واشنطن بوست: ثورة إيران قد لا تطيح بالنظام لكنها تعمق الشرخ الداخلي
قال ديفيد إغناتيوس، الكاتب في صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية إن الثورة الشعبية في إيران قد لا تطيح بنظام الجمهورية الإسلامية، ولكنها بالتأكيد ستعمق الشرخ والتصدع الداخلي، خاصة أنها سلطت الضوء من قرب على تكلفة المغامرات الثورية الإيرانية في الشرق الأوسط وكيف أن النظام صار يدفع ثمن هذه المغامرات داخلياً.
ويضيف الكاتب أن هذه الحركة تختلف عن تلك التي اندلعت في إيران عام 2009، والتي كانت أشبه ما يكون بصراع بين النخب الحاكمة، فضلاً عن أنها كانت في المناطق الحضرية، أما الاحتجاجات الحالية فهي أوسع؛ ومن ثم فإن عملية قمعها قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
وينقل الكاتب عن إليريزا نادر، المحلل بشركة "راند" التي ترصد الاحتجاجات في إيران منذ انطلاقتها، قوله إن هذه الانتفاضة شملت جميع أنحاء البلاد، وجاءت بصورة مفاجئة؛ ومن ثم فإن تعامل قوات الأمن معها كان بطيئاً، إنها ثورة شملت حتى الطبقة المتوسطة في المناطق الحضرية.
تواجه إيران مشاكل هيكلية عميقة، وتعيش في ظل نظام اقتصادي فاسد يهيمن عليه الحرس الثوري الإيراني، وهو نظام اقتصادي غير قابل للاستدامة .
ويتابع الكاتب أن الرئيس ترامب عبّر عن حماسته للثورة في إيران، مشيراً إلى أن واشنطن ستعمل مع حلفائها في الاتحاد الأوروبي من أجل مراقبة أي عنف ممكن أن يتعرض له المتظاهرون من قِبل النظام وإخضاعه للمساءلة إزاء أي انتهاك للحقوق المدنية.
ومثل معظم الاحتجاجات الاجتماعية كانت المطالب الاقتصادية بارزة، ففي أبريل من العام الماضي أعيد انتخاب الرئيس حسن روحاني؛ على أمل تحسين الاقتصاد الإيراني وتحقيق النمو، حيث سبق أن ذكر معهد "غالوب" أن إيران احتلت المرتبة الثالثة في مؤشر الخبرة السلبية بعد العراق وجنوب السودان.
الثورة بإيران في جزء منها، هي رد على التوقعات المرتفعة التي علَّق عليها الإيرانيون آمالهم، التي انتعشت عقب توقيع الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، حيث ازدهرت أحلام الشعب بتحقيق النمو الاقتصادي والرخاء، خاصة أن روحاني ركز على هذا الجانب، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، الأمر الذي أصاب الناس بالإحباط، ومن ثم تفجَّر هذا الإحباط إلى غضب ملأ الشوارع، يضيف الكاتب.
المتظاهرون تجاوزوا كل الخطوط الحمر، فمقاطع الفيديو الواردة من إيران تشير إلى أن الشعب الإيراني، ولأول مرة، يتجرأ على شخصية المرشد الأعلى علي خامنئي، وأيضاً قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، حيث أظهرت تلك المقاطع كيف مزَّق المتظاهرون صورهما.
الشرارة الأولى التي أشعلت الوضع في إيران، والتي كانت من مدينة مشهد، يوم الخميس الماضي، ربما كانت من تنظيم جماعات إيرانية مؤيدة لخامنئي؛ للاحتجاج على سياسات روحاني الاقتصادي، ولكنها سرعان ما انتشرت، ليصبح النظام والملالي هدفاً لتلك الحركة الاحتجاجية.
بعد "مشهد"، كانت مدينة كرمنشاه، التي يسيطر عليها الأكراد، على طول الشريط الغربي لإيران، معقلاً للتظاهرات، فقد شهدت هذه المنطقة زلزلاً قوياً في نوفمبر الماضي أدى إلى مقتل 500 شخص وإصابة أكثر من عشرة آلاف آخرين، ثم انتشرت بعد ذلك إلى الأحواز ذات الأغلبية العربية، وبعد ذلك إلى أصفهان (وسط إيران) وعشرات المدن الإيرانية الأخرى.
لقد تحدى الإيرانيون مشاعر الخوف الذي أدى إلى سحق احتجاجات 2009، فمشاهدة بسيطة لمقاطع الفيديو الواردة من هناك، تمكنك من سماع هتافات مثل "الموت للديكتاتور – اترك سوريا وفكِّر فينا – نموت من أجل أن نحصل على إيران مرة أخرى".
يقول كريم سادجابور، المحلل الإيراني البارز في مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي، إن الانفجار كان مفاجئاً، "لم يكن أحد يتوقع أن يحصل ذلك في قلب الجمهورية الإسلامية، إنه يعكس شعوراً بالإحباط واليأس المطلقَين تجاه كل جزء من النظام".
إن أفضل هدية يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة للشعب الإيراني هي إدامة الاتصال بالعالم الخارجي من خلال وسائل الاتصال الحديثة، حيث يمكن أن يشهد العالم جانباً من نضال الشعب الإيراني، بحسب "الواشنطن بوست".