بنوك قطرية تقترب من تصفية أعمالها في دول الحصار
تعكف مجموعة من البنوك القطرية على إنهاء بيع وتصفية عدد من استثماراتها الموجودة في دول الحصار، خلال الربع الأول من العام الجاري.
وتشمل هذه الاستثمارات مساهمات في بنوك تم الاستحواذ عليها، وشركات تساهم البنوك القطرية بنسب مختلفة من رأس مالها.
ونقلت صحيفة "العرب" القطرية، الأربعاء، عن مصادر مصرفية أن القرار "يأتي في ضوء الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر)، ضد الاستثمارات القطرية الموجودة بها، والتضييق على وجودها في السوق".
ويبحث البنك التجاري القطري، حالياً عرضاً لشراء حصته في البنك العربي المتحد، الذي يضم 14 فرعاً موزعة في كل أنحاء دولة الإمارات، والتي تبلغ 40% من رأس المال، بعد أن تم مد المهلة الممنوحة لعملية الشراء حتى نهاية يناير الجاري، بحسب المصادر.
وتوقعت تقارير اقتصادية أن تبلغ قيمة الصفقة 805 مليون ريال "217 مليون دولار".
وكشفت المصادر أن البنوك القطرية قامت خلال الفترة الماضية بعمليات مراجعة شاملة لفروعها في دول الحصار، بعد أن بدأت هذه الدول محاولات للتضييق ومنع الفروع من التوسع في عملياتها المصرفية في فترة ما بعد يونيو 2017.
وأكد الخبير المصرفي، عبدالله الرئيسي، أن استراتيجية مصرف قطر المركزي في التعامل مع دول الحصار، تتضمن تقييم العمليات المصرفية من قروض وتمويلات وإيداعات وسحوبات وتحويلات خارجية، مع الاستناد إلى قواعد "العناية الواجبة"، آخذاً في الاعتبار جميع الاعتبارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والجغرافية.
كما تتضمن تلك الإجراءات، وضع نظام فعّال للتقارير الإدارية في كل بنك، وعرضها على المستويات المختلفة، وصولاً للإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، على أن تضطلع إدارة المخاطر بالبنك بدراسة هذه التقارير، وتقييمها في ضوء تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية.
وأشار الرئيسي، إلى إلزام المركزي القطري مجالس الإدارات بإعادة تقييم الاستراتيجيات والسياسات والسقوف على الأقل، وتقييم المخاطر التي يتعرض لها البنك في كل دولة، والتعديل اللازم في ضوء تغير الظروف، مع إجراء اختبارات الضغط للتعويضات الدولية بصفة دورية.
وتأتي هذه الإجراءات، بحسب الخبير المصرفي القطري، لحماية استثمارات البنوك بالخارج، والتسهيلات الائتمانية التي تقدمها بالخارج وتحويلاتها المالية في عدد من الدول، ومنع التعرض لمخاطر هذه الدول.
كما تهدف إلى الحد من المخاطر التي تتعرض لها فروع هذه البنوك بدول الحصار، وإلزام البنوك المحلية بتوخي الحيطة والحذر عند التعامل، وأخذ الاحتياطات اللازمة التي تضمن استيفاء حقوق البنك.
وأكد الرئيسي أن البنوك القطرية حققت أرباحاً قياسية خلال العام الماضي، بالرغم من الحصار، كما توسعت محلياً وخارجياً بصورة جيدة، في الوقت الذي تراجعت فيه أرباح عدد كبير من البنوك الإقليمية والعالمية.
وأضاف: "الأداء الجيد للبنوك في قطر يأتي انعكاساً لقوة الاقتصاد القطري، وهو ما يصب في زيادة أعمال وأنشطة البنوك المحلية، التي عليها أن تواجه هذه الطفرة الكبيرة في المشاريع، وتوفير التمويل اللازم لها من خلال التسهيلات الائتمانية".
على جانب آخر، يؤكد الخبير المالي والمصرفي عبد الله الخاطر، قوة البنوك القطرية وأوضاعها المالية، بدليل الأرباح التي حققتها في 2017، مشيراً إلى أن هذه البنوك "لا تعتمد على أسواق دول الحصار بدرجة كبيرة في الوقت الحالي، في ظل توسعها محلياً وعالمياً".
ولفت الخاطر إلى أن المراكز المالية للبنوك المحلية أثبتت أن الحصار فشل في التأثير عليها بعد الأيام الأولى منه، حيث استطاعت -بالتنسيق مع مصرف قطر المركزي- اتخاذ التدابير المناسبة، التي تحمي هذه البنوك وأموالها في دول الحصار، مع إعداد التقارير الدورية للتعرف على أنشطة البنك وأعماله، ومدى التأثير الذي تم عليها خلال الشهور الماضية.
وتابع: "بعض البنوك بدأت بالفعل في بيع أصولها واستثماراتها بعدد من دول الحصار، حماية لأموالها وحقوقها، خاصة إذا كان العائد على هذه الاستثمارات لا يحقق المرجو منه".
ومن المتوقع، بحسب الخاطر، أن ترتفع أرباح البنوك القطرية خلال العام الجاري، وأن تتسع أعمالها بعد التنمية الشاملة التي تمر بها البلاد حالياً، وزيادة أعداد المشروعات والاستثمارات لمستوى قياسي رغم الحصار.
وأكد أن دور البنوك سيكون محورياً خلال الفترة المقبلة، من خلال تمويل المشروعات بأنواعها كافة، كما أن زيادة موارد الدولة من النفط والغاز والمشروعات الأخرى تساهم في تطوير أداء البنوك، وزيادة أعمالها، وتوسع خدماتها سواء للأفراد أم الشركات.