روسيا تخدع الولايات المتحدة مجددًا بشأن سوريا

توسطت روسيا العام الماضي سلسلة من قرارات وقف إطلاق النار أو ما يسمى بمناطق تخفيف تصعيد في سوريا حيث تتولى الولايات المتحدة منطقة جنوب غرب سوريا في هذا الشأن. وزعم الكرملين أن الهدف من الدعوة لتلك القرارات هو التخفيف من حدة الحرب الأهلية داخل سوريا وإرساء قواعد للتوصل إلى اتفاقية سلام بين نظام بشار الأسد والمجموعات المتمردة.


ولكن ما تفعله روسيا يجعل بعض المراقبين للوضع يتساءلون: هل تحافظ روسيا على وقف إطلاق النار تلك المرة أم تكرر ما تفعله كل مرة وتخرق تلك الاتفاقيات بمجرد أن تعلم باستعداد حلفائها للقيام بهجمات جديدة ضد المناطق التي تأوي المتمردين؟ ولكن يبدو أن الرئيس ترامب يثق في قرارات روسيا ثقة عمياء؛ حيث عبر عن تفاؤله وثقته في روسيا بقوله: "إذا استطعنا تحقيق مزيد من وقف إطلاق النيران فسنستطيع القضاء على هذا النزاع في سوريا" ولكن الواقع يبدو مغايرا لاعتقاد ترامب.

فقد بدأت القوات السورية مؤخرا بدعم من القوات الجوية الروسية القيام بعدد من الهجمات على مناطق تخفيف التصعيد في شرق الغوطة ومدينة إدلب الشمالية، وكالسابق تحتوي تلك الهجمات على جرائم حرب ضد الشعب السوري. فقد فجرت القوات السورية متعمدة عدداً من المستشفيات بالمنطقة، كما تعتبر مدينة إدلب ملاذا لمئات الآلاف من السوريين الذين تركوا منازلهم هربا من الهجمات العسكرية وفروا إلى إدلب سعيًا منهم للحصول على مكان أكثر أمانًا.

وقد أثارت تلك الهجمات اعتراضاً قوياً من تركيا التي قامت روسيا بالتوسط إليها لفرض عدم إطلاق النيران على إدلب. كما صرحت روسيا عن تعرض إحدى قواعدها الجوية لهجمات باستخدام طائرات بدون طيار بدائية الصنع غير معلومة المصدر.

أما عن الجانب الأمريكي، فيبدو أن الرئيس ترامب ما يزال يفضل تجاهل ما يحدث من جرائم ضد الإنسانية في سوريا، كما برر المسؤولون الهجمات على إدلب بوقوع المنطقة تحت سيطرة المجموعات المتمردة التابعة للقاعدة.

وعامة تلك الحجة هي دائما ما تقال تبريراً لما يقوم به نظام الأسد بمعاونة روسيا من خرق لالتزاماتهم. فعلى الرغم من حقيقة وقوع إدلب تحت سيطرة المجموعات المتمردة إلا أن بعض وحدات الجيش السوري الحر متورطة في القتال هناك.

تلك الهجمات جعلت الآلاف من السوريين يحاولون اللجوء إلى تركيا وهم يعانون أثناء ذلك من البرد القارس وانعدام المعونات، واستمرار الوضع الحالي يعني مزيدًا من الانتهاكات ليس فقط من روسيا ولكن أيضا من إيران وهي حليفة قوية لنظام الأسد.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة قد انخدعت بمزاعم روسيا بفرض وقف إطلاق النيران؛ فنظام الأسد يقاتل بضراوة لاستعادة السيطرة على كامل البلاد بالقوة وموسكو تقدم العون اللازم. وبتطبيق سياسة التراجع والتجاهل التي تتبناها الولايات المتحدة حاليًا تعلن إدارة "ترامب" عن عجزها.