هل تصدر الحكومات بيتكوين خاصة بها؟
خاص سياسي - جهاد السقا
أثارت العملة الإلكترونية "البيتكوين" الكثير من الجدل مؤخرًا وكثر الحديث عن ضرورة اشتراك الدول في تجارة العملات الإلكترونية مثلها مثل الأفراد.. ولكن هل ذلك ممكن؟ وما مخاطر ذلك وما الفوائد التي قد تجنيها الدول من تلك العملات؟
بغض النظر عن الأقاويل التي تدار حاليًا فإن نهاية المال النقدي قد اقتربت لا محالة، وعلى الحكومات والبنوك المركزية الاستعداد لهذا المستقبل، ولكن هل هذا يعني ضرورة إقرار تلك العملات الإلكترونية والتعامل بها من قبل المؤسسات الحكومية؟ بالطبع لا، فعلى الرغم من المميزات التي تتصف بها تلك العملات إلا أنها لن تحمل الكثير من الفوائد.
فتتميز البيتكوين بميزتين رئيسيتين هما إمكانية تداولها من طرف لآخر بدون الحاجة إلى وسيط، وإمكانية الإبقاء على هوية المتداول غير معروفة.
وكلتا الميزتين موجودتان بالفعل في المال النقدي، ولكن بينما المال النقدي يخضع لتصرف الحكومات والقيمة التي يمنحها البنك المركزي للعملات المختلفة إلا أن البيتكوين لا يخضع لأي جهة؛ لذا فهذا عيب كبير لعدم وجود جهة معينة تحافظ على عدم انهياره وقد يخسر قيمته تمامًا.
وقد يقال إن الحكومات ستصدر العملة الإلكترونية الخاصة بها وستشرعها وتحافظ على قيمتها.. والسؤال هنا ما الذي قد يجعل الحكومات تقوم بذلك؟ فإخفاء هوية المتداول هو عيب كبير لتلك العملة لأنها بذلك تخفي العديد من الجرائم والتستر الضريبي؛ لذا فمن المؤكد أن العملات الإلكترونية التي ستصدرها البنوك المركزية لن يكون لها تلك الخاصية من أجل الحفاظ على قدرة الحكومات على الرقابة على المعاملات المالية المختلفة.
كما أن التداول بدون وسيط يحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة وتكنولوجيا الحاسب التي لا يمكن للحكومات الحصول عليها؛ لذا فإن العملة الإلكترونية التي ستطبقها الدول لن تشبه البيتكوين كثيرًا.
وهنا يجب طرح سؤال.. هل ستكون لتلك العملة فائدة رغم ذلك؟ عامة لا يمكن الإجابة حاليًا على هذا السؤال بشكل محدد لأن إصدار عملة إلكترونية سيؤدي إلى إعادة هيكلة النظام المصرفي والقوانين المتعلقة به بالكامل؛ لذا فالعالم بحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث في هذا الشأن قبل التسرع في إقرار عملات إلكترونية قد تسبب خللا في النظام المالي الحالي، وإذا حدث أن أصدرت الحكومات عملات إلكترونية فإنها ستختلف تماما عن البيتكوين التي يتم تداولها حالياً.
وعامة فقد بدأت العملات الإلكترونية في الانتشار بالفعل حتى إن بعضًا من الدول المتقدمة مثل السويد أصبحت المتاجر بها لا تقبل المال النقدي، والدول النامية أصبحت تطبق نظام تحويل الأموال عن طريق الهاتف بشكل كبير ولكن تلك ليست عملات إلكترونية بل نظام مختلف لتحويل النقود ليس إلا.