الخارجي، وتغلقه السلطات المصرية بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وذلك منذ أحداث 3 يوليو من العام 2013.