ولي العهد السعودي يختار حياة البذخ لنفسه دون الشعب

أعلن ولي العهد السعودي بن سلمان من قبل عن خططه لتغيير البلاد وإحداث تطورا مجتمعيا من شأنه أن يغير حياة الشعب السعودي للأفضل. 


وبالفعل اتخذ العديد من القرارات التي تعتبر تحديا لتقاليد المجتمع السعودي منها السماح للمرأة بقيادة السيارة وشن حملة كبيرة لمكافحة الفساد وقراره بفتح دور السينما للجمهور وإعلان حالة التقشف وخططه الجادة لخلق موارد دخل أخرى للسعودية لتقليل اعتماد البلد الكلي على النفط كمصدر الدخل الوحيد. كل تلك الإجراءات تبدوا مقبولة للشباب بالسعودية الذين يتطلعون لتحقيق مجتمع متمدن في بلاده. 

ولكن لولي العهد بعض التصرفات التي تناقض تماما تلك المحاولات لتطوير البلاد.

تناقلت الأنباء مؤخرا قيام بن سلمان بشراء قصر فخم مقابل مبلغ 300 مليون دولار في فرنسا قرب قصر الفيرساي كما اشترى يخت حجمه يصل ل 440 قدم من أحد رجال الأعمال الروسيين في 2015 مقابل مبلغ 550 مليون دولار بالإضافة إلى شراءه لوحة فنية للفنان ليوناردو دا فنشي بملغ 45.3 مليون دولار في مزاد علني ويعتبر هذا المبلغ أعلى مبلغ دفع يوما في أي عمل فني.

وجدير بالذكر أن الأمير محمد بن سلمان قد قام مؤخرا بحملة اعتقالات ل 159 فردا من أغنى رجال الأعمال والمسؤولين والأمراء في السعودية بتهمة الفساد. الأهم بشأن تلك الاعتقالات ليست التهمة فالفساد حتما متفشي في البلاد ولكن ما يهم هو مساومة هؤلاء للتنازل عن جزء كبير من ثرواتهم ما يساوي عشرات المليارات مقابل استرداد حريتهم. تلك طريقة نظام استبدادي وليست دولة حديثة يحكمها القانون.

وقد يقال إن  هذا الأسلوب الأنسب لإجبار هؤلاء على رد الجميل للبلد وتقديم المساعدات في ظل تلك الظروف الصعبة التي تعاني منها السعودية ولكن إذا كان الوضع كذلك لماذا يدفع بن سلمان تلك الأموال الطائلة لشراء هذ القصر الفخم بفرنسا؟ نشرت صحيفة نيويورك تايمز أن هذا القصر اكتمل بناءه في 2009 على الطراز المعماري للقرن السابع عشر ومزود بأحدث التكنولوجيا فيمكن التحكم بنافورة المياه ونظام الصوت والأضواء ونظام تكيف الهواء عن بعد باستخدام الآيفون. 

ولكن المعنى وراء تلك الصفقات سيئ للغاية. لأنها تدل على ازدواجية المعايير بتطبيق سياسة التقشف في البلاد واتخاذ الأمير حياة البذخ لنفسه.

إذا كان يرغب الأمير حقا في أن يكون مثالا للقيادة المتنورة الحديثة فعليه إطلاق سراح كل من ألقي داخل السجن بتهم الإبداع والتعبير عن الرأي وخاصة الكتاب. وقد قام بن سلمان مؤخرا بحملة اعتقالات للعديد من المفكرين والصحفيين والكتاب بتهم لا يبدوا لها معالم واضحة.

 لكي يحقق مجتمعا مدنيا يجب أن يمنح المفكرين حق التعبير عن الرأي ويجب الإفراج عن المدون رائف بدوي الذي يقضي حاليا حكم بالسجن عشر سنوات بسبب استخدام حق التعبير ومهاجمة النظام عبر مدونته الإلكترونية. فتهمته الأساسية كانت بالمطالبة بمجتمع ليبرالي.

حان الوقت لمنح هؤلاء حريتهم وتلك خطوة أساسية لتحقيق مجتمع متمدن.