قفزات شهرية في الاحتياطي النقدي .. فماذا عن أحدث بيانات للدين الخارجي؟
بات الإعلان عن حجم الدين الخارجى من أكبر الأسرار الاقتصادية التى تعكف الدولة على إخفائها، رغم تزامن ذلك مع الإعلان بشكل شهرى عن مؤشر الاحتياطى النقدى، المرتبط بشكل أساسى فى الحالة المصرية بمؤشر الديون الخارجية.
وبالأمس أعلن البنك المركزى عن زيادة رصيد الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية إلى 38.2 مليار دولار فى شهر يناير، مقابل 37 مليارا ديسمبر الماضى، فى الوقت الذى اكتفى فيه كل من محافظ البنك المركزى طارق عامر، ووزير المالية عمرو الجارحى، بإعلان حجم الدين الخارجى حتى نهاية يونيو الماضى، والذى بلغ نحو 79 مليار دولار، وهو ما يعنى إن الإعلان عن مؤشر الدين الخارجى متأخر لمدة 6 أشهر عن الإعلان عن مؤشر الاحتياطى النقدى.
مكونات الاحتياطي
ويتشكل الاحتياطى النقدى من القروض والودائع الأجنبية، وهو الجزء الذى يخلف ديونا متراكمة، فضلا عن عوائد وأرباح السياحة، وقناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، وجميع تلك الموارد منخفضة ومتأثرة فى الوقت الحالى بسبب الوضع الاقتصادى الحرج لجميع الأنشطة والقطاعات، وهو ما يعنى أن معظم الزيادات التى تعلنها الحكومة شهريا تتأتى نتيجة الديون الخارجية.
وقبل فترة التعتيم، التى طالت حجم الدين الخارجى كانت العادة أن يتم الإعلان عن قيمته كل ربع سنة أى بنهاية مارس وبنهاية يونيو ونهاية سبتمبر ونهاية ديسمبر من كل عام، وبحسب آخر بيانات للبنك المركزي فإن حجم الدين الخارجي لمصر وصل إلى 79 مليار دولار في نهاية يونيو 2017، مقابل نحو 73.9 مليار دولار في نهاية مارس 2017، بزيادة أكثر من 5 مليارات دولار.
ورغم ارتباط مؤشر الدين الخارجى بمؤشر الاحتياطى النقدى، فإن الحكومة والبنك المركزى يصران منذ يونيو الماضى على الإفصاح عن أحد المؤشرين وهو مؤشر الاحتياطى النقدى، دون الإفصاح عن المؤشر الآخر وهو مؤشر الديون الخارجية.
وفى رده على أسئلة للصحفيين بعد الإعلان عن قفزة الاحتياطى أمس، اكتفى محافظ البنك المركزى طارق عامر، بالتصريح بأن القفزة الكبيرة لاحتياطى النقد الأجنبى بنحو 1.2 مليار دولار خلال شهر يناير الماضى، إلى تلقى الجهاز المصرفى سيولة دولارية بقيمة 5.6 مليار دولار خلال نفس الشهر بزيادة 1.5 مليار عن ديسمبر السابق، مشيرا إلى أن تراجع قيمة قسط نادى باريس الذى يسدده المركزى دوريا كل نصف عام فى شهرى يناير ويوليو إلى مستوى 350 مليون دولار بدلا من 700 مليون دولار.
100 مليار دولار حجم الدين الخارجى بحسب "فيتش"
وقدرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، منتصف الشهر الماضى، حجم الدين الخارجي لمصر بنحو 100 مليار دولار في نهاية 2017.
ووفقا لتقديرات "فيتش"، فإن حجم الدين ارتفع بشكل حاد في نهاية العام الماضي ليصل إلى 44% من الناتج المحلي الإجمالي، بعدما سجل 23% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2016.
الحكومة تحجب أرقام الدين عن نواب الشعب
قال أشرف العربى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن الإعلان عن قفزات الاحتياطى النقدى يعد مؤشرا إيجابيا على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى تعكف الحكومة على تنفيذه منذ عام 2016/2017، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذى يدفع الحكومة إلى إعلان المؤشرات الإيجابية بهدف نشر الأجواء المناسبة لزخم هذا الحدث الكبير.
وبرصد تطورات صعود الاحتياطى النقدى بدءا من يوليو الماضى، نجد أن قيمة الاحتياطى بلغت 36 مليار دولار فى يوليو الماضى، وارتفعت إلى 36.1 مليار دولار فى أغسطس، ثم إلى 36.5 مليار دولار فى سبتمبر، و36.7 مليار دولار فى نوفمبر، ثم إلى 37 مليار دولار فى ديسمبر وأخيرا إلى 38.2 مليار دولار فى يناير.
وقال طلعت خليل، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن عدم الإفصاح عن قيمة الديون الخارجية بهذا الشكل أمر لم يعد مقبولا، لاسيما مع طلب عدد من النواب تفاصيل الديون عدة مرات، فلم يقتصر عدم الإفصاح على الرأى العام فقط، بل تعداه إلى نواب الشعب أنفسهم مما يغل يد المجلس فى القيام بدورة كجهة رقابية.
محطات الاحتياطى .. ومحطات الدين
وبدأت قفزات الاحتياطى النقدى، تزامنا مع تنفيذ أولى خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، ليرتفع فى ديسمبر 2016 إلى 23 مليار دولار، مقارنة بنحو 19.5 مليار دولار فى سبتمبر من نفس العام، مع الأخذ فى الاعتبار أن شهر نوفمبر من نفس العام شهد البداية الحقيقة للبرنامج الاقتصادى بتحرير سعر صرف الجنيه.
أما حجم الدين الخارجى، فقد قفز فى نهاية ديسمبر من عام 2016 نحو 67.3 مليار دولار، مقارنة بنحو 47.7 مليار دولار فى نهاية يونيو من عام 2016، قبل أن يقفز إلى 79 مليار دولار فى نهاية يونيو 2017، متأثرا بحجم القروض الخارجية التى دخلت خلال تلك الفترة، لاسيما شرائح قرض صندوق النقد وشرائح قرض البنك الدولى فضلا عن طرح شريحتين من السندات الدولارية فى الأسواق الدولية بقيمة 7 مليارات دولار.